كونتكت وضامن تتعاونان لتقديم حلول دفع مبتكرة وتحسين تجربة العملاء    محمود محيي الدين يستعرض استراتيجيات التمويل المستدام في المنتدى السنوي للميثاق العالمي للأمم المتحدة    حزب المؤتمر: التحرك المصري أمام «العدل الدولية» مكسب للقضية الفلسطينية    عمرو أديب: خسارة مصر تعتبر فادحة بالنسبة للإسرائيليين    عمرو أديب عن تأخر الزمالك أمام نهضة بركان بهدفين: نتيجة ثقيلة ومعندناش حظ الأهلي    عبدالمنعم إمام: مئات الآلاف من الشباب وصغار السن بمصر يشاركون في مواقع المراهنات الرياضية    عاجل: طريقة الحصول أرقام جلوس الدبلومات الفنية 2024 عبر الموقع الرسمي    إصابة نقيب شرطة بالأمن المركزي في حادث تصادم بالدقهلية    يضم مدفن شاه لإيران.. أهمية المسجد الرفاعي بعد دخوله دائرة التطوير    محافظ مطروح: قافلة طبية مجانية إلى مستشفى مدينة الحمام المركزي    طريقة عمل المفطح السعودى بالمنزل بخطوات بسيطة    أستاذ علوم سياسية: تحرك مصر الرسمي أمام محكمة العدل يُكذب دعاوى الاحتلال    هام لمن تلقى لقاح «أسترازينيكا».. إليك هذه النصائح | عاجل    رئيس «البحوث الفلكية»: مصر بعيدة عن أي ضرر من العاصفة الشمسية    خيرات مستقبل مصر.. مشروعات عملاقة للاستصلاح الزراعي والتصنيع والإنتاج الحيواني    ثقافة جنوب سيناء تناقش نشأة لغة الإشارة وأهميتها    أول تعليق من "شعبة المصورين" على منع تصوير الجنازات في المساجد    أقل سعر أضحية في مصر من «حياة كريمة» وأعلى جودة.. اعرف التفاصيل    7 معلومات عن أول تاكسي ذكي في العاصمة الإدارية الجديدة.. مزود بكاميرات وGPS    بوتين يعين شويجو سكرتيرا لمجلس الأمن الروسي    محافظ الأقصر يفتتح محطة رفع صرف صحي القباحي الشرقي    فتح باب التقديم لهيئة تدريس جامعة طنطا لشغل مهام مديري وحدات ضمان الجودة ب 3 كليات    رئيس مدينة دمنهور: حياة كريمة مشروعات تتحقق على أرض الواقع    الصحة: إغلاق عيادة للتجميل مخالفة يعمل بها منتحل صفة طبيب بمدينة نصر    أتلتيكو مدريد يحسم فوزًا ثمينًا على سيلتا فيجو بالدوري الإسباني    بشأن تمكين.. عبدالله رشدي يعلن استعداده لمناظرة إسلام بحيري    رئيس جامعة عين شمس يستقبل السفير البريطاني لبحث تعزيز التعاون المشترك    الأعلى للصوفية: اهتمام الرئيس بمساجد آل البيت رسالة بأن مصر دولة وسطية    ملمس الضوء    أمين الفتوى: سيطرة الأم على بنتها يؤثر على الثقة والمحبة بينهما    رئيس لجنة الانضباط: "لا صحة لتقديم اللجنة لاستقالتها.. وعقدنا اليوم جلسة في مقر اتحاد الكرة لمناقشة عدد من الملفات والقضايا    نتنياهو: سنكمل المعركة التي بدأناها ضد حماس حتى النهاية    جامعة حلوان تعلن استعدادها لامتحانات نهاية العام الدراسي    رئيس جامعة طنطا يتفقد أعمال مشروع مستشفى الطوارئ الجديد    محافظ أسوان: العامل المصرى يشهد رعاية مباشرة من الرئيس السيسى    موعد عيد الاضحى 2024 وكم يوم إجازة العيد؟    مصرع طالب بالصف الخامس الابتدائي غرقا في مياه ترعة اسنا جنوب الأقصر    المشدد 10 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لمتهمين بالاتجار في المخدرات بالقليوبية    المشدد 5 سنوات ل 10 متهمين باستعراض القوة بالمعصرة    المفتي يحذر الحجاج: «لا تنشغلوا بالتصوير والبث المباشر»    «سايبين الباب مفتوح».. إحالة جميع العاملين بمركز شباب طوسون بالإسكندرية للتحقيق (صور)    موعد مباراة منتخب السويس وكهرباء الإسماعيلية والقناة الناقلة    نقيب الأشراف: مساجد آل البيت تشهد طفرة غير مسبوقة    من فعل ثقافي إلى جولة ملاكمة!    برلماني: قانون تحويل المراكز الشبابية إلى تنمية شبابية يحتاج لإعادة النظر    كوثر محمود لأطقم التمريض في اليوم العالمي: مهما شكرناكم لا نوفى أبدا حقكم    ضبط دقيق مدعم وكراتين سجائر قبل بيعها بالسوق السوداء في المنيا    محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يشهدان تسلم دليل تنفيذ الهوية البصرية للمحافظة    رئيس تحرير الجمهورية: بناء الأئمة والواعظات علميًا وخلقيًا ومظهرًا وأداءً من بناء الدول    شكري: توافق دولي حول عدم توسيع رقعة الأعمال العسكرية في رفح الفلسطينية    صفقات الأهلي الجديدة.. حقيقة المفاوضات لضم أحمد حجازي (تفاصيل)    «ضد المشروع».. ليفاندوفسكي يثير أزمة داخل برشلونة    «الشيوخ» يعلن خلو مقعد النائب الراحل عبدالخالق عياد    «بشنس يكنس الغيط كنس».. قصة شهر التقلبات الجوية وارتفاع الحرارة في مصر    الاحتلال يحاصر النازحين بمراكز الإيواء التابعة للأونروا فى مخيم جباليا    جوتيريش يُعبر عن حزنه إزاء الخسائر فى الأرواح بسبب فيضانات أفغانستان    الرئيس السيسى يوجه بتعويض أصحاب المنازل المحيطة بمساجد آل البيت والصحابة    أطول عطلة رسمية.. عدد أيام إجازة عيد الاضحى 2024 ووقفة عرفات للموظفين في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل أسعد الميري‏:‏ لم أتخيل أن تتحول يومياتي الي رواية
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 06 - 2010

طاعته التامة لأبويه في طفولته منعته عفوية التساؤل‏,‏ وحرمته الحق في الخطأ إبان مراهقته‏,‏ فلم يدرك اهمية الخبرات الا بعد فوات الاوان‏,‏ بضياع اهم تجربتين في حياته‏,‏ براءة المعرفة‏,‏ وشغف التجريب‏!‏ ولآخر سنواته الجامعية لم يرد لامه كلمة‏,‏ ولم يعص لابيه امرا‏. لكن هاجس التمرد شاغله مع ثورة الشباب العالمية اواخر ستينيات القرن الماضي‏,‏ وظل ينمو في وجدانه‏,‏ وحين وصل الي نهائي كلية الطب تركها مؤقتا‏,‏ لينضم الي فرقة موسيقية‏!‏
وبعد تخرجه مارس الطب لسنوات‏,‏ ثم عمل مرشدا سياحيا لفترة كانت كافية ليقدم لنا كتابا عن الفن المصري القديم‏,‏ ثم درس اللغة العربية بمدارس اللغات‏.‏
وفي عقده السادس اكتشف ان يومياته الوفيرة التي دأب علي تسجيلها عبر عقود‏,‏ لا شيء يمكنه الاستفادة منها مثل الادب‏.‏
وفي روايته الاولي كل احذيتي ضيقة رصد حالات امتثاله‏,‏ التي شحنته ضد سطوة والديه‏,‏ وساعده وعيه علي الافلات من معاناته النفسية وتداعياتها الخطيرة‏,‏ ولم يمنعه هذا عن الانشغال بما يدور حوله‏,‏ فامتزج الشأن الخاص بالهم العام في رؤية لافتة‏.‏
واكسبه تنقله بين مهن مختلفة خبرات ثرية‏,‏ امدته بمادة كتابين سابقين‏,‏ تسكع وتأملات جوال في المدن والاحوال كتبهما برشاقة وخفة ظل وغاص عبرهما في النفس الانسانية‏,‏ والواقع المعيش بتقلباته المختلفة‏.‏
حول تجربته في الحياة والادب‏,‏ وتجلياتها النفسية كان لنا معه هذا اللقاء‏:‏
‏*‏ هل من السهل علي اصحاب الخبرات الغنية في الحياة تحويل سيرهم الشخصية واليوميات العادية الي اعمال ادبية‏,‏ ام يحتاج الامر لحرفية فنية لا تتوفر الا للموهوبين؟
لا أحد يعرف ان ما يكتبه له قيمة الا اذا قال له الآخرون ذلك‏,‏ والثقافة تعطي التجارب ابعادا عميقة‏,‏ واذكر حين كنت طبيبا ان قراءة قصص يوسف ادريس ومصطفي محمود القصيرة التي كتباها نتيجة لممارستهما مهنة الطب‏,‏ جعلتني احس اكثر بمعاناة المرضي‏,‏ واتذكر قصة بعنوان جبيصي مريض التي يتعرض فيها فلاح غلبان للكشف الجماعي عليه‏,‏ فالاطباء الصغار يضعون سماعاتهم الطبية علي جسمه في نفس الوقت‏,‏ قبل انتقال الاستاذ الي مريض آخر‏,‏ فاهترأ جلده دون ان يشعر به احد‏,‏ وسوء معاملة المرضي في المستشفيات المصرية كان من اهم اسباب تركي للمهنة‏.‏
‏*‏ كيف تمكنت من اصطياد موضوع روايتك كل احذيتي ضيقة من وسط يوميات عادية كتبتها عبر سنوات متفرقة من عمرك؟
الاستعانة بكراسات اليوميات والخطابات والصور الفوتوغرافية وما الي ذلك حيلة مشروعة وشهيرة‏,‏ ولجأ اليها كثير من الكتاب‏,‏ ومعروف ان كافكا كاد يحرق كراسات يومياته لولا ان انقذها احد اصدقائه ونشرت بعد وفاته كعمل ادبي‏,‏ وكذلك توفيق الحكيم حين نشر خطاباته المتبادلة مع صديقه الفرنسي اندريه في كتابه زهرة العمر .‏
‏*‏ لكن ثمة فارق بين تدوين اليوميات وكتابة الادب‏,‏ فكيف وفقت بينهما؟
اليوميات مادة خام يمكن لمثال ان يصنع منها منحوتة‏,‏ كما يمكن لشخص آخر لا يعرف قيمتها ان يلقيها في القمامة‏,‏ وتسجيل الاحداث يعيد لحظة مرت عليها عشرات السنوات‏,‏ وهذا البعد الزمني يساعد علي فهم ما لم نتمكن من ادراكه ونحن صغار‏,‏ وكلما عدت الي كراسات السبعينات مثلا وجدت فيها اشياء لم اتمكن من رؤيتها في حينها‏.‏
‏*‏ هل كنت تشعر ان في يومياتك شيئا يمكن تحويله الي عمل أدبي‏,‏ ويستحق النشر؟
لم اتخيل ابدا ان ما اكتبه في كراساتي لنفسي سينشر يوما ما في رواية اسمها كل احذيتي ضيقة فمثلا قصة الحب التي ذكرتها في الرواية‏,‏ بين مغنية شارع الهرم وناجي بطل الرواية هي واقعة حدثت سنة‏1976,‏ وكتبتها في ثلاثين صفحة سنة‏1979‏ لاتخلص من الحاحها علي‏,‏ ومعاناة ناجي النفسية في طفولته‏,‏ التي استغرقت‏60‏ صفحة في الرواية كتبتها في منتصف التسعينيات عندما ترددت علي طبيبة امراض نفسية وطلبت مني ان اكتب عن طفولتي‏,‏ وبقية الرواية صفحات من واقع تجارب العمل في مهن مختلفة‏,‏ والوقوع في الحب‏,‏ ومعاناة الزوجة الفرنسية من مرض عقلي‏,‏ وهي المعاناة التي لم تتجاوز في الرواية‏30‏ صفحة‏,‏ رغم انها تشغل مئات الصفحات في كراسات يومياتي‏,‏ وكنت احاول التعرف علي كيفية مساعدتها علي تجنب الازمات‏,‏ وسأكتب عن هذه الزوجة بإذن الله رواية مستقلة‏.‏
‏*‏ تسامح ناجي مع الكل والتمس لهم الاعذار في اخطائهم‏,‏ هل هذا جزء من طبيعته الانسانية ام مستمد من التنشئة المسيحية؟
ناجي تسامح مع اخطاء الوالدين التربوية لانه درس علم النفس وادرك اننا جميعا ضحايا نشأتنا وتربيتنا الاولي‏,‏ وتسامح حتي مع خيانة زوجته لانه درس مرضها العقلي من الناحية الطبية‏,‏ وادرك انه في مثل حالتها عندما يشرف المريض النفسي علي ازمة جديدة‏,‏ يكون غير مدرك تماما لما يحدث حوله‏,‏ وبالتالي لا يكون مسئولا عن تصرفاته‏,‏ وناجي يتسامح حاليا مع المجتمع‏,‏ الذي يتطاول افراده علي الحريات الشخصية‏,‏ لانه يدرك ان افراد هذا المجتمع‏,‏ لم يحصلوا علي التعليم الكافي‏,‏ اللازم للتمييز في هذه المسألة‏,‏ بين الشخصي والعام‏,‏ وان حرياتهم الشخصية مهدرة‏.‏
‏*‏ وضعت لروايتك كل احذيتي ضيقة ,‏ عنوانا فرعيا هو اعترافات ,‏ وهي تشترك مع كتابيك تسكع و تأملات جوال في المدن والاحوال ,‏ في انها يوميات مثقف‏,‏ فما الذي يميزها عنهما؟
التأملات كانت في غالبها موضوعات عامة تتعلق بالمجتمع المصري‏,‏ عبر رحلات طويلة علي الاقدام في بعض المدن المصرية‏,‏ ورحلات الي بعض المدن الاجنبية في اوروبا وآسيا‏,‏ ومقارنتها احيانا بالمدن المصرية‏,‏ وفصوله كلها تحمل اسماء كل تلك المدن‏,‏ وفيه قدر كبير من المباشرة رغم الاسلوب الروائي‏,‏ اما تسكع ورغم انه كان شيئا شبيها‏,‏ لكن زادت فيه كمية البوح المتعلق بمسائل شخصية‏,‏ وكنت قد استعملت في كليهما شخصيتي الحقيقية باسمي الحقيقي‏,‏ اما كل احذيتي ضيقة فقد تعدي في بعض فصوله خطوطا حمراء تتعلق مثلا بتابو اجتماعي هو المحظورات الاجتماعية المتعلقة بالاب والام‏,‏ كأنني اريد ان اقول للشباب تمردوا علي والديكم في اقرب وقت ممكن‏,‏ فإنه رغم النوايا الحسنة‏,‏ لا تكون اختيارات الوالدين دائما هي افضل الاختيارات ,‏ وان اقول للآباء اعطوا اولادكم اجنحة واتركوهم يتعلمون الطيران‏,‏ لانكم لو كنتم تعرفون الطيران لكنتم قد طرتم منذ زمان وهو قول مأخوذ من جارسيا ماركيز‏,‏ ولاقول ذلك اخترت ان احكي بشكل غير مباشر عن كمية العذاب الذي تحمله ناجي‏,‏ حتي يستطيع ان يحصل علي حريته‏,‏ وان يعرف الحب بين الرجل والمرأة‏,‏ وان يحقق ذاته في مهنة من اختياره‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.