أقراص صغيرة فى حجم حبة العدس ومغلفة فى رقائق من الألومنيوم الفضى أحدثت ثورة منذ 50 عاماً مضت وغيرت من شكل العالم ومن وضع المرأة سياسياً واجتماعياً وصحياً. وجعلتها تملك زمام أمور حياتها الأسرية وتقف في الصفوف الأولي من المجتمع. فقبل اكتشاف اقراص منع الحمل كانت وظيفة المرأة مقصورة علي الإنجاب لكنها بعد اكتشافها بدأت تنظم وقتها وتختار الوقت المناسب للانجاب وتمارس عملها بنشاط وتشغل مناصب لم تكن تشغلها من قبل مثل منصب رئيس جمهورية. وعلي الصعيد الاجتماعي نجد أن وضع المرأة تغير كثيرا حيث كانت قبل هذا الاكتشاف مكبلة بكثرة عدد الأطفال التي تنجبهم دون تخطيط فزاد احساسها بالرضا عن حياتها التي تحسنت نوعيتها, لأن الأقراص سمحت لها بالعمل والدراسة. كما أصبح قرار الانجاب قرارا مشتركا يتخذه الزوجان معا بالاتفاق والمشاورة واتاح ذلك للمرأة ان تكون اكثر انطلاقا لأن الخوف من الحمل كان يجعلها متوترة في علاقتها الزوجية. كذلك تحسن الوضع الصحي للمرأة لأن تكرار الحمل كان يسبب لها مضاعفات في الحوض والمثانة ويعرضها لأخطار صحية كثيرة اثناء الولادة. لكن الوضع تغير تماما بعد ظهور اقراص منع الحمل حيث تحسنت صحتها وزادت نسبة حمايتها من أمراض كثيرة خاصة أمراض المبايض وبعض انواع السرطان لأن تناول الأقراص يتطلب المواظبة علي زيارة الطبيب للفحص الدوري وبالتالي يسهل عليه اكتشاف اي مرض في مراحله المبكرة. وغيرت هذه الأقراص ايضا من الوضع الاقتصادي للدول, لأن تنظيم الأسر يخفف من الأعباء التي تتحملها الدولة نتيجة الزيادة السكانية ومايعقبها من أعباء( تعليم رعاية صحية مساكن..). هذا الاكتشاف المذهل الذي غير وجه العالم واعتبر أهم اكتشاف علمي في القرن العشرين احتفل العالم منذ أسبوعين تقريبا بمرور50 عاما عليه حيث تم استعراض كل القضايا المتعلقة بأقراص منع الحمل ووسائل تنظيم الأسرة الأخري في المؤتمر الدولي السنوي للجمعية الأوروبية لوسائل تنظيم الأسرة والصحة الانجابية الذي عقد بمدينة دبن هاج( لاهاي) بهولندا في الفترة21 الي23 مايو وشارك فيه أطباء ومتخصصون من مختلف دول العالم واطباء مصريون هم د. أحمد حشاد و د. عمرو نديم أستاذا امراض النساء والولادة بطب عين شمس و د. عاطف اسكندر استشاري أمراض النساء والولادة بمستشفي المطرية التعليمي ومستشفي السلام, واستعرض المتخصصون في المؤتمر تطور هذه الحبة السحرية علي مر السنين حتي اصبحت اليوم مؤثرة بنسبة99% وآمنه تماما وفوائدها عديدة بعد أن تغيرت مكوناتها لتكون أقرب ماتكون الي الطبيعة.. هذه الحبة الصغيرة لها حكاية طويلة جديرة حقا بأن نتتبع فصولها وسطورها هي حكاية تعود الي الخمسينيات من القرن الماضي والي جهود سيدتين هما مارجريت سانجر وكاترين ماكورميك. فالأولي كانت ممرضة في نيويورك وشاهدة علي مايفعله كثرة عدد مرات الحمل والولادة من سلبيات علي حياة النساء.. وكانت مقتنعة بأن وجود وسيلة لمنع الحمل تتحكم فيها السيدة بنفسها هي الحل الحيوي الوحيد لتحرير المرأة من عبء الحمل المتعدد غير المخطط له, فقامت بالاتصال بالمليونيرة كاترين ماكورميك التي كانت تهتم بالحركات النسائية وطالبتها بالمساهمة بمالها في الأبحاث التي كانت تجري وقتها لمنع الحمل بهدف الاسراع بايجاد وسيلة فعالة تريح المرأة وتسمح لها بالتخطيط للمستقبل, وبالفعل سارعت المليونيرة بتمويل ودعم هذه الأبحاث ونجحتا معا في اقناع الكيميائي الشهير د.جريجوري بينكاس بالبحث عن وسيلة مؤثرة لمنع الحمل عند النساء.. وبعد فترة وجيزة من الأبحاث والتجارب علي مجموعات من المتطوعات ظهرت حبة منع الحمل في الولاياتالمتحدةالأمريكية ثم انتقلت الي أوروبا ومنها الي جميع دول العالم لتسمع عنها كل النساء حتي لو لم يستعملنها, فهي لم تحدث مجرد ثورة علمية ولكنها كانت بمثابة مكسب جديد ساند المرأة ودعم قدرتها علي الاختيار والتخطيط لحياتها ومكنها من تحديد أولويات حاضرها ومستقبلها.. وعلي مر هذه السنوات الطويلة دخلت تطورات عديدة علي أقراص منع الحمل حتي أصبحت هي ووسائل تنظيم الأسرة الأخري جزءا من الحياة الطبيعية. واليوم لم يعد دور هذا القرص الصغير مقصورا علي منع الحمل بل أصبح له فوائد اضافية عديدة تفوق بكثير سلبياته التي ليست سوي أوهام في أذهان الكثيرات أو جهل بالحقائق العلمية.. فالاعتقاد السائد مثلا بأن الأقراص تسبب السمنة اعتقاد خاطيء لأن الزيادة في الوزن كما أوضح المتخصصون في المؤتمر تحدث نتيجة لأسلوب الحياة المتبع وليس له علاقة بالهرمونات, كما أن عامل الزمن يزيد الوزن وليس القرص. أيضا بالنسبة للاعتقاد السائد بأن أقراص منع الحمل تقلل من معدل الخصوبة فهو اعتقاد خاطيء ايضا لأنه ثبت علميا أن الأقراص تحافظ بل وتزيد من خصوبة المرأة. أما حالات تأخر الحمل بعد التوقف عن تناولها فترجع الي مشاكل في الخصوبة الموجودة أصلا ولم يتم الكشف عنها من قبل, لأن معظم السيدات يحملن مباشرة بعد التوقف عن تناول الأقراص. فأهمية هذا المؤتمر ترجع الي الاهتمام بتوعية الناس بالاكتشافات العلمية الحديثة التي أتاحت ظهور جيل جيد من الأقراص تتوافر فيها عناصر الفاعلية والأمان التام, وتحقق فوائد عديدة للمرأة, لأنها لاتزيد الوزن, وتعمل علي تنظيم الدورة الشهرية وتجنب النزف المضطرب الذي كان يسبب مشاكل عديدة للنساء ويعرضهن للإصابة بالانيميا, كما أن انواع الهرمونات المستخدمة فيها اليوم تستخدم لعلاج حالات مرضية كثيرة مثل السكري والضغط وبعضها يحمي من امراض الأوعية وتستخدم ايضا لعلاج هشاشة العظام ومن أعراض سن اليأس. كما يتم وصف هذه الأقراص اليوم لعلاج حالات مثل تضخم جدار الرحم, وثبت علميا أنها تحمي من احتمالات الاصابة بسرطان المبيض ولها تأثير جيد علي علاج حبوب الوجه, وتخفف من التهابات الروماتويد.. والجديد الذي تم كشفه في المؤتمر هو أن الحماية التي توفرها الأقراص من بعض انواع السرطان تستمر بعد التوقف عن استخدامها لمدة طويلة قد تصل الي15 أو عشرين سنة وفقا لطول فترة الاستخدام وهو مايدحض الاعتقاد الخاطيء لدي الكثيرات بضرورة اخذ فترات راحة من تناول الأقراص لأن هذه الفترات لاتفيد بشيء وليس لها أي مبرر طب,ي بل علي العكس يمكن للمرأة أن تستمر في تناول الأقراص منذ مرحلة البلوغ حتي نهايتها. ويشترط لنجاح وتحقيق هذه الفوائد والتي تمتد الي مابعد التوقف عن استخدامها لسنوات طويلة الالتزام بتناولها في مواعيدها واستشارة الأخصائي قبل الاقدام علي استخدام اي وسيلة لتنظيم الأسرة لكي يصف لكل امرأة الوسيلة المناسبة لها من حيث سنها وحالتها الصحيحة وتاريخها المرضي وظروفها الأسرية. ودور الطبيب المتخصص أن يوفر المعلومة الصحية للزوجين ويساعدها علي اتخاذ القرار المناسب لهما ويقدم لها الاختيارات المتاحة بناء علي المعلومات المتوافرة لديه عن حالتهما لأن مايناسب واحدة قد لايناسب الأخري, والاجابة عن كل تساؤلاتها وتصحيح كل الأفكار الخاطئة التي تراودها.. وخصصت جلسة في نهاية المؤتمر لاستعراض الجديد في هذا المجال الذي تدخل عليه تحسينات كل يوم باعتبار الأقراص الوسيطة الأسهل والأكثر أمانا علي صحة المرأة. فوسائل تنظيم الأسرة أصبحت اليوم جزءا أساسيا من الحياة يضمن لكل طفل أن يقول في يوم من الأيام أنا طفل مرغوب في.