نجحت مكتبة الإسكندرية في إختيار الفنان صاروخان لعمل معرض إستيعادي له بالقاعة الكبري بالمكتبة بمشاركة الجمعية الخيرية الأرمنية بالقاهرة, فصاروخان فنان بكل معني الكلمة وتاريخ عريق في العمل الفني الكاريكاتيري المصري. وعمل معرض بأعماله هو تذكرة للأجيال الشابة بأن هناك تاريخا ورموزا فنية لهذا النوع من الفن لها أعمال باقية تتحدي الزمن والأيام,وصاروخان عبر بأصالة عن كل الأحداث التي مرت به وكانت ريشته حية ورؤيته أصيلة وعميقة مما جعل ذكراه صامدة أمام الأيام. فصاروخان واحد من أعمدة فن الكاريكاتير في مصر والغريب أنه كان في عصر ذهبي للكاريكاتير والغرابة أنه علي كثرة هؤلاء العمالقة وأعمالهم الكبيرة وفي الصفوف الأولي منهم صاروخان,فاذا بهذا التراث ينهار في فن عبثي تصبح النكتة فيه هي الأساس وهي أيضا نكتة بلاطعم ولا لون يعكس هؤلاء المبدعين فنجد أن صاروخان يقدم الكاريكاتير الناقد والاعم للتطور الإنساني في مصر,فالكاريكاتير ليس نكتة ولكنه موقف سياسي واجتماعي وتألق بين مبدعين كبار لعل الجيل الجديد يتوقف قليلا أمام هذا المعرض لصاروخان بل وأمام أعمال كل فناني جيله مثل عبدالسميع وصلاح جاهين وأبو العينين والقائمة كبيرة فلابد أن يستعيد هذا الفن مجده وتألقه فعيب كبير أن يفقد شعب ابتسامته ولذاعة النكتة فيه. يقول المايسترو شريف محيي الدين مدير مركز الفنون: إن صاروخان يمثل علامة فارقة في فن الكاريكاتير المصري الحديث,وهو من فرز الحركة الديمقراطية المصرية في زمان الحرب والإحتلال والإقطاع والحيوية السياسية والإجتماعية والثقافية. وأكد الدكتور مصطفي الرزاز, مستشار المكتبة للفنون التشكيلية, أن مركز الفنون يحتفي بأحد الرواد من أصحاب التميز الفريد في فن الكاريكاتير المصري, معتبرا أن صاروخان(1898 1977), شخصية جمعت بين المعايشة واختراق المناخ السياسي والاجتماعي والإعلامي في مصر طوال خمسين عاما من حياته, ونجح في التعبير عن قضايا الوطن الذي اختاره. ويشير الفنان هرانت كشيشيان إلي أن المعرض يعد إسهاما في إثراء الحياة الثقافية في مصر, وتعريف الأجيال الناشئة من شباب المثقفين وهواة الفن ومحبيه بواحد من أهم فناني الكاريكاتير في مصر والعالم خلال القرن العشرين. اشتهر صاروخان بأنه زعيم فناني الكاريكاتير السياسي في مصر, حيث ذاع صيته منذ أن ظهر له أول كاريكاتير سياسي في عام1928 علي الصفحة السابعة للعدد123 من مجلة روزاليوسف( الذي كان يرأس تحريرها آنذاك الصحفي الكبير محمد التابعي), حتي آخر كاريكاتير سياسي له ظهر في جريدة الأخبار في يوم وفاته, أي الأول من يناير( كانون الثاني)1977. وقال كشيشيان: إنه بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما علي رحيله( صاروخان), وبعد أن نقوم بإلقاء نظرة شاملة علي إنتاجه الفني الضخم, نكتشف أنه في الواقع فنان شامل, رسم الكاريكاتير الاجتماعي والبورتريهات الكاريكاتيرية والرسوم التوضيحية الكاريكاتيرية لبعض الكتب. كذلك رسم أحيانا الكاريكاتير الذي يعلق علي نحو تهكمي ساخر علي بعض الظواهر التي لها علاقة بالفن والثقافة, كل ذلك بالإضافة إلي الكاريكاتير السياسي الذي كان يرسمه يوميا. وأوضح كشيشيان أن عددا غير قليل من رسوماته السياسية تعد اليوم من الكلاسيكيات, يقدم بعضها في هذا المعرض لأنها تخطت الأهمية اللحظية بفضل ذكاء الفنان الخارق, واتخذت مدلولات تاريخية طويلة الأمد. وعلاوة علي تلك النخبة من رسوماته السياسية فإن أغلب أعماله في المجالات الكاريكاتيرية الأخري لا سيما في مجال الكاريكاتير الاجتماعي تعد اليوم أعمالا فنية ممتازة, بل يعد بعضها من روائع فن الكاريكاتير في كل زمان ومكان.