رغم انها أسواق عشوائية ومخالفة للقانون إلا أن تجارة الأرصفة بلغ حجمها إلي مايقرب من75 مليار جنيه في العام الماضي وفقا للتقديرات الحكومية. وأسواق الرصيف أصبحت أمرا واقعا برغم حملات شرطة المرافق المتواصلة عليها إلا أن الواقع والظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار أدت لانتعاش هذه الاسواق التي تبيع السلع المغشوشة والمهربة علي حساب المحال والمعارض التجارية. تقارير الغرف التجارية تؤكد وجود مالايقل عن9 ملايين شخص يحترفون البيع علي الأرصفة, كما أن جملة الاستثمارات فيها بلغت75 مليار جنيه وفقا لتقارير الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء. أما تجار الأرصفة, فلابديل أمامهم لأن سوق العمل مغلقة أمام المؤهلات, فما بالنا بمن هم أدني, بالاضافة إلي الآلاف الذين لفظتهم مصانع القطاع العام وشركات بعد الخصصة. في رصده للظاهرة التي تنامت خلال السنوات الأخيرة يقول الدكتور أحمد حمزة بتجارة الزقازيق إن الظاهرة بدأت في القاهرة وامتدت إلي جميع المحافظات والتجار غالبا مايتعاملون مع سلع أقل جودة أما الزبائن فمن الفقراء والطبقة المتوسطة, ويشير إلي أن الإقبال علي تجارة الأرصفة, قد أثر بالسلب علي حجم مبيعات المحال, وهو مادفع أصحابها الي مشاركة تجار الأرصفة في أرزاقهم, حيث يؤجرون لهم الأرضية أمام محالهم, وأحيانا يوردون لهم السلع الرديئة لتسويقها. ويضيف أنه في عام2009 فقط بلغ حجم تجارة الأرصفة نحو75 مليار جنيه وفقا للتقديرات الحكومية في حين أن تقديرات أخري تقدرها ب250 مليار جنيه تستثمر فيما يعرف بالاقتصاد السري الذي يشمل أيضا تجارة المخدرات الي جانب السلع الردئية والمغشوشة والمهربة. وفي جولة تحقيقات للأهرام مع أسواق الرصيف بدأناها من شارع الجلاء حيث يجلس أحمد حسونة, المقبل من المنوفية للعمل في القاهرة, متزوج ولديه3 أطفال, ورغم أنه حاصل علي دبلوم تجارة, إلا أنه استمر في البحث عن عمل ولكن دون جدوي. شقيقه سايس أقنعه بالرحيل إلي العاصمة, وتمكن بعلاقاته أن يعفيه من نصف ثمن الأرضية التي يجب ان يدفعها لمجرد الوقوف ببضاعته في الشارع, ومن خلال أحد تجار الملابس أحضر له البضاعة, أحمد يعتبر أن اسرار الشغل كثيرة, ولكنه لايبوح بها حفاظا علي لقمة العيش, وهو يتعجب من الحكومة علي حد قوله من مطاردة رجال الشرطة لباعة الأرصفة رغم انهم لايملكون موردا آخر للرزق. علي كل لون الميادين, الشوارع, إشارات المرور, وسائل المواصلات, هي الأسواق المختارة لشباب عاطل, والبائع الجديد لامكان له إلا بموافقة الكبير الذي غالبا مايكون واحدا من البلطجية أو صاحب محل غير بياع كما يقول خالد أبو عبده, فالعمل هنا إما بيومية أو بنسبة من الربح, والغريب ان كل هؤلاء الباعة وقعوا علي شيكات وإيصلات أمانة للحصول علي موطأ قدم في أسواق الغلابة. البائع محمد نجيب, موظف حكومي, لم يكن بحاجة لأن يكرر نداءه أكثر من مرتين أو ثلاث مرات حتي يتوقف امامه العشرات يقلبون في بضاعته التي يضعها داخل صندوق خشبي متهالك, نجيب قالها: وداعا للنوم بدري, وداعا لكسفة يوم الخميس, في شارع رمسيس أمام مسجد العنانية, وفي الجهة المقابلة له من الرصيف إلي جوار باعة كل شيء اكتفت احدي السيدات بالنظر من بعيد إلي بضاعة نجيب قائلة والله مابينفع, الاكياس والزجاجات المتسخة والملوثة لا اسم لها, مجرد ورقة مكتوب عليها بخط ردئ, لعلاج سرعة القذف, أو لعلاج ضعف الانتصاب فقط5 جنيهات تكفي لتحقيق الحلم إذا صدق نجيب. أما مسجد الكحلاوي القريب من مسجد السيدة عائشة واحدة من أهم أسواق الأدوية التي تباع علي الرصيف, كثير من الأدوية مستعملة ويبقي القليل في عبواته سواء أقراص أو حقن أو شرب, البائع الذي رفض ذكر اسمه في بداية الأمر تشجع عندما قلت له إنني سأكتفي بالاسم الأول فقط, فقال إن اسمه عبدالحميد, وطبعا يعول أسرة كبيرة ليس له وظيفة أخري, والمفاجأة أنه صارحني بأنه حاصل علي بكالويوس تجارة لكنه عمل لمدة سنة في القطاع الخاص ولم يكن المرتب كافيا, عبدالحميد قال لي إن تجار السوق ورواده من الفقراء, وربما الجهلة, فالبائع يبحث عن فرصة عمل والمشتري اضطرته ظروفه إلي الوقوف امامه والفصال ايضا. في موقف السلام ومحطة المرج وشارع شبرا وكل شوارع وسط المدينة وإلي جوار الملابس والاحذية والمستلزمات المنزلية تباع مستحضرات التجميل والعطور التي تحمل اسماء أشهر الماركات العالمية وتجد اقبالا كبيرا من كل المستويات, فالتقليد غاية في الإحكام, والعلبة التي يبلغ ثمنها200 جنيه في الصيدليات تباع ب10 جنيات. أما العينات الصغيرة الاصلية فتباع بجنيهين لمن يشتري المقلدة, أما في سوق امبابة فالبضاعة كلها بدون ماركة أو علامة تجارية وعندما سألت البائع قال إنها ستوك أي أنها مخلفات المصانع, حيث توجد بها أخطاء أو غلطات علي حد قوله. في الإسكندرية بدأت تجربة للتخلص من فوضي تجارة الرصيف لكنها لم تكتمل, ففي عام2009 قرر المحافظ عادل لبيب منح تجار الرصيف رخصا لمزاولة المهنة كما تم استخراج بطاقات ضريبية لهم, بشرط الالتزام بالاماكن التي خصتها لهم المحافظة, كما تم انشاء أكشاك مجمعة في منطقة المنشية, لكنها احترقت لعدم توافر الأمن الصناعي.