ر غم أن مصر سبقت المجتمع الدولي في اصدار قانون يمنع الانتهاكات التي ترتكب ضد البشر عندما أصدرت في عام1893 قانون الأحكام العسكرية الذي يعتبر هذه الانتهاكات جريمة يعاقب عليها من يرتكبها, إلا ان تطور اساليب ارتكاب جرائم ضد الانسانية خاصة في أوقات الحروب جعل المشرع المصري يتجه إلي اعداد مشروع قانون يواكب هذا التطور بنصوص مستحدثة تتفق مع ماجاء في القانون الانساني الدولي الذي يلازم جميع الدول ومنها مصر بتنفيذ أحكامه بعد ادخالها في تشريعاتها الوطنية بعد أن صدقت عليها في نهاية التسعينيات. ومما يؤكد أهمية القانون الجديد والذي يناقشه البرلمان قريبا ما ذكره اخيرا الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب حول ضرورة تفعيل القانون الدولي الانساني والذي ينتهك صراحة في المنطقة العربية, مشيرا إلي تقرير جولد ستون والاعتداءات الأخيرة علي غزة تؤكد خطورة الوضع الراهن, كما اكد أن البرلمانيين لهم دور مهم في تفعيل ذلك القانون بالتصديق علي البروتوكولات الخاصة به. ويقول المستشار عبدالغفار هلال نائب الأمين العام لمجلس الشعب وعضو اللجنة القومية للقانون الدولي الانساني ان الاتفاقيات الخاصة كافية ولا تحتاج إلي آليات جديدة ولكن السبب هو التقاعس في إعلان هذه الآلية, فهناك آليات موجودة مثل البروتوكول الاضافي الأول مادة1977/90 لكن لجنة تقصي الحقائق لا تعمل مطلقا منذ انشائها ولم تجتمع ولو مرة واحدة, فالأمر معني بسياسة الدول, والمطلوب هو نقل التشريعات الدولية في المعاهدات إلي المنظومة التشريعية الوطنية لمحاكمة أي شخص مهما تكن جنسيته علي جريمته في أي مكان فقد وقعت192 دولة علي الاتفاقيات فلابد أن تتعاون دول العالم لمقاومة تلك الانتهاكات, ولتفعيل هذا القانون الدولي يجري حاليا اعداد مشروع قانون وطني بواسطة لجنة القانون الدولي الانساني والمشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء موضحا أن مصر متقدمة في هذا الحقل منذ أكثر من قرن بقانون الاحكام العسكرية1893 والقانون25 لسنة1966 وقانون العقوبات منذ سنة1940, وحاليا هناك توصية تجعله مادة تدرس في السنوات الدراسية بالجامعات والمدارس, وحسب الاحصائيات الأخيرة هناك388 مدرسة علي مستوي الجمهورية ادخلت هذا الموضوع لأهميته. ويقول المستشار شريف عتلم المنسق الاقليمي لقسم الخدمات الاستشارية باللجنة الدولية للصليب الأحمر أن منظومة تطبيق القانون الدولي الانساني مخاطب بها جميع دول العالم. أولا: لاتخاذ الاجراءات التشريعية اللازمة وفقا للنظام الدستوري لكل دولة لإدراج العقوبات اللازمة مع جرائم الحرب. ثانيا: اتخاذ ما يلزم لإدراج القانون الدولي الانساني في الأوساط العسكرية ونشر احكام هذا القانون علي أوسع نظام ممكن في زمن السلم كما هو في زمن الحرب وتأهيل الكوادر القضائية والقانونية في التعامل مع القانون الدولي الانساني. واشار شريف عتلم إلي أنه في المنطقة العربية ومنذ عام1999 وبمناسبة ذكري الاحتفال بمرور50 عاما من اتفاقيات جنيف لعام49 بدأت جامعة الدول العربية من خلال الإدارة القانونية بها واللجنة الدولية للصليب الأحمر من خلال قسم الخدمات الاستشارية للقانون الدولي الانساني في طرح خطط عمل إقليمية مع الدول العربية لاتخاذ إجراءات محددة لتطبيق القانون الدولي الانساني, وقد أسفر عن إنشاء14 لجنة حكومية في14 دولة للقانون الدولي الانساني تتضمن مختلف الوزارات المعنية بتطبيق القانون الدولي الانساني, حيث تم انشاء مراكز اقليمية في اطار مجلس وزراء العدل العرب ووزارة الخارجية بدولة الامارات ووزارة العدل الكويتية لتدريب الكوادر الحكومية في مجال القانون الدولي الانساني, واسفر الجهد أيضا عن تنظيم دورات تدريبية متخصصة لأكثر من600 مشارك من19 دولة عربية. وقال عتلم إن هذا القانون اخذ بعدا عمليا في مصر خاصة بعد الاحتفالية الخاصة بالقانون بالعيد الخمسين لاتفاقيات جنيف عام99 وكان تحت رعاية السيدة الفاضلة سوزان مبارك, واعتمد في ختام اعماله اعلان القاهرة لتعديل احكام القانون الدولي الانساني, وكانت هي الشرارة الأولي لتفعيل منظومته علي الصعيد الاقليمي العربي. وجاء تشكيل اللجنة القومية المصرية في مطلع عام2000 ليبرهن علي الدور المصري الرائد في الاجراءات الخاصة بالتطبيقات الوطنية للقانون الدولي الانساني, واعتماد مجموعة من التشريعات النموذجية علي الصعيدين الاقليمي والعربي.