(1) عندما استنكر الحاج سلامة أن اقوم انا بشراء البيت وقال: هيء ثم قال: اشربوا الشاي اشربوا لم أمد يدي إلي كوب الشاب ونظرت إليه وهو يجلس بجلبابه القديم. وقد طوي إحدي ساقيه تحته بينما تدلت ساقه الأخري بقدمها الداكنة عند سطح البلغة الباهتة الملقاة علي الأرض ورغبت في اهانته ونظرت إلي توفيق ووجدته ينظر إلي خليل المحامي ويقول: علي فكرة ياعمي منصور ده كويس قوي وعمه قال دون ان ينظر إلي: احنا قلنا حاجة لاسمح الله وحينئذ تناول خليل حافظته الجلدية من سطح المنضدة وأخرج بعض الأوراق وانتقل إلي جوار الحاج وغمز بعينه اليمني وهو ينظر إلي جيبي وانا اخرجت النقود وناولتها له وكانت من فئة العشرة جنيهات لان المائة لم تكن ظهرت, وخليل قال بسم الله الرحمن الرحيم وراح يعدها ورقة ورقة والحاج يتابعه بجانب عينه حتي انتهي ثم وضعها امامه علي المنضدة وأخرج القلم وقال: قول لي يا حاج البيت عنوانه فين ومساحته قد أيه بالضبط وفين الورق بتاعه؟ والحاج أخرج بعض الاوراق من جيب الصديري وخليل راح يكتب ويسأل والحاج يجاوبه بصوت خافت ثم جعل الورق من نسختين ومد يده بالقلم وقال لي: تعالي. وانا وقعت وهو سأل الحاج ان كان يستخدم الختم ولكن الحاج وقع وتناول النقود ووضعها في جيب الصديري الداخلي وعندما كنا ننزل السلم قلت لتوفيق: علي فكرة عمك ده راجل حمار وانا كان ممكن اهزأه. وتوفيق ضحك وهو يطوي الورق ويضعه في جيبه حتي عدنا إلي المقهي وجلسنا مع خليل ثم جلسنا وحدنا وقررنا ان نحتفل بهذه المناسبة. (2) عندما اقتربنا من منتصف الليل ذهبنا إلي عزمي البقال علي ناصية الشارع واشترينا مشروبا عبأه لنا في زجاجة نحيلة داكنة اغلقها بفلينة طويلة ولفها في ورقة جريدة وذهبنا إلي شاطيء النهر وجلسنا وبدأنا نشرب منها مباشرة ثم لاحظنا انه سبرتو احمر وطعمه خطير جدا ولايطيقه احد وعدنا إلي عزمي ومددت يدي بالزجاجة وقلت له: انت بتبيع سبرتو أحمر؟ هات الفلوس وهو قال: سبرتو؟ ده أنضف مشروب في البلد, بس انتوا اصبروا عليه شويه. وانا صحت فيه: هات الفلوس ياعزمي وهو خاف وقال: خلاص خلاص لانه كان يبيع ويسمح بالشرب أمام المحل من دون تصريح رسمي اسرع إلي الدرج احضر الفلوس ونظر إلي الزجاجة المفتوحة وقال فين الفلة؟ ونحن لم نرد عليه واتجهنا إلي شارع السوق وابتعنا ربع قرش من المخدرات وذهبنا إلي الغرزة التي كانت عند سور نادي ناصر الرياضي, ويوجد مكانها الآن رجلا عنده كومة من البطيخ وبالليل ينام علي الخيش المفروش أمامها, دخلنا وجلسنا ندخن ومعاون المباحث دخل من الباب الجانبي والمخبرين من الباب الرئيسي والمعاون صاح: ولا حركة اقف يا واد انت وهو. وبينما كنا واقفين توفيق فتح يده وترك قطعة المخدر تقع إلي جوار قدمه التي بينه وبيني والمعاون جعلنا نتحرك عن أمكاننا وراح يفتش الأرض وانحني التقطها وشمها وخاطب توفيق لأنه الأطول وصاح: جايبها منين ياو واد؟ وتوفيق تطلع إليه ولم يرد باقولك جابيها منين؟ وبينما كان المخبرون يحملون الشيش والاكواب ويلقون بها وتتكسر علي الاسفلت الميدان وتلم علينا من كان صاحيا من الناس, رفع المعاون يده وصفح توفيق علي خده صفعة قوية طرقت داخل وخارج الغرزة. باقولك جايبها منين يا واد واغروقت عينا توفيق واشار بأصابع يده المدلاة بيني وبينه اشارة جانبية خفيفة وقال ابدا والله. ده منصور هو اللي كان مشتريها وقال لي تعالي نشربها سوا, والضابط تطلع إلي وضحك بصوت عال قال: دي حنة بتحششوا حنة يا بهايم يا ولاد الكلب؟ ما اشفكوش الناحية دي تاني. ونحن انصرفنا مطأطئي الرءوس ولكن علي عجل. وللكلام, غالبا, بقية