30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 13 يونيو 2024    قائمة مصاريف المدارس الحكومية 2024 - 2025 لجميع مراحل التعليم الأساسي    حريق هائل يلتهم مصفاة نفط على طريق أربيل بالعراق    انتعاش تجارة الأضاحي في مصر ينعش ركود الأسوق    تراجع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 13 يونيو 2024    القيادة المركزية الأمريكية تعلن عن تدمير ثلاث منصات لإطلاق صواريخ كروز للحوثيين في اليمن    ضربات أمريكية بريطانية على مجمع حكومي وإذاعة للحوثيين قرب صنعاء، ووقوع إصابات    «القاهرة الإخبارية»: حماس تعلن تعاملها بإيجابية في مفاوضات وقف العدوان على غزة    بريطانيا تقدم حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا بقيمة 309 ملايين دولار    قرار عاجل من فيفا في قضية «الشيبي».. مفاجأة لاتحاد الكرة    البرازيل تنهي استعداداتها لكوبا 2024 بالتعادل مع أمريكا    يورو 2024| أغلى لاعب في كل منتخب ببطولة الأمم الأوروبية    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم: جحيم تحت الشمس ودرجة الحرارة «استثنائية».. مفاجأة في حيثيات رفع اسم «أبو تريكة» وآخرين من قوائم الإرهاب (مستندات)    حجاج القرعة: الخدمات المتميزة المقدمة لنا.. تؤكد انحياز الرئيس السيسي للمواطن البسيط    متى موعد عيد الأضحى 2024/1445 وكم عدد أيام الإجازة في الدول العربية؟    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    محمد ياسين يكتب: شرخ الهضبة    حامد عز الدين يكتب: لا عذاب ولا ثواب بلا حساب!    عقوبات صارمة.. ما مصير أصحاب تأشيرات الحج غير النظامية؟    «اللعيبة مش مرتاحة وصلاح أقوى من حسام حسن».. نجم الزمالك السابق يكشف مفاجأة داخل المنتخب    «طفشته عشان بيعكنن على الأهلاوية».. محمد عبد الوهاب يكشف سرا خطيرا بشأن نجم الزمالك    أول تعليق من مغني الراب.. «باتيستويا » يرد على اتهامات «سفاح التجمع» (فيديو)    عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التوكيل في ذبح الأضحية؟    تصل ل«9 أيام متتابعة» مدفوعة الأجر.. موعد إجازة عيد الأضحى 2024    مفاجأة مدوية.. دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد    في موسم الامتحانات| 7 وصايا لتغذية طلاب الثانوية العامة    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل اللحم المُبهر بالأرز    محمد عبد الجليل: أتمنى أن يتعاقد الأهلي مع هذا اللاعب    مصرع شاب غرقًا فى نهر النيل بالغربية    هل يقبل حج محتكرى السلع؟ عالمة أزهرية تفجر مفاجأة    التليفزيون هذا المساء.. الأرصاد تحذر: الخميس والجمعة والسبت ذروة الموجة الحارة    شاهد مهرجان «القاضية» من فيلم «ولاد رزق 3» (فيديو)    المجازر تفتح أبوابها مجانا للأضاحي.. تحذيرات من الذبح في الشوارع وأمام البيوت    أبرزها المكملات.. 4 أشياء تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    ما بين هدنة دائمة ورفع حصار.. ما هي تعديلات حماس على مقترح صفقة الأسرى؟    بنك "بريكس" فى مصر    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    لماذا امتنعت مصر عن شراء القمح الروسي في مناقصتين متتاليتين؟    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    أستاذ تراث: "العيد فى مصر حاجة تانية وتراثنا ظاهر فى عاداتنا وتقاليدنا"    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    اليوم.. النطق بالحكم على 16 متهمًا لاتهامهم بتهريب المهاجرين إلى أمريكا    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    استقرار سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية بالأسواق فى ختام الأسبوع الخميس 13 يونيو 2024    سعر السبيكة الذهب الآن وعيار 21 اليوم الخميس 13 يونيو 2024    "لا تذاكر للدرجة الثانية" الأهلي يكشف تفاصيل الحضور الجماهيري لمباراة القمة    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    المزاد على لوحة سيارة " أ م ى- 1" المميزة يتخطى 3 ملايين جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل أن تكره نفسك‏..‏ إليك مايلي
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 06 - 2010

قد يسير الواحد منا دون أن يلحظ في طريق كراهية النفس والانتقام منها‏,‏ ومن يرغب في معرفة عدد السائرين إلي تلك الرحلة‏,‏ عليه أن يسأل عن عدد الذين يعانون من ضغط الدم‏ أو مرض السكر أو أزمات القلب‏,‏ ففي قاع نهر الاصابة بتلك الأمراض يمكننا أن نري كراهية النفس كعامل شديد القدرة علي إضعاف مقاومة الجسم ضد تلك الأمراض التي قد يكون لبعضها جذور في الوراثة‏,‏ ولكن تأكد الإصابة بها يكشف عن درجة ما من الانتقام الذاتي الذي يمارسه الانسان ضد نفسه‏,‏ لا بأسلوب حياته الممتليء بالفوضي فقط‏,‏ سواء طريقة تناوله للطعام‏,‏ أو انغماسه فيما يضر من العادات‏,‏ بل الاندماج في نسيان حقيقة أساسية وهي أن الجسد البشري هو مملكة الروح وليس بيتا تسكنه عفاريت الطموح والأطماع التي تنسي الإنسان قيمة سيطرة الروح علي تفاصيل إدارة الحياة‏.‏
هكذا كانت تتحدث صديقتي الدكتورة فيفيان بشارة ماكورمك المصرية الميلاد والمحاضرة في علم النفس بجامعة فيرجينيا‏,‏ فتقول في واحدة من محاضراتها قد تبدو الحياة الأمريكية هي النموذج الذي يسعي إليه المليارات من شباب العالم علي ضوء الصور المتتابعة علي شاشات التليفزيون في المسلسلات والأفلام‏,‏ حيث السيارات الفارهة والبيوت المتسعة وسهولة الحصول علي الدولارات‏,‏ علي الرغم من أن الواقع اليومي يؤكد أن الأمريكي هو من أكثر البشر معاناة من فيضان تزييف الخيال عبر الاعلانات التي تصور امتلاك الأشياء علي أنه جوهر التطور‏,‏ بينما جوهر التطور ينبع أساسا من إعادة السيطرة علي الجسد بإطلاق قدرات الروح لتتأمل بميزان شديد الحساسية في معني ما يمكن أن يستفيد منه الإنسان إن غرق في ديون البطاقات الائتمانية‏,‏ وأقساط المنزل الباهظة أو ارهاق تمني الأشياء التي تمنحك رفاهية هائلة دون أن تزيد من دخلك أو تساعدك علي تطوير نفسك‏.‏
وأضافت د‏.‏ فيفيان إن عصرنا يبيع لنا جميعا أوهاما ضخمة تضم في أعماقها منافع صغيرة‏.‏ وعلي الانسان ألا يستبدل راحة معدته علي سبيل المثال بوهم الأطعمة الجاهزة التي تقوم مقام معاول الهدم للجسد‏,‏ فتزيد نسبة الدهون الضارة‏,‏ بل علينا أن نتعلم من اليابانيين علي سبيل المثال أيضا أن الوجبة الفاخرة هي الوجبة القليلة الحجم والمنوعة الفائدة‏,‏ فما معني التهام كوب ضخم للغاية من المياه الغازية‏,‏ وهو يحمل في داخله كمية هائلة من الخديعة الممزوجة بمواد تسبب سمنة مفرطة‏,‏ إنها ممارسة كراهية النفس‏,‏ لأننا لا نمد أبصارنا إلي ما بعد شرب تلك الكمية الضخمة من المياه الغازية‏.‏
وسألتني د‏.‏ فيفيان سؤالا شخصيا لقد كنت أراقب ملامحك المندهشة وأنا أوصي تلاميذي بقراءة الأديب الألماني هيرمان هسه‏,‏ وهو من أوصاني بقراءته أستاذنا الراحل الأستاذ الدكتور حسن ظاظا أستاذ الأدب المقارن واللغات الشرقية وهو من درست علي يديه في آداب الإسكندرية قبل أن أهاجر إلي فرجينيا‏,‏ وكان حسن ظاظا يري أن الأدب العظيم هو المعلم العظيم لصيانة الحياة‏,‏ وهو من نال أكثر من درجة دكتوراه من السربون في العديد من فروع اللغات‏,‏ وكان يري في هيرمان هسه الألماني الذي عاش بعمق في حالة مزاوجة هائلة بين حضارة الغرب المادية وحضارة الشرق الروحانية‏,‏ فأنتج لنا أدبا رفيعا تمثل في روايات هامة مثل سد هارتا عن بوذا وحياته التي بدأها غارقا في اللذائذ وانتهي إلي معني غني النفس بمعرفة قيمة ما يجب أن يسعي إليه فقاد العديد من البشر إلي صفاء مملكة الجسد بسيادة الروح‏,‏ وهو أيضا مؤلف رواية لعبة الكريات الزجاجية التي تصف حقائق مصالحة العقل مع الروح‏,‏ ولعلك لا تعلم أن هيرمان هسه الذي تشرب بثقافة الهند والشرق‏,‏ وثقافة المادة في الغرب وخضع لنزق الصراع النفسي‏,‏ ثم وصل إلي شاطيء الأمان‏,‏ لعلك لا تعلم أنه كان الدافع وراء دراستي وتدريسي لعلم النفس بعد أن هاجرت من مصر إلي فيرجينيا‏.‏
أقول‏:‏ ولكنك كدارسة لعلم النفس كيف لك أن تعرفي أن كراهية النفس تقود إلي أمراض مثل ضغط الدم والسكر وأمراض القلب؟ تقول لي‏:‏ لقد درست في مشروع مشترك مع مستشفي الجامعة اعدادا هائلة من المصابين بتلك الأمراض‏,‏ ووجدت في مجموع من درستهم انغماسا في كل ما هو مسبب لتلك الأمراض‏,‏ فأسلوب الحياة غير المتوازن هو الذي يوقظ العوامل الوراثية لتلك الأمراض في الجسد‏,‏ ولو أبطأ الإنسان في سرعة اللهث من أجل أهداف تفوق قدراته‏,‏ لاستمتع بصحة نفسية تحميه من تلك الأمراض‏,‏ فكأن اللهث غير المجدي أو الذي يدفعك إلي الصراع‏,‏ هو نوع من كراهية النفس إلي درجة تدميرها‏.‏
تركت د‏.‏ فيفيان لأسبح بالتأمل في أدب هيرمان هسه الذي يمكن أن نتعلم منه فن الحياة دون كراهية‏.‏
المزيد من مقالات منير عامر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.