أكد مارك فرانكو سفير وفد المفوضية الاوروبية بالقاهرة في حديث ل الأهرام ان الاتحاد الاوروبي سوف يساند اليونان في هذه الأزمة بشكل فعال ومتكامل. وقد تم الأسبوع تحويل14,5 بليون دولار من دول أوروبا إلي اليونان كدفعة أولي من القرض الأوروبي بهدف مساعدتها علي تسديد استحقاقات ديونها في الموعد المحدد لها. ويشكل المبلغ جزءا من برنامج قروض بقيمة80 مليار يورو وعدت الدول الأعضاء في منطقة اليورو اليونان بدفعها علي ثلاث سنوات ويقدم صندوق النقد الدولي قروضا بقيمة30 مليار يورو, وبعد ذلك سوف تكون اليونان قادرة علي العودة إلي السوق للحصول علي قروض بمعدلات فائدة مقبولة. وكان البنك المركزي اليوناني قد حصل خلال هذا الأسبوع أيضا علي5,5 مليار يورو من صندوق النقد الدولي في إطار الخطة, ويتم تحويل هذه المبالغ في وقت تواجه اليونان فيه استحقاقات مهمة لتسديد ديونها, وبسبب أزمة الثقة التي تواجهها اليونان والعجز الكبير في الميزانية بات من الصعب الحصول علي قروض لليونان بمعدلات فائدة مقبولة. وتعهدت الحكومة اليونانية في مقابل البرنامج الأوروبي لدعمها خلال الأزمة بتطبيق خطة تقشف غير مسبوقة توفر30 مليار يورو لخفض العجز العام في الميزانية والذي بلغ14% من إجمالي الناتج المحلي في خلال2009 إلي أقل من3% المسموح بها بحلول2014. وعلي الرغم من الشكوك حول قدرات اليونان علي تحقيق أهدافها فقد أكد سفير الاتحاد الاوروبي مارك فرانكو في تصريحات للأهرام أن الاتحاد الأوروبي يدعم اليونان وأن الاتحاد يعتقد ولديهم أسباب وجيهة تدفعهم إلي الاعتقاد, بأن اليونان علي الطريق الصحيح, وسوف يستمرون في تقويم الوضع. وحول سؤال الأهرام للسفير عن احتمالات وقوع دول أعضاء أخري في نفس هذه الكارثة مثل اسبانيا والبرتغال, قال السفير انه ليس أكيدا ان تشهد إسبانيا والبرتغال مثل هذا المصير, خاصة أن حكومات هذه الدول اتخذت بالفعل خطوات احترازية لتجنب حدوث كارثة أخري كخفض الأجر ورفع ضريبة القيمة المضافة. وأضاف السفير ان هناك اقتراحا حول مراجعة البرلمانات الاوروبية للدول الأعضاء الموازنات بشكل دقيق قبل اعتمادها, وفرض عقوبات علي الدول التي لاتلتزم القواعد الخاصة بمنطقة اليورو وتدخل في السياسات الاقتصادية للدول المقبلة علي أزمة وإطلاق مؤشرات كوسيلة للتنبيه, خاصة وان هذه الدول فقدت عنصر الاستقلالية والتحكم في اقتصاداتها عند انضمامها إلي منطقة اليورو, فهذه الدول لاتتحكم في تحديد سعر الفائدة ولا سعر الصرف, وتتمحور سياستها الاقتصادية حول ضبط نسب عجز الموازنة من أجل توحيد المؤشرات والسياسات الاقتصادية في منطقة اليورو. وأشار فرانكو إلي أن مسئولي الاتحاد الأوروبي يشددون القواعد في اتجاه أسواق المال وأنهم لن يتراجعوا عن تنفيذ سياسات التقشف وتأمين التوازنات المالية في غضون سنتين. وتدرس الدول الأعضاء مقترحات قدمتها المفوضية حول مراقبة مسبقة لمشاريع الموازنات العامة وتشديد الرقابة علي التقيد بقواعد ميثاق الاستقرار المالي. وأوضح السفير ان المفوضية وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الاوروبي لن تكون الطرف الذي يرسم الموازنات ويحددها للدول الأعضاء ولدول منطقة اليورو لكن يجب أن تخضع مشاريع الموازنات للفحص والحوار الجماعي, وأضاف ان الاتحاد النقدي يقتضي التنسيق بين جميع الدول الأعضاء. وحول مستقبل منطقة اليورو وتأثرها بهذه الأزمة, قال السفير لم يكن أحد يتوقع حدوث مثل هذه الأزمة الاقتصادية ولاتحديد عمقها, فقد استخدم متخذو القرار تحديد خطة اتحاد أوروبا بناء علي ماتوافر لديهم من معلومات اقتصادية متاحة, ومن الصعب الآن توقع مصير سعر صرف اليورو مستقبلا, حيث ان هناك عوامل كثيرة ومتعددة تتدخل في هذا. وأكد السفير مارك فرانكو ان احتمالات عودة استخدام اليونان لعملاتها المحلية الدرخمة غير واردة بالمرة ولم يتم مناقشة هذا الاحتمال علي مستوي أي دوائر اقتصادية معنية بالأزمة, وأكد السفير أن السياسات في المستقبل سوف تكون أكثر تحفظا لضمان التحكم في الأوضاع بشكل متكامل وسيتم استخدام آليات جديدة للمراقبة ومتابعة بشكل أكثر كفاءة. وأوضح السفير الاوروبي ان حزمة الانقاذ تهدف إلي اعطاء وقت لمنطقة اليورو لضمان الموازنة الأوروبية عن طريق إعطاء فرصة للدول التي تعاني من مشاكل عجز في الموازنات لاعادة هيكلة اقتصاداتها ولجذب مزيد من الاستثمارات والتقدم بسياسات للاصلاح المالي. وحول سؤال الأهرام عن سبب تحديد750 مليارا كحزمة للانقاذ قال السفير ان500 مليار يورو هو المبلغ الذي تتعهد أوروبا بتقديمه لليونان و250 مليار يورو ماسوف يقدمه صندوق النقد الدولي, وهذا المبلغ سيتيح الفرصة لليونان لسداد الديون المستحقة عليها واعادة هيكلة اقتصادها لتصبح مؤهلة للعودة إلي أسواق المال والحصول علي تمويل بفوائد مقبولة. وسوف يتحقق ذلك بعد اعادة هيكلة القطاعات ولتحسين مستوي ومعدلات الانتاج وبالتالي تحسن الناتج القومي والناتج المحلي لليونان, كنتيجة لقيام الحكومة بتنفيذ سياسة التقشف وتنفيذ اصلاح شامل وضغط الانفاق الحكومي وخفض الدين المحلي. وبسؤال السفير حول أثر انخفاض سعر اليورو علي الاداء الاقتصادي الاوروبي, قال مارك فرانكو: ان تراجع سعر الصرف لليورو لايحمل فقط انعكاسات سلبية ولكن هناك انعكاسات ايجابية حيث سيساعد الصادرات في الفترة المقبلة. وأوضح أن اليورو الضعيف يؤدي إلي زيادة أسعار منتجات الطاقة وترتفع بالتالي فاتورة مشتقات النفط والطاقة بما ينعكس سلبا علي التضخم فيرتفع, ولحسن الحظ ان سعر برميل البترول منخفض في هذه المرحلة, ويغذي تدني سعر صرف اليورو سعر برميل النفط بالدولار, لكن من الواضح أيضا أن تراجعه يساعد في الوقت ذاته علي نمو الصادرات في لحظة تمثل فيها هذه المساعدة أهمية كبيرة جدا. ومن نتائج ذلك جعل الصادرات الاوروبية أكثر تنافسية في السوق العالمية, وفي السنوات الأخيرة كانت الصناعات التي تتسم بطابع تصديري كبير مثل صناعة الطيران تشكو من ازدياد سعر اليورو الذي اثر سلبا عليها في السوق العالمية, فهناك ايجابيات وهناك كذلك عواقب أكثر سلبية من ضعف سعر صرف اليورو. وبلغ اليورو حاليا1,2 دولار وهو الحد الأدني منذ أربعة أعوام لأن المستثمرين يخشون من أن تلقي مشاكل ديون منطقة اليورو علي المدي الطويل بثقلها علي الانتعاش الاقتصادي في أوروبا. ويسعي الاتحاد الاوروبي للاسهام في تعزيز الادارة الاقتصادية في أوروبا لاسيما في منطقة اليورو ويشجع الدول الأعضاء في جهودها لتعزيز وضع موازناتها. وقال السفير ان اليورو الآن يعد عند مستوي مقبول تماما حيث ان السعر المناسب له وللمؤشرات الاقتصادية مابين1,2 إلي1,4 للدولار ويمثل منافع بالنسبة إلي المنافسة الخارجية ولكن السرعة في تدهور سعر الصرف هي التي تعتبر في ظل مثل هذه الظروف بمثابة الخطر الذي لم يتحقق بعد.