الحادثة التي جرت... هذه الحادثة وقعت منذ سنوات عندما تم تدمير برجي مركز التجارة العالمي بنيويورك.. وعرض الحادثة هي محور المسرحية التي شاهدتها لك هذا الاسبوع بمسرح الطليعة. بالطبع تأخر ظهورها لسنوات وربما كان عرضها قبل الآن له دوي آخر, ولكن استطاع المؤلف وهو أبوالعلا السلاموني أن يظهر لنا من خلال هذه الحادثة قصة أسرة مصرية كانت تقيم في امريكا وما عانته هي وغيرها من الأسر العربية المسلمة من اضطهاد وربما نبذ من المجتمع الأمريكي, وكان معه الحق.. أعني بعض الحق, فليس كل ما هو عربي أو مسلم هو إرهابي بالضرورة ولكن الفئات من عامة الشعب ربما لاتستطيع أن تفرز ما بين هذا وذاك, وهو أمر طبيعي بالنسبة لهذا الشعب الذي لايدري من أمور الدنيا حوله إلا أقل القليل, فهو في النهاية يعيش في قارة بعيدة, اتصالها بالعالم الخارجي من خلال الصفوة فقط وليس عامة الشعب. هنا الأسرة المصرية, فالأب مصري الجنسية ذهب إلي أمريكا منذ سنوات عدة وتزوج من أمريكية أشهرت إسلامها برغبتها وله منها ولد وبنت في مرحلة الشباب. ماذا جري لهذه الأسرة وقد تعرض الأبناء إلي الاهانة من زملائهم وأيضا تعرض رب الأسرة إلي الزج به في السجن, وهو أستاذ للأدب العربي,لأن إخوة له يعملون في أفغانستان ثم كان أن طرد من أمريكا ليعود مع أسرته إلي مصر. في مصر وجد تغييرا كبيرا في مظهر المجتمع, فزوجات أشقائه منتقبات لا يرضين عن سلوك الزوجة باعتبارها غير محجبة.. محاولات منهما لتغيير نمط حياة الابن والابنة, وفي النهاية بعد مشاهد تظهر التطور في المجتمع المصري الذي يهتم بالمظهر ربما دون الجوهر, هنا يبدأ الأبناء في العودة لسابق عهدهما ممتثلين للقيم الحقيقية بعيدا عن الزيف الذي كان سيخنقهما مع باقي الشباب الذي يتزوج عرفيا باعتبار أن هذا حلال, وهكذا مما نراه علي السطح حاليا. تقريبا هذا هو النص الذي كتبه محمد أبوالعلا السلاموني وإن كنت أجده, خاصة في الفصل الأول, مجرد سرد لما حدث, كما لو كنا أمام فيلم تسجيلي يسجل ما تم في هذا الوقت, مع توابعه من كراهية للعرب وللمسلمين دون تفرقة ليس في مقدور الشعب العادي أن يقوم بها. الفصل الثاني تركز علي الحياة والمجتمع في مصر والتغير الذي تم به لتختلط الأمور.. هل هذه الأسرة ضحية أم جلاد, هل نحن جميعا ضحية أم جلادون.. وضع شائك جنح فيه المؤلف إلي بعض التجريب. المهم أن العمل كما سبق وقلت عرض بعد موعده بسنوات وربما هذا أثر عليه إلي حد ما بالسلب. المخرج ماهر سليم استطاع من خلال الديكور الجيد لعمرو عبدالله الذي قدم لنا البرجين وهما يسقطان وأيضا قدم أكثر من ديكور جيد لمشاهد عديدة. استعان المخرج أيضا باستعراضات في البداية تقدم لنا وجه أمريكا من خلال فرقة أجادت تقديم هذا الاستعراض وغيره الذي صممه محمد ابراهيم, كما استعان المخرج بموسيقي جيدة وألحان لأغان قدمت خلال العرض استطاعت أن تخفف من قسوة الحادثة علي المتفرج. الملابس كانت متميزة لمها عبدالرحمن سواء لمن يعيش في أمريكا أو من يعيش في مصر. فماذا عن الأداء, أي عن الممثلين؟ كان لدينا الفنان فاروق عيطة في واحد من أروع أدواره التي شاهدتها له علي خشبة المسرح, استطاع أن يقدم بمنتهي البراعة والاحساس المصري المهاجر الذي يعمل استاذا للأدب العربي بإحدي جامعات أمريكا, وما لاقاه بعد أن وقعت الحادثة, حادثة سبتمبر. قدم إحساسا باهرا في مختلف مشاهده, خاصة أن الشخصية حدثت لها نقلات ليست بسيطة في حياتها. أمامه الزوجة ولاء فريد قدمت دور الزوجة الأمريكية البسيطة التي تتعلق بالزوج وتتساءل عن كل ما لم تستطع فهمه من المجتمع الذي تغير في مصر. ابناهما كانا متميزين في دوريهما سواء وهم في أمريكا وهم أيضا في مصر, وأعلم أنهما من الشباب صغير السن اللذين تم تعيينهما حديثا بالبيت الفني للمسرح. معنا أيضا مجموعة من الممثلين والممثلات أجادوا في أدوارهم, خاصة فوزية أبوزيد ومني شاكر في رور المرأة المسلمة المتشددة مظهرا. عموما مسرحية كان الممثلون أحد أبطالها مع المخرج.