ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات الخميس 13يونيو    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 13 يونيو 2024    أسعار اللحوم والأسماك اليوم 13 يونيو    الأمم المتحدة: عدد المهجرين قسرا حول العالم يحطّم رقما قياسيا    برا وبحرا وجوا، قصف إسرائيلي مكثف على "المواصي" التي تؤوي آلاف النازحين برفح (فيديو)    من هو طالب سامي عبدالله القيادي في حزب الله الذي اغتالته إسرائيل؟    سعد شلبي يكشف موعد أول مباراة تقام على استاد الأهلي الجديد    قد تشهد تتويج الاتحاد.. الأهلي يواجه «سيد البلد» في رابع مواجهات نهائي دوري سوبر السلة    مزاد لبيع لوحات سيارات مميزة بمصر.. واحدة وصلت 6 ملايين جنيه    حريق هائل يلتهم مصفاة نفط على طريق أربيل بالعراق    قائمة مصاريف المدارس الحكومية 2024 - 2025 لجميع مراحل التعليم الأساسي    بريطانيا تقدم حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا بقيمة 309 ملايين دولار    يورو 2024| أغلى لاعب في كل منتخب ببطولة الأمم الأوروبية    تراجع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 13 يونيو 2024    الأرصاد: اليوم طقس شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 40    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم: جحيم تحت الشمس ودرجة الحرارة «استثنائية».. مفاجأة في حيثيات رفع اسم «أبو تريكة» وآخرين من قوائم الإرهاب (مستندات)    حجاج القرعة: الخدمات المتميزة المقدمة لنا.. تؤكد انحياز الرئيس السيسي للمواطن البسيط    متى موعد عيد الأضحى 2024/1445 وكم عدد أيام الإجازة في الدول العربية؟    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    محمد ياسين يكتب: شرخ الهضبة    حامد عز الدين يكتب: لا عذاب ولا ثواب بلا حساب!    «طفشته عشان بيعكنن على الأهلاوية».. محمد عبد الوهاب يكشف سرا خطيرا بشأن نجم الزمالك    عقوبات صارمة.. ما مصير أصحاب تأشيرات الحج غير النظامية؟    عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التوكيل في ذبح الأضحية؟    تصل ل«9 أيام متتابعة» مدفوعة الأجر.. موعد إجازة عيد الأضحى 2024    مفاجأة مدوية.. دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد    في موسم الامتحانات| 7 وصايا لتغذية طلاب الثانوية العامة    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل اللحم المُبهر بالأرز    هل يقبل حج محتكرى السلع؟ عالمة أزهرية تفجر مفاجأة    محمد عبد الجليل: أتمنى أن يتعاقد الأهلي مع هذا اللاعب    التليفزيون هذا المساء.. الأرصاد تحذر: الخميس والجمعة والسبت ذروة الموجة الحارة    شاهد مهرجان «القاضية» من فيلم «ولاد رزق 3» (فيديو)    أبرزها المكملات.. 4 أشياء تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    ما بين هدنة دائمة ورفع حصار.. ما هي تعديلات حماس على مقترح صفقة الأسرى؟    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    بنك "بريكس" فى مصر    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    لماذا امتنعت مصر عن شراء القمح الروسي في مناقصتين متتاليتين؟    محافظ الوادي الجديد يفتتح أعمال تطوير مسجد ناصر بالخارجة    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    أستاذ تراث: "العيد فى مصر حاجة تانية وتراثنا ظاهر فى عاداتنا وتقاليدنا"    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    اليوم.. النطق بالحكم على 16 متهمًا لاتهامهم بتهريب المهاجرين إلى أمريكا    انتشال جثمان طفل غرق في ترعة بالمنيا    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    بعد ارتفاعه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 يونيو 2024    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    "لا تذاكر للدرجة الثانية" الأهلي يكشف تفاصيل الحضور الجماهيري لمباراة القمة    الأهلي يكشف حقيقة مكافآت كأس العالم للأندية 2025    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من القاهرة
الدفاع عن مصر‏..‏ تلك هي القضية
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 01 - 2010

إذا كانت هناك قضية واحدة ينبغي ألا يختلف عليها أحد من المصريين فهي قضية الدفاع عن مصر وأراضيها‏,‏ في مواجهة كل من يهددها في الداخل أو في الخارج‏.‏ , ولذلك فإن رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الوزراء وممثلي الشعب في مجلسي الشعب والشوري والمحافظين‏‏ وكل من في حكمهم في تولي المسئولية في الحفاظ علي مصالح البلاد‏,‏ لا بد لهم من القسم ليس فقط علي رعاية مصالح الشعب واحترام القوانين والدستور‏,‏ وإنما أيضا الدفاع عن الوطن‏'‏ والحفاظ علي سلامة أراضيه‏'.‏
هذه القضية لا ينبغي‏,‏ الاختلاف عليها‏,‏ ولا الهجوم عليها والتهكم بشأنها‏,‏ كما جري خلال الأيام الماضية في صحف وإذاعات ومحطات تليفزيونية وبطريقة يغلب عليها التلاعب بالألفاظ‏,‏ وإجراء ما لا يجوز من المقارنات‏,‏ وتحويل مسألة غزة والحدود معها إلي واحدة من المسائل الخلافية التي يجوز فيها الغمز واللمز‏,‏ والتعريض بالإخلاص الوطني للقيادة المصرية‏.‏ ومثل ذلك كان معتادا من قبل أن يأتي من خلال‏'‏ التيار الإسلامي‏'‏ الأصولي‏,‏ لأسباب سوف نعرض لها توا‏,‏ ولكن الجديد هذه المرة أن جماعات شتي من الليبراليين والناصريين واليسار المصري بدأت تستدرج لهوة سحيقة تعرض الأمن القومي المصري لتهديدات بالغة‏.‏
لدي تيار الإسلام الأصولي بأنواعه المختلفة في العنف والراديكالية مشكلة رئيسية فيما يتعلق بفكرة الدولة وحدودها‏;‏ فمادام كان الدين الإسلامي عابرا للحدود فإن السياسة والعلاقات الدولية والسياسات الخارجية لا بد وأن تسير وراءه‏,‏ فتصبح حدود الدول وسيادتها مجرد خطوط علي الأرض لا يمنحها الإسلاميون أي قداسة ولا تعني لهم شيئا‏.‏ وفقا لهذا المنطق تصرفت حركات‏'‏ إسلامية‏'‏ كثيرة في دول شتي‏.‏ فعندما بدا لجماعة الإخوان المسلمين في السودان أن الجنوب يمكنه أن يقف ضد مشروعهم‏'‏ الإسلامي‏'‏ تحمس الإسلاميون في السودان للانفصال‏,‏ ظنا منهم أنه يتيح لهم تأسيس الدولة الإسلامية الخالصة‏,‏ فزاد حماس الإسلاميين السودانيين لانفصال الجنوب عن حماس الجنوبيين له‏,‏ حتي بات السودان لا يبعد أكثر من اثني عشر شهرا عن استفتاء يمنح الجنوب استقلالا يصعب توقع آثاره علي السودان والبلاد المحيطة به‏.‏
وإذا تركنا السودان وذهبنا إلي اليمن فإن قضية الأصوليين من‏'‏ الحوثيين‏'‏ لا تنحصر في تغيير اليمن‏,‏ لكنها تشمل كل المنطقة المحيطة‏,‏ فلا بأس من عبور الحدود إلي السعودية حتي لو انتهي الأمر إلي حرب صغيرة علي الحدود بين بلدين مسلمين‏.‏ وبفعل جهود حركة طالبان الأفغانية والباكستانية‏,‏ ومعها جماعة القاعدة علي الحدود بين أفغانستان وباكستان‏,‏ تم فصل إقليم كامل في الشمال الباكستاني هو إقليم‏'‏ سوات‏',‏ ودار القتال مع الحكومة المركزية بطول البلاد وعرضها‏,‏ حتي باتت أراضي باكستان التي تمتلك السلاح النووي مستباحة للهجمات الجوية الأمريكية التي تطارد عناصر خارجة علي سلطة الدولة الباكستانية‏.‏ وربما كان المنطق نفسه الذي ينزع أي قيمة عن الدول وحدودها هو الذي يقف وراء الغزوات الإيرانية المتعددة للأراضي العراقية‏,‏ ويتيح لإيران امتهان السيادة اللبنانية‏,‏ وبناء شبكات العملاء السريين في دول الخليج‏,‏ وتهريب السلاح وزرع جماعات إرهابية في دول عربية وإسلامية شتي‏.‏
أما في فلسطين‏,‏ فإنه عندما وجدت منظمة حماس أن دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة واسعة عليها لتعدد الاتجاهات السياسية وكثرة المنافسين قررت الحركة الاستقلال بغزة في إمارة إسلامية لا يسمح فيها لأحد آخر بأن يكون له صوت أو نفوذ‏.‏ ولما كانت الحركة قد دخلت في اتفاقيات ضمنية مع إسرائيل لوقف القتال‏,‏ فإنها منعت إطلاق صواريخ كل الفصائل‏'‏ الإسلامية‏'‏ الأخري احتراما لاتفاقها‏.‏ ومع موقف إسرائيل من رفض التفاوض المباشر مع حماس‏,‏ وموقف حماس المعروف من عدم التفاوض مع إسرائيل‏,‏ وموقفها أيضا من رفض المصالحة مع السلطة الوطنية الفلسطينية‏,‏ فإن استباحة الحدود مع مصر أصبحت واحدة من المنافذ القليلة الباقية أمام الحركة‏,‏ وجرت هذه الاستباحة بطرق وأساليب متعددة بعضها سلمي قائم علي الاجتياح السكاني‏,‏ وبعضها الآخر عنيف سقط فيه ضحايا مصريون جنود ومدنيون‏,‏ وبعضها الثالث فوق الأرض بالدعاية والتشهير‏,‏ وبعضها الرابع تحت الأرض بالأنفاق والتهريب‏.‏
هذا المنطق ذائع بشدة داخل التيار السياسي الإسلامي‏,‏ فطالما كنا أمة إسلامية واحدة‏,‏ فإن هناك حقا طبيعيا للراديكاليين منا خاصة أن يتحركوا بين الحدود بالطريقة التي يرونها‏.‏ وعندما يتم تطبيق ذلك المنهج علي قضية الحدود المصرية مع غزة فإن الأمر يبدو مفهوما‏,‏ حيث يصير من حق جماعة حماس أن تخترق الحدود المصرية كما تشاء‏,‏ ومهما تكن النتائج‏,‏ وسواء أرادت مصر شعبا أو حكومة ذلك أم لم ترده‏.‏ المدهش هنا أن هذا المنطق لم يعد حكرا علي‏'‏ الإسلاميين‏'‏ وحدهم‏,‏ حيث انسحقت أمامه جماعات سياسية أخري بدأت تردد مثل الببغاء القضية كما صورتها جماعات إسلامية تروج لحماس‏,‏ وكأنها تسعي لتحرير فلسطين والمسجد الأقصي بهدف إعطاء المسألة كلها حرارة وقداسة دينية‏,‏ وحتي تفعل ذلك فإن عليها تهريب السلاح وأدوات العنف والصمود الاقتصادي من مصر عبر الأنفاق‏,‏ وما علي القاهرة إلا أن تغض البصر عن الموضوع كله وتنظر إلي الناحية الأخري‏.‏
مثل هذا المنطق معوج من أساسه‏,‏ لأنه يناقض الأساس الذي تقوم عليه العلاقات الدولية‏,‏ كما أنه يعرض المصالح المصرية والأمن القومي المصري لخطر بالغ ليس أقله الدخول في حروب لم تقررها مصر ذاتها‏,‏ وإنما يتم استدراجها إليها‏.‏ ودعونا نقوم بتحرير القضية بعيون مصرية‏,‏ حيث قسم الدفاع عن مصر والحفاظ علي سلامة أراضيها‏,‏ وحيث مسئوليات مصر الدولية والإقليمية التي تقع عليها كدولة وليس كجماعة سياسية ليس لها عنوان دولي معروف ولا التزامات دولية من أي نوع‏.‏ فما نتحدث عنه هنا هو عمليات تهريب للسلاح والمفرقعات وأدوات أخري للعنف دون معرفة أو موافقة السلطات المصرية ورغما عنها‏,‏ ومن خلال عمليات إخفاء تشترك فيها جماعات مسلحة مختلفة تضم إرهابيين ومقاومين وجماعات جريمة منظمة ومصالح وفساد موجودة علي جانبي الحدود‏.‏
مثل ذلك لا تستطيع دولة محترمة في العالم أن تقبله أو تتسامح معه‏,‏ ليس فقط لأنه يضر بمصالحها الاقتصادية ضررا بالغا تهديدا للسياحة و تجريفا لسيناء كلها من السلع والبضائع‏,‏ ولكن لأنه أيضا يضر بمصالحها الأمنية عندما تتكون شبكات للتهريب‏,‏ ومناطق للتخزين والتطوير‏,‏ ومعها تدريب وتصدير إرهابيين يقومون بعمليات إرهابية كما حدث في طابا وشرم الشيخ ودهب‏,‏ ويبنون شبكات إرهابية يعدها حزب الله لكي تكون رصيدا استراتيجيا للحزب‏,‏ ومعه إيران‏,‏ يتم استخدامها وقت الحاجة‏.‏
كيف يمكن لجماعات فكرية وسياسية وإعلامية مصرية أن تنسحق هذا الانسحاق الفكري تحت اسم القضية الفلسطينية‏,‏ التي لا يوجد بشأنها لا تفاوض ولا مقاومة وإنما تنازع واختلاف ورفض للمصالحة والاتفاق‏,‏ ولا تجد غضاضة في تسليم حدود مصر لمن يعرضها للخطر البالغ؟‏.‏ وبصراحة ولمن لا يعلم أو لا يتذكر فإن مصر لن تسير مغمضة العينين مرة أخري وراء أحد‏,‏ خاصة أن هذا الأحد جماعة حماس لا يبدو أنه يسير بقضيته خطوة واحدة إلي الأمام‏.‏ وفيما يخصنا‏,‏ وحتي لا ننسي‏,‏ فإن هناك التزامات دولية لمصر مرتبطة باتفاقية السلام مع إسرائيل‏,‏ حيث جاء في المادة الثانية الآتي‏:‏
‏'‏إن الحدود الدائمة بين مصر وإسرائيل هي الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب كما هو واضح بالخريطة في الملحق الثاني‏,‏ وذلك دون المساس بما يتعلق بوضع قطاع غزة‏.‏ ويقر الطرفان بأن هذه الحدود مصونة لا تمس‏,‏ ويتعهد كل منهما باحترام سلامة أراضي الطرف الآخر بما في ذلك مياهه الإقليمية ومجاله الجوي‏'.‏
أما المادة الثالثة فتقضي بالآتي‏:‏
‏1‏ يطبق الطرفان فيما بينهما أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي التي تحكم العلاقات بين الدول في وقت السلم‏,‏ وبصفة خاصة‏:‏
يقر الطرفان ويحترم كل منهما سيادة الآخر وسلامة أراضيه واستقلاله السياسي‏.‏
يقر الطرفان ويحترم كل منهما حق الآخر في أن يعيش في سلام داخل حدوده الآمنة والمعترف بها‏.‏
يتعهد الطرفان بالامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها أحدهما ضد الآخر علي نحو مباشر أو غير مباشر‏,‏ وبحل كافة المنازعات التي تنشأ بينهما بالوسائل السلمية‏.‏
‏2‏ يتعهد كل طرف بأن يكفل عدم صدور فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية أو أفعال العنف أو التهديد بها من داخل أراضيه أو بواسطة قوات خاضعة لسيطرته أو مرابطة علي أراضيه ضد السكان أو المواطنين أو الممتلكات الخاصة بالطرف الآخر‏.‏ كما يتعهد كل طرف بالامتناع عن التنظيم أو التحريض أو الإثارة أو المساعدة أو الاشتراك في فعل من أفعال الحرب العدوانية أو النشاط الهدام أو أفعال العنف الموجهة ضد الطرف الآخر في أي مكان‏.‏ كما يتعهد بأن يكفل تقديم مرتكبي مثل هذه الأفعال للمحاكمة‏.‏
مثل هذه النصوص معتادة في اتفاقيات السلام بين الدول‏,‏ وهي تعكس المبادئ المستقرة في العلاقات الدولية بشكل عام والقانون الدولي بشكل خاص‏.‏ وهي تقوم علي مبدأ‏'‏ مسئولية الدولة‏'‏ عن أراضيها‏,‏ حيث يكون‏'‏ الحفاظ‏'‏ عليها ليس فقط ضد اعتداءات الغير أو انتهاكاته‏,‏ وإنما أيضا الحفاظ علي هذه الأراضي من الاستخدام لصالح قوة أو دولة ثالثة أو طرف ثالث في العموم في غير صالح طرفي المعاهدة‏.‏ وكل ذلك هو ما اصطلح دوما عل تسميته‏'‏ بسيادة‏'‏ الدولة علي أراضيها‏,‏ حيث تعتبر السيادة أحد أهم أركان السلطة والحكم‏,‏ فبدونها تبقي صلاحيات الدولة منقوصة وتصبح عاجزة عن أداء المهام المنوطة بها‏.‏ وبها تفرض الدولة ذاتها علي الجميع وتملك الحق في مطالبة الآخرين بالالتزام والخضوع لما يقتضيه القانون‏,‏ وما يتوافر لها من الإمكانيات والموارد مما لا يمتلكه الآخرون‏.‏ فالدولة لا تستمد هيبتها واعتبارها من أي سلطة أخري‏,‏ فكل الهيئات والمؤسسات الموجودة بالدولة تتبعها وتخضع لها وتضبط أداءها وتفاعلاتها وفقا لقواعدها‏.‏
لقد قصدنا أن نحرر أصول المسألة التي نحن بصددها لأنه دون دفاع مصر عن حدودها حتي ولو كانت مع دولة أو جماعة‏'‏ شقيقة‏'‏ في الدين أو في اللغة فإنها تفقد صفتها كدولة‏,‏ ويفقد القائمون عليها من القيادة التي أقسمت علي حماية الدستور والقانون‏,‏ والحفاظ علي الوطن و‏'‏سلامة أراضيه‏'‏ ما لهم من شرعية‏,‏ والأخطر من ذلك أنها تعطي أطرافا أخري الذريعة والأسباب للاشتباك العسكري مع مصر‏.‏ ولعل ذلك هو ما تريده حماس ومن والاها في مصر من عمليات اختراق للحدود المصرية‏,‏ حتي تعود مصر مرة أخري إلي دوامة الصراع العسكري مع إسرائيل‏,‏ ولذلك فإن أصحاب التيار الإسلامي ومن انسحق أمامهم من تيارات سياسية أخري‏,‏ لا يكفون عن استخدام إسرائيل كمحلل لانتهاك الحدود المصرية‏,‏ بل إن هناك من تساءل عن عدم قيام مصر ببناء جدران مع إسرائيل كما تفعل مع الحدود المصرية الفلسطينية‏.‏
والحقيقة فإن مصر الدولة تعرف جيدا التمييز بين الخطر الحالي الذي تمثله الأنفاق علي أمن مصر‏,‏ والخطر الإسرائيلي‏,‏ وتجري المعالجة لكل منهما بالطريقة المناسبة تماما‏.‏ فلا يغيب عن مصر أن إسرائيل تحتل أراضي بلدان عربية وأن هذا الاحتلال بالجند والمستوطنات يشكل اعتداء علي حقوق تاريخية وتهديدا لاستقرار الإقليم كله بما فيه مصر‏.‏ كما لا يخفي علي مصر أن إسرائيل دولة نووية مناهضة لقواعد معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ومحفزة لانتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة‏,‏ وذلك بدوره يشكل تهديدا لمصر‏.‏ ولا يغيب عن بال مصر أن إسرائيل دولة بها تيارات عنصرية ومتعصبة ووقفت دائما ضد معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية وطالبت دوما بنقضها‏,‏ وأكثر من ذلك فإنها تعتبر مصر عدوها الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط بما يتوافر لها من قدرات وإمكانات الدولة الحقيقية‏.‏
كل ذلك تضعه مصر في حساباتها الاستراتيجية‏,‏ وهي هنا لا تعتمد فقط علي القانون الدولي أو الضمانات الدولية أو حتي معاهدة السلام‏,‏ فكم من معاهدات سلام تم نقضها في التاريخ‏,‏ ولا تعتمد أيضا فقط علي وجود قوات دولية متعددة الجنسيات من بينها قوات للولايات المتحدة الأمريكية كضامنة للتنفيذ الأمين للاتفاقيات‏,‏ ولكن مصر مع كل ذلك تعتمد علي قوتها الذاتية للدفاع عن أراضيها‏.‏ هنا فإن الجدران لا تقف أمام الدبابات والطائرات والصواريخ‏,‏ وإنما يتم ذلك من خلال قوات عسكرية قادرة وسريعة الحركة لدعم القوات المصرية الموجودة بالفعل في سيناء‏,‏ واعتمادا علي القدرات المصرية في نقل المعركة وآثارها إلي داخل إسرائيل ذاتها من خلال صواريخ قادرة علي أن تصل إلي كل أرجائها وبقدرات تدميرية تعرفها الدولة العبرية‏,‏ خاصة أن مصر لم توقع‏,‏ ولن توقع‏,‏ أيا من الاتفاقيات المتعلقة بالأسلحة الكيماوية‏.‏ وأكثر من ذلك كله بناء مصداقية الردع المصري بما قامت به مصر خلال حرب أكتوبر‏1973‏ التي قالت لإسرائيل إن المصريين لا يتركون أراضيهم محتلة وإنما علي من يحتلها أن يدفع ثمنا غاليا‏.‏
المسألة هكذا ينبغي لها ألا تختلط فيها أوراق كثيرة‏,‏ ولا يوجد ما يدعو إلي إعطاء من حارب وقاتل وفاوض وعرف إسرائيل داخلها وخارجها دروسا في إدارة العلاقات والتفاعلات المتعلقة بالأمن القومي‏.‏ وبنفس المنطق ينبغي فيها ألا يتم خلط مسألة انتهاك الحدود المصرية بالأنفاق والأسلحة التي لا دخل لمصر فيها‏,‏ مع المسألة الإسرائيلية بحيث تكون الأخيرة هي المحلل للأولي لأن الكل يعرف أن ما يجري عرض وسوف يعرض أمن مصر للخطر‏,‏ وأن السلاح الذي يتم تهريبه جري استخدامه ضد الفلسطينيين قبل غيرهم‏,‏ وعندما وضع السلاح في خدمة الاستراتيجية فإنها لم تكن استراتيجية فلسطينية يستحيل وجودها في ظل الانقسام الحالي‏,‏ كما لم تكن استراتيجية عربية خاصة بعد أن أفشلت حماس جهود المصالحة المصرية‏.‏ ومرة أخري فإن مصر لن تستدرج مرة أخري لمعارك لم تقرر خوضها‏,‏ ولن يتلاعب بها من يستخدم العروبة أو الإسلام أو إسرائيل لخدمة أغراض دول أخري‏.‏ فهل باتت الأمور واضحة؟
[email protected]

المزيد من مقالات د.عبد المنعم سعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.