من أجمل القصائد التي كتبت في مديح الرسول صلي اله عليه وسلم احتفالا بمولده; همزية أحمد شوقي التي غنتها أم كلثوم, واشتهرت علي مدي عقود, باسم ولد الهدي, ومطلعها: ولد الهدي فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء. في القصيدة أبيات عديدة تشير إلي موقف الإسلام من قضايا المجتمع والدولة, لعل أبرزها فكرة التكافل الاجتماعي التي تدحض مقولة إنه لا يوجد فكر اقتصادي في الإسلام: أنصفت أهل الفقر من أهل الغني فالكل في حق الحياة سواء. ولشوقي قصائد عديدة في المديح النبوي, منها نهج البردة التي عارض بها البردة للإمام البوصيري, واسمها الكواكب الدرية في مدح خير البرية, وهي من أشهر قصائد المديح النبوي منذ نظمها في القرن السابع الهجري حتي الآن, وقد اشتهرت لأسباب كثيرة في مقدمتها الجمال الفني الذي يحكمها والعفوية في بنائها والإيقاع الفطري الذي يجذب الأذن والحواس, وقد عارضها مئات الشعراء علي مدي القرون الماضية إلي يومنا هذا, واتخذت المعارضة أشكالا عديدة. وفي العصر الحديث كان البارودي من أسبق من عارضوا البردة وهو في منفاه ليعبر عن آلامه وآماله وأمنيته في العودة ثانية لمقاومة الاستعمار والاستبداد, وهو ما تكشفه القصيدة التي قاربت أربعمائة بيت, بدءا من عنوانها كشف الغمة في مدح سيد الأمة حتي آخر بيت فيها. وقد تابع الشعراء في العصر الحديث معارضة البردة استلهاما لنهج النبوة في العقيدة والأخلاق والحياة, فضلا عن التعبير عن حب النبي صلي الله عليه وسلم والتأسي بسلوكه وفضائله منذ مولده حتي لحق بالرفيق الأعلي. وأحدث المعارضات نشرت قبل أيام في إحدي الصحف اليومية للشاعر تميم البرغوثي, وقد اختار لقصيدته قافية دالية مستلهمة من شطر البوصيري رب صل وسلم دائما أبدا, ويقول في مطلعها: ما لي أحن لمن لم ألقهم أبدا*** ويملكون علي الروح والجسدا إني لأعرفهم من قبل رؤيتهم*** والماء يعرفه الظامي وما وردا وسنة الله في الأحباب أن لهم*** وجها يزيد وضوحا كلما ابتعدا. وصلي الله وسلم علي النبي الكريم يوم مولده حتي يوم نلقاه علي المحجة البيضاء. المزيد من أعمدة د.حلمى محمد القاعود