اذا كان الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق قد تبني فكرة إنشاء أكاديمية متخصصة للفنون تمد الحياة الفنية بمصر بالكوادر الفنية المسلحة بالعلم والموهبة مؤكدا هذه الفكرة تطبيقيا بإنشاء أربعة معاهد فنية( المعهد العالي للموسيقي ومعهد السينما ومعهد الباليه ومعهد الفنون المسرحية) لتكون هي الأساس لما يعرف الآن بأكاديمية الفنون.. فإن الفنان فاروق حسني وزير الثقافة يستكمل هذا البناء الفني الأكاديمي وذلك بتنميته وتجميله بمعاونة جادة من نخبة ممتازة من رؤساء الأكاديمية آخرهم الدكتور سامح مهران رئيسها الحالي, الذي يقوم هذه الأيام بمشروع تطوير الأكاديمية وتحديثها, كمشروع حضاري يرتكز علي ثلاث ركائز منها تطوير البنية الأساسية, حيث بدأت الأكاديمية بتطوير المعهد العالي للفنون المسرحية, ليصبح علي مستوي عظيم إن لم يفق المستويات العالمية, فهو علي الأقل يتعادل معها, كما تم الانتهاء من دراسة مشروعات تطوير المعهد العالي للسينما, والمعهد العالي للباليه والمعهد العالي للكونسرفتوار.. هذا الي جانب استكمال مشروعات الدفاع المدني وتوفير الحماية لكل أرجاء الأكاديمية, وثاني هذه الركائز في مشروع تحديث الأكاديمية هو تطوير المنهجية العلمية لتتواكب مع متغيرات التطور العالمي ومنجزاته المتسارعة, لتستعيد مصر دورها الريادي في مجالات الثقافة بوجه عام, والفنون بوجه خاص, حيث بدأت اللجان المتخصصة عملها وانتهت من إعداد مشروع للتطوير والتحديث, أهم ملامحه الاعتماد علي ما يسمي بالتخصص الأساسي, والتخصص الفرعي.. وهذا من شأنه أن يفتح معاهد الأكاديمية علي بعضها البعض, ويقوي من اتجاهات الدراسات البيئية, وهي دراسات من الأهمية بمكان, كما سيتم الاهتمام بالمواد الثقافية لكي تتوازن شخصية خريج الأكاديمية فيما بين الحرفة والثقافة, وثالث هذه الركائز في مشروع تحديث الأكاديمية هو تنمية الوحدات الانتاجية ذات الطابع الخاص الذي من شأنه أن يدفع بخريج الأكاديمية الي سوق العمل مبكرا, وبشكل مشرف وكريم, وذلك من خلال عودة فرق الأكاديمية الي العمل مثل أوركسترا الأكاديمية وفرقة أم كلثوم وغيرها, فمن داخل هذه الوحدات الانتاجية سيتم إنشاء مركز لتنمية المواهب, فيه تستطيع الأكاديمية آداء رسالتها التنويرية في البيئة المحيطة التي هي في أمس الحاجة الي خدماتها الثقافية. وطبيعي أن يتواكب مع خطوات هذا المشروع التحديثي زيادة أعداد أفراد هيئات التدريس من ناحية, والاهتمام بالدارسين المتقدمين للحصول علي درجتي الماجستير والدكتوراه في مختلف التخصصات من ناحية أخري.. ولن يكون ذلك إلا من خلال إحداث تفاعلات بين مكونات النظام التعليمي الأساسية( المنهج الاستاذ الإدارة المشاركة المجتمعية توفير تكنولوجيا المعلومات) وتنفيذا لذلك تم اتخاذ خطوات مهمة, منها إزالة المعوقات التي تواجه العملية التعليمية وأهمها استكمال كوادر هيئات التدريس والاهتمام بالدارسين, واستكمال الأعمال الإنشائية لمشروعات الأكاديمية الجديدة, وذلك بتطوير وتحديث المباني القديمة, كما تم انشاء موقع الكتروني للأكاديمية علي النت, وتوفير كل ما هو متاح من تكنولوجيا المعلومات للطلبة, وإنشاء مكتبة رقمية تقدم كل الدوريات العلمية خدمة لأعضاء هيئة التدريس مما يساعد علي تطوير وتحديث البحث العلمي وتسهيل الحصول علي المراجع والمصادر في مظانها الأولي. وبعد.. فهذه صورة مضيئة لهيئة علمية متخصصة في مصر, في وقت تتدني فيه أو تكاد مؤسسة التعليم الجامعي العام علي المستوي العالمي والاقليمي, لنري هذه الأكاديمية وهي تمد الي معاهدها يد التطوير والتحديث, لتعيد صياغتها من جديد معماريا, وجماليا, الي جانب الاهتمام العلمي والثقافي لتصبح بحق منارة حضارية لمصر في نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة, حين تستقبل شباب المبدعين في مصر والأقطار العربية والأخري الإفريقية, باعتبارها الأكاديمية الوحيدة المتخصصة في الفنون في الشرق الأوسط وإفريقيا.