شهدت مصر خلال العام الماضي تحولات تاريخية غير مسبوقة وعديد من التحديات التى كان لها أثرها فى إدارة سياسة مصر الخارجية. كما سعت مصر إلى التعامل النشط مع الصراعات والنزاعات العديدة فى القارة الأفريقية والمنطقة العربية بهدف إيجاد حلول لها بالتنسيق مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية .. تساؤلات عديدة طرحتها "الأهرام" على وزير الخارجية محمد كامل عمرو، الذى قدم فى إجابته كشف حساب حصاد الدبلوماسية المصرية بعد مرور عامين على ثورة 25 يناير المجيدة. وقال الوزير إن التحديات كان لها – مثلما كان للتحولات الإيجابية- أثراً على أداء الوزارة ودورها فى إدارة سياسة مصر الخارجية. وبالنسبة للملف المشتعل فى سوريا أكدأن التنسيق والتشاور مستمر بين الدول الرئيسية فى المنطقة "مصر والسعودية وتركيا وإيران" لإيجاد حل لهذه الأزمة. وكشف عمرو عن أن الأيام المقبلة سوف تشهد المزيد من الاتصالات بين الدول الأربع للعمل على تقريب وجهات النظر إزاء سبل الحل.وجدد وزير الخارجية التحذير من مغبة استمرار سياسات الاستيطان الإسرائيلية، التى تهدد تهديدا بإلغاء حل الدولتين وتضرب عملية السلام برمتها فى مقتل. وفيما يلى تفاصيل الحوار:
انتهى عام 2012 بتطوراته وتقلباته.. كيف تقيمون أداء وزارة الخارجية خلال العام المنقضى؟ - أولاً، كل عام وشعب مصر بخير، ونأمل أن ينعم فى العام الجديد بمزيد من الاستقرار والتقدم والرفاهية، بعدما قام بثورة عظيمة فى 25 يناير 2011 أعادت لمصر مكانتها بين الأمم ودورها الحيوي فى حل النزاعات الدولية القائمة، خصوصا فى القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط. وقد شهدت مصر العام الماضي تحولات تاريخية غير مسبوقة أبرزها انتخاب أول رئيس مدني فى انتخابات حرة ونزيهة أبهرت العالم، وشهدت أيضا عددا من التحديات كان لها – مثلما كان للتحولات الإيجابية- أثراً على أداء الوزارة ودورها فى إدارة سياسة مصر الخارجية. وهنا أود التأكيد أنه على الرغم من تسارع وتيرة الأحداث الداخلية خلال العام الماضي إلا أن الوزارة لم تغلق أبوابها للتجديدات بل واصلت القيام بمهامها فى رعاية مصالح مصر والدفاع عن حقوق الجاليات المصرية فى الخارج، كما سعت إلى التعامل النشط مع الصراعات والنزاعات العديدة فى القارة الأفريقية والمنطقة العربية سعياً لإيجاد حلول لها، بالتنسيق مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية، مستفيدة فى ذلك بما وفرته الثورة من حرية فى الحركة وتأكيداً لمكانة مصر. كما سعيت شخصياً إلى مواصلة ما بدأته منذ أن توليت مهام منصبي بالتركيز على الدوائر العربية والإفريقية والآسيوية فى منظومة السياسة الخارجية المصرية، سعياً لموازنة ما شهدته مرحلة ما قبل الثورة من تركيز على علاقات مصر الخارجية شمالاً وغرباً على حساب علاقاتها مع تلك الدول. ومن هذا المنطلق، فقد قمت على مدار العام الماضي بإجراء مقابلات واتصالات مع أكثر من مائة وعشر وزير خارجية ومسئول كبير فى الدول والمنظمات الأخرى لهذا الغرض، سواء بالقاهرة أو خلال مهامى الخارجية فى عدد من الدول. وفى نفس الوقت فقد شهد العام الماضي أيضاً قيام وزارة الخارجية بجهود كبيرة فى أكثر من مجال مثل تنظيم عملية تصويت المواطنين المصريين فى الخارج للمرة الأولى فى التاريخ، وتنظيم عددا من الفعاليات الإقليمية والدولية مثل الاجتماع الوزارى لحركة عدم الانحياز بشرم الشيخ فى مايو الماضي، والذى شارك فيه أكثر من 120 دولة ومنظمة دولية. كما أطلقت مصر أكثر من مبادرة عكست الوضعية الجديدة لمصر وقدرتها على التفاعل مع الأحداث والتغيرات التى شهدتها المنطقة، مثل إنشاء آلية للتنسيق والتشاور السياسي بين مصر وتونس وليبيا، دول الربيع العربي، ولجنة رباعية تضم مصر والسعودية وتركيا وإيران للتنسيق حول الأزمة السورية، ومجالات أخرى أتطلع إلى التطرق إليها فى هذا الحوار. وماذا عن أهم الفعاليات التى ستشهدها المرحلة المقبلة؟ - بدأنا الإعداد لعدد من الزيارات والفعاليات الهامة فى المرحلة المقبلة، من بينها زيارات إلى عدد من الدول لإجراء مشاورات مع مسئوليها لدفع العلاقات المصرية معها إلى الأمام، بما فى ذلك زيارة إلى الصومال. ونقوم كذلك بالإعداد لمشاركة الرئيس فى القمة الاقتصادية التنموية العربية بالرياض فى النصف الثاني من الشهر الجارى، وقمة الاتحاد الأفريقي فى نهاية هذا الشهر وزيارات خارجية عديدة لسيادته ستشمل فرنسا وألمانيا. وفى نفس الوقت، نقوم الآن بالإعداد للقمة الإسلامية الثانية عشرة التي ستعقد فى القاهرة يومي 6 و7 فبراير 2013، والتى ستتسلم مصر خلالها رئاسة الدورة الجديدة للقمة ولمدة ثلاثة أعوام قادمة. وفى نفس الوقت، فقد بدأنا الإعداد لتصويت المصريين فى الخارج فى الانتخابات المقررة لاختيار أعضاء مجلس النواب الجديد، وسنواصل تفاعلنا واتصالاتنا النشطة فى عدد من الملفات القائمة على رأسها القضية الفلسطينية والملف السوري وإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية ورعاية مصالح المواطنين فى الخارج، ومواصلة الجهود الجارية لتعزيز الاهتمام بالدوائر المختلفة للسياسة الخارجية المصرية. كيف ترون العلاقة مع الدول العربية، خصوصا بعض دول الخليج التى تخشى تصدير الثورة المصرية إليها؟ - اسمح لى بالاختلاف مع هذا الطرح حول وجود تخوفات لدى بعض الدول العربية فى هذا الشأن، إذ أثبتت ثورة يناير على مدار العامين الماضيين أنها ثورة مصرية خالصة تتعلق برغبة الشعب المصرى الأكيدة فى تحقيق الإصلاح والديمقراطية داخلياً، وليس لها أى بعد أيديولوجى أو مصلحة فى تصديره. كما أن دول الخليج العربى تعلم جيدا مقدار حرص مصر على أمنها وسلامتها، وقد أكدنا أكثر من مرة أن الحفاظ على أمن الخليج فى مواجهة أية تهديدات خارجية سيظل أحد أهم محاور الأمن القومى المصرى، وهذا مبدأ ثابت لدينا ويقدره أشقاؤنا فى الخليج تماما، ويكفى أن أشير هنا إلى أن السعودية وقطر كانتا فى مقدمة الأطراف الداعمة للاقتصاد المصرى فى الظروف الدقيقة التى أعقبت الثورة، فضلاً عن أن دول الخليج تُعد المستثمر الأكبر فى الاقتصاد المصرى، وكذا احتضانها لملايين من العاملين المصريين الذين يُسهمون بفاعلية فى تحقيق التنمية الشاملة فى دول مجلس التعاون الخليجى.
دائما يدور الحديث عن مدى وتأثير الدور المصرى فى أفريقيا، وعادة ما يكون هذا الحديث مرتبطا بالحديث عن مياه النيل.. هل لنا أن نتعرف على مجمل الدور المصرى فى أفريقيا؟ - يعد الدور المصرى فى أفريقيا أحد أهم أولويات سياستنا الخارجية، حيث توجد لمصر 35 سفارة فى أفريقيا جنوب الصحراء، ولدينا تمثيل غير مقيم فى 10 دول، بما يقارب ربع حجم التمثيل الدبلوماسى المصرى فى العالم بأسره. وتدرك مصر الثورة أهمية البناء على علاقات مصر التاريخية مع القارة، لذلك كانت القمة الأفريقية فى يوليو 2012 فى أديس أبابا أول حدث دولى يشارك فيه الرئيس عقب انتخابه. وكما تعلمون، فإن مصر حريصة على تعزيز دورها في جهود تحقيق السلام في أفريقيا، لاسيما وأن النزاعات في أفريقيا هي من كبرى التحديات التي تواجه القارة وتعيق مساعيها لتحقيق التنمية، حيث ساهمت مصر من خلال عضويتها في مجلس السلم والأمن الأفريقي خلال العام الحالي في معالجة عدد من الأزمات الأفريقية، ومن ذلك تقريب وجهات النظر بين السودان وجنوب السودان بشأن الخلافات حول الترتيبات الأمنية والسياسية والاقتصادية بعد الانفصال، وكذلك صياغة الموقف الأفريقي لمساندة السلطات الانتقالية في مالي. كما تولي مصر اهتماماً كبيراً للأوضاع في المناطق الأكثر ارتباطاً بأمنها القومي، حيث تدعم الجهود الجارية لمواجهة التحديات الأمنية في منطقة البحيرات العظمى، كما تحرص على التواصل بشكل مستمر مع دول القرن الأفريقي، وتطوير العلاقات المتميزة التي تحظى بها مصر مع مختلف الأطراف، بما يؤهلها للقيام بالدور الذي ترغب فيه دول المنطقة لتحقيق السلام. وفى نفس الوقت، تواصل مصر دعمها للصومال، لاسيما في ضوء التطورات الإيجابية التي تشهدها الصومال بانتخاب رئيس جديد للبلاد، وبدء مرحلة جديدة من السعي نحو تحقيق السلام والاستقرار. وتعطي مصر الأولوية لبرامج بناء القدرات لإعداد الكوادر الصومالية في مختلف المجالات بما يمكن مؤسسات الحكومة الصومالية من القيام بواجباتها في رعاية المواطنين وتوفير الخدمات الأساسية وإنعاش الاقتصاد الصومالي، وسوف تشهد الفترة القادمة خطوات هامة وملموسة على صعيد تعزيز التعاون وتكثيف الجهود المصرية الداعمة للصومال. وبالنسبة للتعاون مع دول حوض النيل،فقد زرت بنفسى جميع دول الحوض بما فى ذلك خمس زيارات إلى إثيوبيا، وبالطبع فإن التواصل مع السودان الشقيق مستمر سواء من خلال الزيارات المتبادلة أو الاتصالات المباشرة فيما بينى وبين وزير الخارجية على كرتى. ويتم التخطيط حالياً لإيجاد إطار جديد للعلاقات المصرية مع تلك الدول يقوم على التعاون والمشاركة فى مختلف المجالات دون التركيز على ملف بعينه. وبجانب ذلك، تولي مصر مزيدا من الاهتمام للأبعاد الاقتصادية والتنموية لعلاقاتها بالدول الأفريقية، حيث تعمل على تنمية التبادل التجاري معها وبالأخص في إطار دول الكوميسا، كما تشارك مصر بفعالية في المفاوضات الهادفة للمواءمة بين برامج وسياسات التكتلات الاقتصادية الثلاثة (السادك- الكوميسا- تجمع شرق أفريقيا) بما يخدم قضية التكامل الاقتصادي في عموم أفريقيا، ومن المقرر أن تستضيف مصر قمة التكتلات الثلاثة خلال العام الجاري 2013 بمشاركة 26 دولة أفريقية. كما أن مصر أحد الأعضاء الخمسة المؤسسين للنيباد، وهو البرنامج الأشمل للتنمية في أفريقيا، والذي يقوم بالعديد من البرامج لمكافحة الفقر، والتنمية البشرية، وتحقيق الأمن الغذائي، وتطوير البنية التحتية في الدول الأفريقية. وماذا عن المساعدات التنموية التى تقدمها مصر إلى أفريقيا؟ - رغم محدودية الموارد فقد حرصنا على تقديم كل الدعم الممكن لأشقائنا الأفارقة مستفيدين فى ذلك بما لدينا من موارد وإمكانات فنية وخبرات متراكمة فى العمل فى أفريقيا، حيث قامت مصر بتأسيس الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع أفريقيا فى عام 1981، والذى نظم حتى الآن دورات تدريبية لآلاف المتدربين الأفارقة فى جميع التخصصات، كما أوفد آلاف الخبراء المصريين إلى الدول الأفريقية المختلفة لدعم جهودها التنموية فى مختلف المجالات، علاوة على القوافل الطبية التى ينظمها الصندوق سنويا، إضافة إلى البعثات الأزهرية والمنح الدراسية الجامعية التى لها أثر ثقافى وسياسى كبير فى القارة، كما لا توجد دولة أفريقية واحدة لم يتدرب دبلوماسيوها فى المعهد الدبلوماسى المصرى طوال السنوات العشرين الماضية، حتى صارت هذه الدورات علامة فى مجال تأهيل الدبلوماسيين فى أفريقيا، كما ينظم المعهد دورات أخرى خصيصا للسودان وإثيوبيا وباقى دول حوض النيل. كما أطلقت مصر الثورة المبادرة المصرية لتنمية دول حوض النيل والتي تقوم بتمويل وتنفيذ مشروعات في مجالات الكهرباء والزراعة والصحة والري والتعليم والتدريب المهني في جميع دول حوض النيل، وجاري تنفيذ مشروعات إنارة قرى نائية في أغلب هذه الدول تحت مظلة المبادرة. وأود أن أشير إلى أن مصر هى المانح الأفريقى الأكبر لجنوب السودان حيث شيدت محطات للكهرباء وثلاث عيادات طبية وعددا من المدارس، وجارى إنشاء فرع لجامعة الإسكندرية فى الجنوب. وماذا عن الدور المصرى بين السودان وجنوب السودان؟ - شهد العام الماضى، فى أعقاب انفصال جنوب السودان، تصعيداً فى حدة التوتر فيما بين الدولتين، خصوصاً مع تعقد القضايا العالقة ذات الأبعاد الاقتصادية والحدودية والأمنية. ونحن نتابع عن كثب هذا الملف المهم، ونبذل جهدا لتقريب وجهات النظر بين الجانبين، حيث قمت بعدة زيارات للبلدين للتوصل إلى حلول لتلك القضايا، ونجحنا بالفعل فى تهدئة أزمة هجليج فى أبريل 2012 والإفراج عن الأسرى من الجانبين، وقام الجنوب آنذاك بتسليم مصر الأسرى السودانيين ونقلهم إلى الخرطوم عبر القاهرة. وننسق أيضا مع اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة تابو مبيكى والتى تقوم بجهود الوساطة بين الجانبين، وقابلت مبيكى أكثر من مرة لهذا الغرض. كما نتحرك من خلال عضويتنا فى مجلس السلم والأمن الأفريقى، ويقوم وفد مصر فى المجلس بالتنسيق مع الأطراف المعنية للتوصل إلى تصور بشأن جولات المفاوضات المقبلة بين الطرفين. وكما ترى . . فلا يوجد صعيد ثنائى أو إقليمى لحل القضايا العالقة بين الجانبين إلا وطرقناه وكان لنا إسهام وافر فى جهوده. نأتى للملف الأدق فى سياسة مصر الخارجية، وأعنى القضية الفلسطينية.. أين نقف الآن وإلى أين نحن متجهون؟ - شهدت الشهور الأخيرة قيام مصر بتوظيف جهود جميع بعثاتها الدبلوماسية في الخارج لحشد التأييد للمسعى الفلسطيني للحصول على وضع الدولة غير العضو فى الأممالمتحدة، خاصة في الفترة الحرجة التى سبقت التصويت مباشرة، وقمت شخصياً بإجراء العديد من الاتصالات مع نظرائي في الدول الأوروبية لحثهم على دعم المسعى الفلسطيني، الأمر الذي أسفر عن حدوث تغيير إيجابي في نمط تصويت العديد من الدول. والحقيقة أن الجانب الفلسطيني نجح وبحرفية بالغة ومجهود كبير في حشد الدعم لمسعاه، وهي نقطة تحسب للرئيس محمود عباس.وكما تعلمون، فقد قمت مؤخراً بزيارة رام الله بصحبة أمين عام جامعة الدول العربية لتقديم التهنئة للقيادة الفلسطينية بمناسبة الارتقاء بعضوية دولة فلسطين فى الأممالمتحدة وتأكيد الدعم المصرى للجانب الفلسطينى فى هذه المرحلة الدقيقة. وفى نفس الوقت، فقد قامت مصر بدور محوري فى وقف العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى فى غزة فى شهر نوفمبر الماضي، كما قمت،فى إطار وفد وزاري عربي، بزيارة غزة أثناء العدوان الإسرائيلي للتعبير عن التضامن المصرى مع أشقائنا فى القطاع. وما موقف مصر من استمرار إسرائيل فى بناء المستوطنات فى الأراضى المحتلة؟ - لقد حذرت أكثر من مرة من مغبة استمرار سياسات الاستيطان الإسرائيلية، التى تهدد تهديدا بالغا حل الدولتين وتضرب عملية السلام برمتها فى مقتل، وقد عبرنا عن هذا الموقف بوضوح من خلال ما يصدر عن الوزارة من بيانات ومن خلال الاتصالات المباشرة مع الأطراف المعنية. وماذا عن الموقف الأمريكى؟.. هل نتوقع شيئا ملموسا من الإدارة الثانية لأوباما؟ - لا شك أن النظام السياسي الأمريكي يفرض العديد من القيود على أي رئيس أمريكي خلال فترة ولايته الأولى، الأمر الذي يحد من قدرته على اتخاذ مواقف متقدمة على صعيد السياسة الخارجية، لذا فمن المأمول أن تبدأ الإدارة الأمريكية في تقييم جاد للمأزق الذي وصلت إليه عملية السلام، ومحاولة صياغة سياسة جديدة تأخذ في اعتبارها التهديدات الجدية التي تحدق بهذه العملية برمتها، إلا أنه من المهم فى نفس الوقت ألا نغرق في التفاؤل، حيث أن هناك العديد من الملفات الأخرى التي تحظى بأهمية على الساحة الدولية مثل الملف السوري والملف النووي الإيراني، الأمر الذي قد يصرف الأذهان لبعض الوقت عن القضية الفلسطينية، وهو ما سنعمل على تجنبه. ألا يعرقل الانقسام الفلسطينى جهود حل القضية الفلسطينية؟ - تُحذر مصر دائما من خطورة استمرار الانقسام الفلسطيني، وتؤكد على ضرورة طى هذه الصفحة السلبية من تاريخ الشعب الفلسطيني. ومن هذا المنطلق تعتزم مصر استئناف جهود رأب هذا الصدع فى الأيام القادمة، وهو ما كان محور محادثاتنا مع الرئيس محمود عباس والأشقاء فى حماس بالقاهرة. نأتى للعلاقات الثنائية بين مصر والولاياتالمتحدة، كيف ترونها اليوم وغداً؟ - بطبيعة الحال، فإن مصر، شأنها شأن غالبية دول العالم، تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها بواشنطن لما للولايات المتحدة من نفوذ معروف على الساحة الدولية، كما أن الولاياتالمتحدة تدرك أن مصر هي القوة الإقليمية الرئيسية والدولة العربية الأكبر والأقوى وصانعة السلام وبوصلة الوطن العربي ومصدرالقوة الناعمة فى المنطقة. وقد انعكست ثورة 25 يناير، بما أفرزته من تحولات جذرية وفى مُقدمتها التحول الحقيقي نحو الديمقراطية وإعلاء الإرادة الشعبية، على علاقات مصر الخارجية بما فى ذلك علاقاتها مع الولاياتالمتحدة، ونتوقع أن تُحافظ هذه العلاقات على وضعيتها الخاصة لكل طرف من واقع الإدراك المُتبادل للأهمية الإستراتيجية لهذه العلاقات ليس فقط لطرفيها ولكن للاستقرار فى هذه المنطقة الحيوية الهامة من العالم، لكن علاقات المشاركة والتقارب في وجهات النظر بين الدول لا تعني بالضرورة التطابق أو التماهي. فالعلاقات الوثيقة بين مصر والولاياتالمتحدة لا تحول دون اختلاف في وجهات النظر تجاه بعض القضايا من آن لآخر، وهو أمر مقبول وصحي. ما رؤيتكم لما يحدث الآن فى سوريا وما هو الدعم الذى تُقدمه مصر للمعارضة السورية؟ - موقف مصر من الأحداث فى سوريا كان واضحاً منذ البداية، فقد وقفت مصر بوضوح إلى جانب التطلعات المشروعة للشعب السورى فى تحقيق الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، كما طالبت دائماً بأن يتم التغيير فى إطار سوري/ عربي وبدون تدخل عسكري أجنبي. وإلى جانب هذا، فإن مصر تكثف اتصالاتها مع الأطراف الأخرى الفاعلة ومنها روسيا وغيرها من الدول للتوصل إلى الحل المأمول. ومن أجل مساعدة الأشقاء في سوريا على تحقيق هذا الهدف، تكرس مصر جهودها مع مختلف الأطراف المعنية بالأزمة للتوصل لتوافق حول عملية تكفل وقف نزيف الدم في سوريا، وتضمن انتقال منظم وسريع يحمى سوريا من مخاطر الفوضى، ويرسى لدعائم نظام أكثر عدالة وحرية. وتنطلق الجهود المصرية في هذا الصدد من الثوابت التى أشرنا إليها سالفاً مع التركيز على ضرورة المحافظة على وحدة سوريا إقليمياً ومجتمعياً، وسلامتها، وتفادى الفوضى من خلال عملية انتقال سلمى محكوم من النظام الحالي لنظام ديمقراطي تعددي يتسع لكل مكونات النسيج السوري المتنوع بلا استثناء أو إقصاء. وفى إطار جهود مصر لتحقيق هذه الأهداف فإننا نستضيف فى القاهرة المقر الدائم لائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، ونُقدم له كافة التسهيلات التى تُمكنه من القيام بدوره، كما نعمل على تشجيع التنسيق فيما بينه وبين فئات المعارضة السورية التى لم تنضم بعد إلى الائتلاف وتسهيل اتصالاته بالأطراف الفاعلة فى الشأن السورى بصفة عامة. وماذا عن مصير المبادرة الرباعية التى أطلقها الرئيس مرسى فى القمة الإسلامية الماضية بمكة المكرمة؟ - لا يمكن تصور حل للأزمة السورية بعيداً عن توافق الدول الأساسية في المنطقة، ومن هذا المنطلق، أطلق الرئيس المبادرة الرباعية التي تضم كافة الدول الرئيسية في المنطقة بهدف تكثيف المشاورات فيما بينهم لإيجاد حل للازمة السورية، والاتصالات الثنائية مستمرة بيننا وبين كل من تركيا، والسعودية، وإيران بهدف التنسيق والتشاور بشأن حل الأزمة السورية. وسوف تشهد الأيام القادمة المزيد من الاتصالات بين أطراف تلك المبادرة للعمل على تقريب وجهات النظر إزاء سبل حل الأزمة السورية.