قوية توت آمون السياحية الواقعة علي شاطيء وبحيرة ناصر.. هي قضيتنا اليوم علي صفحات سياحة وسفر.. وهي قضية ساخنه بالطبع لأنها مثار حديث الآن في الشارع المصري فيه كثير من الحقائق وكثير من المغالطات.. والإشاعات عن فساد وعن أسماء بعينها.. ولذلك آثرنا أن نضع قصة هذه القرية كاملة بكل ما يحيط بها أمام القاريء العزيز. وكان قرار الرئيس حسني مبارك قد فجر هذه القضية بالغائه جميع التعاقدات التي تمت بشأن بيع الارض والقرية المقامة عليها(238 فدانا) وإعادة طرحها في مزاد علني بحق الانتفاع لمدة49 عاما... وذلك بعد المناقشات والاعتراضات التي شهدتها اللجنة الاقتصادية في مجلس الشعب حول قيان شركة مصر اسوان المالكه للارض والقرية ببيعها بثمن زهيد من وجهة نظر بعض اعضاء اللجنة وهو84 مليون جنيه نقدا الي شركة بالم هيلز وهي شركة خاصة لمجموعة من المساهمين علي رأسهم الوزيران السابق والحالي محمد منصور وأحمد المغربي.. ولكن الشركة لم تدفع سوي12 مليون جنيه وذلك في مارس2008 واشترطت انتهاء التسجيل للارض حتي تدفع كامل المبلغ لكن التسجيل لم يتم لاسباب عديدة.. ولم ستلم الشركة الأرض. * المثير أن الشركة المالكة كانت قد باعت نفس الأرض والقرية الي شركة أخري باسم جزيرة أمون لمجموعة مساهمين في مزاد علني بمبلغ نحو90 مليون جنيه بالتقسيط في يناير2007 وحدث خلاف ايضا علي التسجيل وعلي مساحة الارض ورفعت الشركة المشترية قضية أمام المحاكم ولم تتسلم الارض. برغم أنها سددت9 ملايين جنيه من الثمن(10% مقدم) ولكن الشركة المالكة صادرت المبلغ وأعادت طرح الشركة للبيع مرة اخري ومن هنا جاء البيع مرة ثانية لشركة بالم هيلز. * أعود إلي أصل الحكاية والقصة لأوضح البدايات التي أوصلت إلي هذه النتائج والتي أدت الي تدخل الرئيس وبداية أقول: * الشركة المالكة للأرض والقرية هي شركة مصر أسوان للسياحة وهي شركة مساهمة وفقا لاحكام القانون159 لسنة1981 وانشئت عام1979 بغرض التنمية السياحية في هذه المنطقة وتمتلك الشركة كذلك فندق نفرتاري في ابوسمبل. * والشركة برغم أن المساهمين فيها شركات عامة إلا أن بها مساهمات خاصة لكن نسبة المال العام فيها أكبر( نحو93%) والمساهمون بالترتيب وبحجم رأس المالك هم شركة مصر للطيران(25%) وشركة مصر للتأمين(23%) وشركة ايجوت(19%) وهيئة المجتمعات العمرانية(14%) وبنك التعمير والاسكان(4%) وشركة مصر للفنادق(3%) ومحافظة اسوان(2%) وشركة الاستثمار الكويتية(4%) ومصر للتعمير(2%) * كان يرأس مجلس ادارة الشركة السيد كمال قنديل والذي تمت في عهده عمليتا البيع الأولي والثانية إلي أن اختار المساهمون رئيسا جديدا لمجلس إدارة الشركة وهو اللواء محمد حسن الرئيس الحالي في2009/1/1 وهو ممثل مصر للطيران. * تمتلك الشركة قرية آمون علي بحيرة ناصر(252) غرفة5 نجوم و36 غرفة(3 نجوم) وفندق نفرتاري في ابوسمبل(122 غرفة)4 نجوم. * القرية كانت تديرها شيراتون العالمية منذ إفتتاحها في عام1985 واستمرت عامين فقط وانسحبت بعد أن بدأت تحقق خسائر ولذلك تديرها الشركة المالكة ادارة ذاتية من1987 وحتي اليوم.. ولكن استمرت الخسائر التي وصلت إلي أكثر من10 ملايين جنيه ولم يعد بالقرية نسبة إشغال تقريبا لا تتعدي أصابع اليد الواحدة في بعض الأيام ومن هنا تم الاستغناء عن عدد كبير من العمالة وفي نفس الوقت بدأت أحوال القرية تتدهور وتحتاج إلي ملايين للتطوير ورفض المساهمون واقترحوا إغلاقها أو عرضها للبيع إلي أن تتحسن احوال السياحة ونسب الاشغال. * كان الرأي الذي وافق عليه مجلس الإدارة عام(2005) هو البيع في إطار الاتجاه القوي للخصخصة في ذلك الوقت بسبب عدم القدرة علي تشغيل القرية واستمرار الخسائر فكان الحل في انقاذ الشركة ورأس المال بالبيع * أتوقف هنا عن نقطه انحسار السياحة ونسب الإشغال عن القرية, وأقول إن ذلك كان صحيحا بالفعل, ففي نهاية التسعينات كان الارهاب وبالتالي انخفاض السياحة في الصعيد كله خاصة إلي منطقة بحيرة ناصر ولم تعد السياحة تذهب الي هناك أضف إلي ذلك أن هذه القرية تصميمها المعماري صعب جدا فهي ممتدة بشكل أفقي وبها سلالم ومرتفعات وانخفاضات كثيرة والمرافق غير مجمعة وبعيدة عن الغرف ولذلك كانت الشركات والسياح لا يفضلونها إطلاقا وبدأوا يعزفون عنها برغم أنها في منطقة رائعة وفي غاية الاهمية من حيث الطبيعة والموقع الاستراتيجي إلا أنها خارج الامتداد العمراني لاسوان وخارج الخريطة السياحية بشكل عام ومن هنا توقفت السياحة إليها علي غير ما كان يخطط القائمون علي إنشائها وبالطبع هي عملية تتعلق بمنظومة السياحة بشكل عام في مصر خاصة الجنوب. * في هذه النقطة ايضا أضطر إلي العودة إلي حديث سبق أن كررته أو كتبته كثيرا أو هو ضروة الاهتمام بالترويج السياحي والسياحة الثقافية والعلاجية في الصعيد واسوان وجنوب مصر بشكل عام من خلال حملات متخصصة تركز علي روعة هذه الاماكن وضرورة الاهتمام بالخدمات السياحية فيها ولكن الجميع إلتفت الي شرم الشيخ والغردقة ونسي أسوان وبالتالي انحسرت السياحة الي كل هذه المناطق منذ نهاية التسعينات وحتي الان. * أعود إلي عملية بيع القرية مرتين وما حدث من مشاكل أدت الي تدخل الرئيس مبارك وأقول: * إن عملية البيع طرحت لأول مرة بموافقة الجمعية العمومية للشركة المالكة( المساهمين) في2005 وتم تكليف3 مكاتب متخصصة لتقييم سعر الأرض والقرية فتراوحت الأسعار بين55 مليونا و70 مليون جنيه. وفي كل الاحوال كان البيع أعلي من سعر التقييم بنحو20 مليون. * ثم بعد ذلك طرح عملية البيع في مزاد علني فازت به في عام(2007) شركة جزيرة أمون علي أن تدفع10% مقدم و30% عند التوقيع و70% علي اقساط لمدة عامين لكن حدث خلاف بين الشركة المالكة والمشترية جزيرة أمون علي مساحة الارض ولم تدفع ال30% وبالتالي صادرت شركة مصر أسوان المالكة المقدم واعلنت عن مزايدة أخري فرفعت شركة جزيرة أمون قضية * بعد ذلك اعلنت مصر اسوان عن مزايدة جديدة ولكن بنظام الاختبار من بين الشركات ذات السمعة الجيدة والخبرة وخاطبت نحو28 شركة كبري ولكن تقدمت فعليا للمزايدة3 شركات فقط منها بالم هيلز التي فازت بالصفقة حيث تقدمت بأعلي سعر وهو84 مليون جنيه نقدا وسددت بالفعل12 مليون جنيه وقامت بتسجيل نحو200 فدان من الأرض فقط لأن الباقي38 لم يتم الموافقة علي تسجيلها لانها ملك هيئة بحيرة السد العالي وحرم للبحيرة وحدث الخلاف ولذلك لم تسدد بالم هيلز باقي المبلغ الي أن يتم التسجيل. * المفاجآة انه في2009/9/28 صدر حكم ابتدائي لمصلحة الشركة الأولي جزيرة أمون بضرورة أن تقوم مصر اسوان بتسليمها الارض طبقا للمزايدة الأولي لكن الشركة المالكة طعنت علي الحكم ومحدد نظر الطعن26 يوليو الحالي. وبالتالي لم تتم تسليم الارض لا للشركة الأولي جزيرة أمون ولا للثانية بالم هيلز حتي تاريخه.. ومن هناك تعثرت الصفقة وبدأ الكلام.. وبدأ التشكيك في سعر البيع وعلي وجه الدقه عملية تقييم السعر برغم أنه قامت به ثلاثة مكاتب كبري من خارج الشركة المالكة التي اختارت السعر الأعلي ورغم أن المزايدة الأولي والثانية كانت في العلن والاجراءات سليمة.. لكن يمكن القول انه كان لا ينبغي اجراء المزايدة الثانية قبل انتهاء النزاع القضائي مع الشركة الأولي حتي لا تحدث الأزمة. * وأخيرا جاء الرئيس حسني مبارك في الموعد كعادته وبحسه الوطني وألغي جميع التعاقدات وحسم القضية وبدأت شركة مصر اسوان في تنفيذ قرار الرئيس مبارك بالفعل وعقدت أمس اجتماعا لمجلس إدارتها للتفاهم مع شركة جزيرة أمون وبالم هيلز حيث ابدت الشركتان استعدادهما للرجوع عن الصفقة احتراما وتقديرا لقرار السيد الرئيس حسني مبارك, كما ستبدأ الشركة في اتخاذ خطوات لإعداد القرية بالبيع بنظام حق الانتفاع لمدة49 عاما. * هذه هي القصة الكاملة لقرية توت آمون.. لكن بالطبع مازالت التساؤلات قائمة في الشارع.. هل كان تدخل الرئيس مبارك بسبب انخفاض سعر البيع؟ أم بسب وجود أسماء بعينها في الصفقة كمساهمين في الشركة الثانية؟ أم بسبب توجه الدولة للعمل بنظام البيع بحق لانتفاع في الفترة الاخيزة بدلا من البيع؟ أم لأن هذه المنطقة نظرا لحساسية موقعها مثل سيناء لا يجب أن تباع لشركات مساهمة خوفا من دخول مساهمين اجانب في هذه المناطق المهمة من أرض مصر؟ أم لكل هذه الاسباب مجتمعة؟ الإجابات بالطبع عند السيد الرئيس حسني مبارك.. الذي نثق فيه.. والذي تعودنا منه الصدق والحرص علي كل مايمس الصالح العام والمال العام.. ومصلحة مصر...[email protected] المزيد من مقالات مصطفى النجار