كيف تمتليء اسواق السمك في مدينتي الساحلية الهادئة بورسعيد بانواع مختلفة من الاسماك المستوردة من ليبيا؟ وكيف تزاحم معروضاتنا المنكمشة من الاسماك الوطنية البلدية. كميات لايستهان بها من جمبري واسماك قادمة من دول الخليج؟ كيف استطاعت هذه الدول العربية الشقيقة ان تجد لمنتجاتها البحرية أسواقا في مصر؟ وكيف كانت الندرة السمكية في مصر نتيجة غياب الرقابة علي مصادرنا السمكية, وعلي عدم جودة أسماكنا ثم تلوثها تلوثا متعمدا علي مدي سنوات طويلة تصل إلي اكثر من عشرين عاما مستمرة, هي السبب المباشر والرئيسي في تشجيع رجال الاعمال العرب علي تصدير منتجاتهم السمكية الي مصر, علي اعتبار ان سوقها في مجال الاسماك سوقا متعطشة وان الطلب علي الاسماك يتزايد نتيجة لندرتها وتلوثها, كل ذلك مع اهمال الرقابة وتقهقر حمية الصالح الوطني المصري.. والحال الذي وصلت اليه اسواق الاسماك في مصر, تعكس بالتأكيد خللا ما, بدءا من المصادر السمكية الملوثة وعدم الاهتمام بتنظيفها, وقصور واضح في عملية تنمية الثروة السمكية المصرية, كل ذلك ادي الي انكماش كمية الانتاج من الاسماك بانواعها الجيدة, أين اسماك بورسعيد التي كانت في يوم بعيد تغطي احتياجات مواطنيها, وتفيض علي محافظات كثيرة حولها؟ مثلها مثل أسماك مدن ساحلية مصرية اخري, ساهم الاهمال وغيبة الرقابة في اهدارها, فانكمش بالتالي المنتج المصري من الاسماك واثر ذلك علي ارتفاع اسعاره وعدم سهولة الحصول عليه بسعر متهاود لسد جوع المواطنين! فماذا حدث لاسماكنا؟ ومن المسئول عن هذا الفراغ الغذائي الذي تعيشه المدن الساحلية المصرية؟ ولماذا حتي الآن, لم يتم مواجهة تلوث الاسماك بصورة علمية جادة وسريعة, حيث ان الكل يعلم أن تلوث الاسماك وتناولها, تسبب امراضا خطيرة للناس؟! فقد اكتفي بتقديم برامج تليفزيونية يشرح فيها الخبراء., كيفية تناول الاسماك الملوثة بطريقة آمنة؟؟ كعدم أكل رأس السمكة الملوثة, أو كبدها, والابتعاد تماما عن تناول لحم السمكة القريب من عمودها الفقري!!؟ أما الكارثة الاخري التي تسببت في اهدار اسماكنا البلدية, فهي تكمن في ان وزارة الزراعة قامت بعقد اتفاقية غريبة مع الحكومة الايطالية تنص علي أن يقوم الصيادون الايطاليون, فوق مراكب صيد عملاقة, بتدريب الصيادين المصريين علي مهنة اجدادهم, والتي توارثوها جيلا بعد آخر, مشترطين الحصول علي ثلاثة ارباع غنيمة الصيد من الاسماك بعد كل رحلة تدريب! بينما يحصل الجانب المصري علي ربع كمية الاسماك فقط؟ والاغرب ان مدة تنفيذ هذه الاتفاقية تركت مفتوحة حسب مايتراءي للطرفين؟! فمن هو هذا المصري الوطني الذي يسمح بهذه السهولة باستنزاف الثروة السمكية المصرية هكذا, بدون الخوف من المساءلة أو الرقابة أو حتي تقييم التجربة من حيث ايجابيتها علي الجانب المصري؟ هذا في الوقت الذي تزداد فيه احتياجات المصريين من الاسماك خاصة مع تناقص كمياتها وزيادة الكميات الملوثة منها يوما بعد يوم, نتيجة استمرار انعدام الرقابة علي نظافة المصادر المائية, وعدم مواجهة التلوث بخطة علمية مدروسة تقضي علي هذا التلوث الخطير الذي استفحل في الاسماك علي مرأي ومسمع من المسئولين عن تنمية الثروة السمكية المصرية!! كل هذا الاستنزاف في الثروة السمكية المصرية وهذا التردي الواضح في جودة اسماكنا وتلوثها بقدر كبير, خلق أزمة واضحة في الامن الغذائي السمكي, في الوقت الذي ارتفعت فيه اسعار اللحوم البلدية ارتفاعا ملحوظا صار لزاما معه ان يحجم جموع المواطنين, لضيق ذات اليد, عن شراء اللحوم البلدية. كيف نعيد الي مصر, التوازن في الامن الغذائي, من اسماك ولحوم ودواجن, ونفعها في متناول يد كل مصري بسعر مناسب, وبجودة لائقة لايشوبها أي تلوث أو أي خطر يهدد صحتهم؟؟ مطلوب انشاء هيئة لتوفير الامن الغذائي بمصر, تضم خبراء متخصصين, ورجال علم, يقدمون خلاصة دراساتهم لتحسين وتنمية الثروة السمكية ومواجهة تلوثها باساليب حاسمة والوقوف ضد أي استنزاف أو اهدار لها, كذلك يضعون حلولا عاجلة مدروسة لتوفير اللحوم البلدية ومضاعفة ثروتنا منها مع الاحتفاظ باسعارها معتدلة لجموع المصريين, كذلك مطلوب مراقبة الثروة الداجنة وضبط اسعارها وزيادة اعدادها وكمياتها باسلوب علمي ليكفي احتياجات المصريين, علي أن تكون لقرارات هذه الهيئة الجديدة صفة الالزام, وأن تؤخذ خبرتها بجدية واحترام, وان تتبع مباشرة رئاسة الوزارء ويتم توفير الاعتمادات المطلوبة واللازمة لتنفيذ كل قراراتها المدروسة, والمهم ألا تضم عناصر تعرقل مسيرة البحث العلمي الجاد من اجل توفير الامن الغذائي لشعب مصر...!!