ما زالت قضية الإصلاح مطروحة بدول مجلس التعاون الخليجي بل أن ثمة حاجة شديدة لديها للاستجابة لمتطلباتهاالناجمة عن التحولات التي شهدتها المنطقة العربية خلال العامين الأخيرين. وقد استطلعت صفحة أوراق خليجية رؤية كل من الدكتور عمر الحسن رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية والدكتور يسري العزباوي الباحث بمركزالأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية, فأكدا أهمية الاستمرار في الخطوات الإصلاحية في هذه الدول. بداية يقول الدكتورعمر الحسن: لن يكون من قبيل المبالغة الإشارة الي أن دول الخليج العربية تعيش في حالة ربيع عربي منذ استقلالها قبل خمسة عقود بالنسبة للبعض وأربعة عقود بالنسبة للبعض الآخر, فهذه الدول نجحت أنظمتها في قيادة برامج تنموية ناجحة انتقلت بمجتمعاتها من مجتمعات بدوية حيث لا مدارس ولا مستشفيات ولا خدمات أساسية إلي مجتمعات حديثة تنعم بمستويات معيشية مرتفعة وبخدمات أكثر تميزا علي مستوي التعليم والصحة والسكن لجميع مواطنيها.وإذا كانت كل دول الخليج العربية قد حققت نفس الطفرات علي الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي, فإنه يجب أن نعترف أنها علي الصعيد السياسي عكست تجارب متباينة, فالكويت مثلا تتمتع بتجربة ديمقراطية لها تميزها في المنطقة, ومملكة البحرين منذ بدء مشروعها الإصلاحي عام2001 وهي تعيش تجربة إصلاح سياسي وديمقراطي تدريجية ومستمرة دون سقف محدد, أما السعودية فرغم أن الوضع فيها يبدو مختلفا; بسبب خصوصيتها الثقافية والدينية, كدولة محافظة تستمد قوانينها من الشريعة الإسلامية, ما أنعكس علي طبيعة مجتمعها الذي تتراوح اتجاهاته وتتباين بدرجة كبيرة, فقد تمكنت من تنفيذ العديد من الإصلاحات والخطوات الجادة لدفع مسيرة الإصلاح الديمقراطي, كان آخرها قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بضم30 سيدة الي مجلس الشوري وذلك بفضل حرص الدولة علي تحقيق التوازن بين الاعتبارات الدينية والثقافية والاعتبارات السياسية, بما يخدم رؤيتها الخاصة للإصلاح الذي يحقق مصلحة المجتمع السعودي ويحافظ علي قيمه وتقاليده. أيضا هناك توجهات وبرامج إصلاحية في عمان والإمارات وقطر وجميعها تصب في خانة توسيع القاعدة الانتخابية وتعزيز دور المجالس النيابية, فضلا عن الاهتمام بحقوق الإنسان وتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة وصيانة حقوقها. وسألت الدكتور العزباوي: الي أي مدي تصل حاجة دول مجلس التعاون الخليجي الي تبني مشروعات إصلاحية تحافظ علي خصوصيتها وتنسجم مع متطلبات التغيير التي تسود المنطقة والعالم ؟ فأجاب: في الواقع تحتاج دول مجلس التعاون إلي الكثير من الإصلاحات السياسية والاجتماعية, لأن أزمة الدولة في البلدان العربية لا تقتصر أسبابها علي غياب مسألتين رئيسيتين: غياب الديمقراطية وما يسمي أزمة الحكم الرشيد, بل هي تعبر عن مشكلات عميقة في علاقة السلطة مع جميع فئات المجتمع, والمسئولية ليست محصورة في السلطة بل إن جميع قوي المجتمع تتحمل المسئولية, وهذا ما يحتاج إليه بلدان الخليج العربي, خاصة أن خصائص البيئة السياسية الدولية الراهنة هي بيئة دولية متحولة من نظام دولي تتحكم به القوي العظمي الوحيدة حاليا( أمريكا), إلي هيكل مستقبلي يتسم بالتعددية القطبية أو اللاقطبية. وقد برزت قوي دولية جديدة( الاتحاد الأوروبي, الصين, الهند). وأيضا بيئة دولية متجددة من خلال بروز ارهاصات حركة التحرر الوطني العالمي ووجود قيود علي استخدام القوة العسكرية( العراق, لبنان) وبدء التحول في المجموعات الدولية المختلفة من سياسات الليبرالية الجديدة المسماة الرأسمالية المتوحشة إلي سياسات التدخل النشط للدولة في الميدان الاقتصادي والاجتماعي. ومن ثم فإن دول مجلس التعاون باتت مطالبة باستثمارهذه البيئة في إجراء إصلاحات سياسية واجتماعية تتناسب مع الأوضاع الخاصة لدول مجلس التعاون الخليجي.