تكثيف جهود النظافة والتجهيز لاستقبال عيد شم النسيم وأعياد الربيع في المنيا    فيديو.. شعبة بيض المائدة: لا ارتفاع في الأسعار بسبب شم النسيم    ورش عمل مكثفة لمديريات الإسكان حول تطبيق قانون التصالح في بعض مخالفات البناء    إصابات بين المدنيين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يضغط لاستبعاد قطاع الزراعة من النزاعات التجارية مع الصين    حمدي فتحي: استحقينا التتويج بكأس قطر.. ولا أرى صعوبة في المنافسة على الدوري    حسام عاشور: رفضت الانضمام للزمالك.. ورمضان صبحي "نفسه يرجع" الأهلي    البحيرة: ضبط 240 كيلو دهون غير صالحة للاستهلاك و4 مخابز لتصرفهم في 95 شيكارة دقيق بلدي    البحر الأحمر تستعد لأعياد شم النسيم بتجهيز الشواطئ العامة وارتفاع نسبة الإشغال في الفنادق إلى 90%    العثور على جثة عامل ملقاة في مصرف مياه بالقناطر الخيرية.. أمن القليوبية يكشف التفاصيل    إيرادات فيلم السرب تتخطى 9 ملايين جنيه.. وشقو يقترب من 63 مليون    أخبار الأهلي: شوبير يكشف عن تحديد أول الراحلين عن الأهلي في الصيف    استعدادا لشم النسيم ..رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات الجامعية    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    وزير المالية: 3.5 مليار جنيه لدعم الكهرباء وشركات المياه و657 مليون ل«المزارعين»    أوكرانيا تسقط 23 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    رئيس الوزراء الياباني: ليس هناك خطط لحل البرلمان    قصف مدفعي إسرائيلي على الحدود اللبنانية    يصل إلى 50 شهاباً في السماء.. «الجمعية الفلكية» تعلن موعد ذروة «إيتا الدلويات 2024» (تفاصيل)    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأحد في الأسواق (موقع رسمي)    الإسكان: 98 قرارًا لاعتماد التصميم العمراني والتخطيط ل 4232 فدانًا بالمدن الجديدة    «الري»: انطلاق المرحلة الثانية من برنامج تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية في الساحل الشمالي والدلتا    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    كرة طائرة - مريم متولي: غير صحيح طلبي العودة ل الأهلي بل إدارتهم من تواصلت معنا    «شوبير» يكشف حقيقة رفض الشناوي المشاركة مع الأهلي    استقرار ملحوظ في سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري اليوم    اتحاد القبائل العربية: نقف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة «مدينة السيسي» هدية جديدة من الرئيس لأرض الفيروز    العمل: توفير 14 ألف وظيفة لذوي الهمم.. و3400 فرصة جديدة ب55 شركة    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    التصريح بدفن شخص لقي مصرعه متأثرا بإصابته في حادث بالشرقية    وفاة كهربائي صعقه التيار بسوهاج    تبدأ من 5 جنيهات.. أرخص 10 أماكن «فسح وخروج» في شم النسيم 2024    ضبط سيارة محملة ب8 أطنان دقيق مدعم مهربة للبيع بالسوق السوداء بالغربية    مسؤول أممي: تهديد قضاة «الجنائية الدولية» انتهاك صارخ لاستقلالية المحكمة    نجل الطبلاوي: والدي كان يوصينا بحفظ القرآن واتباع سنة النبي محمد (فيديو)    يعود لعصر الفراعنة.. خبير آثار: «شم النسيم» أقدم عيد شعبي في مصر    سرب الوطنية والكرامة    الكاتبة فاطمة المعدول تتعرض لأزمة صحية وتعلن خضوعها لعملية جراحية    حكيم ومحمد عدوية اليوم في حفل ليالي مصر أحتفالا بأعياد الربيع    رئيس «الرعاية الصحية» يبحث تعزيز التعاون مع ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة    صحة الإسماعيلية تنظم مسابقات وتقدم الهدايا للأطفال خلال الاحتفال بعيد القيامة (صور)    أخبار الأهلي: تحرك جديد من اتحاد الكرة في أزمة الشيبي والشحات    وزير شئون المجالس النيابية يحضر قداس عيد القيامة المجيد ..صور    إنقاذ العالقين فوق أسطح المباني في البرازيل بسبب الفيضانات|فيديو    كريم فهمي: مكنتش متخيل أن أمي ممكن تتزوج مرة تانية    مخاوف في أمريكا.. ظهور أعراض وباء مميت على مزارع بولاية تكساس    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصعيد المنسي ..الفقر والجهل والمرض تحاصر القري والنجوع
المدارس متهالكة والحصص في فناء المدرسة

الفقر والجهل والمرضثالوث يطارد الصعايدة في معظم القري والنجوع‏,‏ يعيشون زمن الثلاثينيات أو الأربعينيات علي الأكثر فالحالة المزرية التي يعيشها الأهالي تقشعر لها الأبدان والظاهرة العامة هي الفقر المدقع للأغلبية من سكان تلك المناطق. أما الأغنياء فهم قلة, والمشهد الطبيعي أن تري الأزقة في الصعيد وأبواب مساكن ملتصقة وبالاقتراب منها تدهش من هول ما تراه, فالمسكن عبارة عن حجرة واحدة مساحتها لا تتعدي المترين دون اي منافذ للتهوية وأثاثها حصيرة تبسط في المساء فقط للنوم عليها وربما لا يمثل ذلك مشكلة لهم في فصل الصيف إلا في عدم التهوية, أما الشتاء فهو المعاناة الكبري من شدة البرد وعدم وجود الغطاء الكافي وغالبا الطعام أيضا لا يتوافر لهم.
فسكان هذه القري والنجوع حياتهم بعيدة عن المدنية ومنعزلون عن العالم وتم إهمالهم خلال العقود الماضية ولم تضعهم الحكومات السابقة علي خريطة التنمية أو حتي الاهتمام وهو ما يستلزم من الحكومة الحالية مجهودات مضنية لتحسين أوضاعهم قدر المستطاع, فلا توجد لديهم حتي وسائل ليتواصلوا من أجل المطالبة بحقوقهم فأغلبهم لا يشاهدون حتي التليفزيون لأنهم لا يمتلكونه وإذا تابعوه علي احد المقاهي إن وجدت ووفقا لعاداتهم فهي للرجال فقط, ولنا أن نتخيل حال تلك الأسر في مثل هذه الأجواء و إن صعب ذلك بالنسبة لكثيرين من المرفهين في العاصمة0
أما عن التعليم فهو مأساة بمعني الكلمة فالمدارس أبنيتها متهالكة وأغلبها يجب إزالته فورا, وهناك تلاميذ لا يجدون مكانا سوي في فناء المدرسة ليحصلوا علي العلم إذا ما توافر لهم بسبب العجز الشديد في المعلمين, وكل هذا بعيد عن رقابة ومتابعة واهتمام حقيقي من الوزارة بتلك المناطق فلا تدري مثلا أن القائم بأعمال إدارة إحدي المدارس يصرخ مناشدا المسئولين أنه ليس بالكفاءة لإدارة المدرسة ويطالب بتعيين مدير كفء لذلك.
أما عن الصحة فحدث ولا حرج فهي مهزلة بكل المعاني فإن وجدت وحدة صحية مجهزة فلن تجد الطبيب المتخصص وينتهي العمل بها الثانية ظهرا وفقا لمواعيد الطبيب الممارس, وفي مناطق أخري لا تجد إلا هيكل مبني قديم تسكنه الحيوانات الضالة والحشرات القاتلة والمرضي يعانون الأمرين خصوصا أن أمراضهم وإصابتهم تنشأ من طبيعة وظروف المكان المحيط بهم والذي يحتاج إلي إسعافات سريعة لإنقاذهم من الموت سواء كان من طلق ناري أو إصابة من آلة حادة أو لدغ عقرب, فهذا كله لمسناه جليا خلال جولة تحقيقات الأهرام في بعض محافظات الصعيد وبالتحديد في بعض قري ونجوع المنيا وأسيوط, وهي أبعد ما تكون عن جميع الخدمات فحين تصل لهناك تفقد أي وسيلة اتصال بالخارج, فلا وجود لشبكات المحمول, وأول شيء تصادفه وأنت في الطريق للوصول لتلك المناطق تري وسائل النقل للمواطنين سيارات نصف نقل, وليس ما يمنع أن تنقل الحيوانات معهم في سيارة واحده, ومن لحظة أن تطأ قدماك الأرض في تلك المناطق لا تلمس إلا روث الحيوانات المنتشر في كل مكان سواء كانت بالشوارع والأزقة بحيث لا تتنفس إلا تلك الرائحة وكأنك داخل حظيرة حيوانات لا يدخلها الهواء أو الشمس وتتعجب من تعايش الأهالي في تلك الأجواء.
وفي قرية الشيخ شبيكة توجهنا إلي الوحدة الصحية التابعة للقرية حيث المبني المقام حديثا في داخل أحد الأزقة علي مساحة صغيرة ويصعب الاستدلال عليه, والوحدة بها طبيب ممارس رفض الحديث عن أحوال الوحدة والمشكلات التي تواجههم أو الخدمات التي يفتقدونها.
وفي حوارنا مع أبناء القرية أثناء الجولة قال سعد عبد اللطيف إن الأهالي يعانون الأمرين إذا مرض لديهم أي شخص, بالرغم من أن الوحدة الصحية بها أجهزة ومعدات الا أنها تفتقر لأطباء متخصصين ولا يوجد بها إلا طبيب ممارس ويأتي من التاسعة صباحا ويغادر الثانية ظهرا.
وأضاف أن القرية لطبيعة قربها من الجبل تتعرض لهجمات من الذئاب والحشرات القاتلة مثل العقارب والثعابين ويتعرض الكثيرون في القرية للعقر واللدغ ولا نجد علاجا أو طبيبا يستقبل الحالات ليداويها فنضطر لنقله إلي المستشفي العام في مركز ملوي التي تبعد نحو20 كيلو مترا لمحاولة إنقاذه وحصوله علي المصل والذي لا يتوافر بسهولة مما يؤدي في أحيان كثيرة لوفاة المريض وأقربها وفاة طالب ثانوي.
تجارة السلاح
أما قرية بني محمديات التابعة لمركز أبنوب بأسيوط فإنها تعد مصدرا رئيسيا لتجارة السلاح ومسرحا للخصومات الثأرية ويعيش أهلها في تهديد دائم تحت تهديد الطلقات الطائشة ويحتاجون إلي الإنقاذ الطبي السريع لكنهم لا يجدون من ينقذ أرواحهم وهنا تكمن المأساة في المركز الطبي المخصص له مساحة4 أفدنة كاملة بالقرية ولا يستغل منها سوي الموقع الذي تم عليه بناء المركز الطبي وتبلغ مساحته أكثر من2600 متر, حيث تتخذ المأساة عدة أشكال وألوان, ولو بدأنا بالمركز الطبي فسنجد السور الخارجي متهالكا تماما ومنخفضا ويسهل تخطيه بسهولة بالإضافة إلي وجود فتحات كثيرة به نظرا لاختفاء أجزاء منه وهو ما يسهل عملية السرقة للأجهزة الطبية إن وجدت ووجدنا الأبواب مفتوحة علي مصراعيها فسعدنا كثيرا ظنا منا أن الخدمة الطبية تقدم علي مدار ال24 ساعة متواصلة علي عكس ما يشيع الأهالي وبعد لحظات تجولنا داخل المركز دون أن يستوقفنا أحد وفجأة ظهر قطيع من الكلاب الضالة تنطلق بسرعة جنونية نحونا وتريد أن تهاجمنا ولولا تدخل أهالي القرية لفتكت بنا وعقب ذلك وجدنا المبني متهالكا تماما ونوافذه الزجاجية مهشمة والأقفال الموضوعة علي الباب يغلفها الصدأ, وعندما استفسرنا من الأهالي أكدوا لنا أن ذلك المبني هو مركز تدريب الأطباء وهو مغلق ولم يدخله بشر منذ أكثر من20 عاما حتي تحول إلي بيت للأشباح, وبعد ذلك شاهدنا مستنقعا ينتشر به نبات الغاب الذي لا ينبت إلا علي جنبات المصارف, وعقب ذلك دخلنا إلي المركز الصحي المكون من طابقين فلم نجد أحدا وحاولنا دخول غرف المرضي فوجدناها مغلقة تماما ولا يوجد أحد وعندما دخلنا إلي دورات المياه وجدناها سيئة للغاية وربما لم تستعمل منذ عشرات السنين, وبعد مرور أكثر من15 دقيقة خرجت علينا إحدي السيدات وقالت لنا ماذا تريدون فاستفسرنا عن الأطباء فقالت لنا إن الطبيب باستراحته بالطابق الأعلي وطلبنا منها الصعود فرفضت بشدة وقالت الطبيب يجلس بمفرده ومن يريده يذهب إليه, وتركتنا في حيرة من أمرنا وما إن جلسنا علي مقاعد الاستراحة انتظارا لظهور الأطباء حتي دخل علينا طفل صغير يدعي محمد خالد محمد حسان طالب بالصف الأول الابتدائي يشكو من آلام حادة في أسنانه والدموع تنهمر من عينيه, ويستنجد بالأطباء لكن دون جدوي, وعقب ذلك دخل علينا مواطن آخر يدعي ميلاد واصف من أهالي القرية وبيده سرنجة وأمبول وظل يبحث داخل أروقة المركز عمن يحقنه لكنه فشل مثل سابقيه من الأهالي.
بعدها تقابلنا مع الحاج عثمان محمد عثمان من أهالي القرية والذي بادرنا قائلا إن قرية بني محمديات من القري التي تنتشر بها الخصومات الثأرية, حيث تتصارع ثماني عائلات فيما بينها وكثيرا ما يحدث الاشتباك بينهم في آن واحد وهو ما يجعل سماء القرية تمطر أعيرة نارية وكثيرا ما يسقط قتلي ومصابون ولو حتي عن طريق الخطأ وأول ما يحدث عقب ذلك هو اخذ المصاب إلي المركز الطبي الذي يقع علي بعد خطوات من القرية ولكن للأسف المصاب يلفظ أنفاسه الأخيرة داخل ذلك المركز الذي ليس به أي إمكانات طبية, هذا فضلا عن إهمال الأطباء الذين لا حول لهم ولا قوة.
التعليم في الحوش
وخلال جولتنا بقرية الشيخ كبيشة لمحنا من بوابة المدرسة اصطفاف التلاميذ علي الأرض وتتقدمهم إحدي السيدات وتقرأ عليهم من أحد الكتب, فاتجهنا نحوهم دون أن يوقفنا رجال الأمن أو العاملون بالمدرسة, وتحولت نظرات الأطفال الينا متعجبين من وجودنا أثناء تلقيهم الحصة الدراسية.
دخلنا أحد الفصول وهالنا ما رأيناه, تكتل من التلاميذ علي أدراج متهالكة ومحطمة وبعضهم يقف لا يجد مكانا يجلس عليه وأمامهم معلم يحاول استيعاب الضوضاء التي يحدثها التلاميذ من كثرتهم فسألناه عما يدور, فقال لنا أنه يشرح لتلاميذ فصلين داخل فصل واحد نظرا للعجز في المدرسين.
وللوقوف علي حقيقة الأمور تحدثنا مع القائم بأعمال مدير المدرسة عصام ناجي عبدالمجيد الذي اعترف بانه ليس لديه القدرة و الكفاءة في إدارة المدرسة فنيا أو إداريا وطالب المسئولين بالوزارة بسرعة تعيين قيادة لإدارة المدرسة بأقصي سرعة وحل مشكلة العجز في أعداد المدرسين.و قال طه عبد المولي مزارع بالقرية إن المدرسة الإعدادية صادر بشأنها قرار إزالة منذ عام1995 ولم ينفذ حتي الآن ومازال العمل مستمرا بها مع تكرار نفس مشكلات التعليم الابتدائي من عجز في المدرسين وعدم توافر للفصول لاستيعاب الطلاب, وإن الأعجب من كل هذا إقامة مبني للتعليم الأزهري كصرح للتعليم وتوقفه لعدم توافر معلمين للتدريس.
الفقر متفش
أما عن الأحوال الاجتماعية في القري والنجوع التي زرناها لا يرثي لها, فالفقر متفش في كل مكان, وحسبما ذكر أكرم مهني قطب رئيس جمعية تنمية المجتمع بالشيخ شبيكة فإن نسبة الفقراء تتعدي75% من عدد السكان في قري ونجوع الصعيد يعيشون في الأزقة والحارات الضيقة ويغطي سماءها الذباب, والبيت لا يتكون إلا من غرفة واحدة بها كل أغراض حياتهم, وهي الحصيرة وبعض الأواني والكانون ودورة مياه غير آدمية, وكل هذا في مساحة لا تزيد علي ثلاثة أمتار و يسكنون المقابر أحياء يعانون في الصيف من الضيق وخنقة النفس داخل جدران أربعة دون منفذ وفي الشتاء يموتون بردا من الجوع ونقص الغطاء.وأضاف قطب أن الاهالي بالقرية أسسوا جمعية تنمية المجتمع لمساعدة الفقراء إلا أن موارد الجمعية بالإضافة إلي ما تتلقاه من مؤسسة مصر الخير وبنك الطعام من تبرعات وأطعمة لشهر رمضان لا يكفي كل هذا العدد منهم خصوصا احتياج الاهالي للمساعدات علي مدي العام وليس لشهر واحد, وفي أثناء جولتنا اقتربنا من سيدة تحمل طفلتها وبجوارها باقي الأبناء السبعة وتقف بباب منزلها وقالت الهام زوجة عبده كامل بائع الترمس إن لديها سبعة أبناء يعيشون معها هي وزوجها في حجرتهم وتعد لزوجها الترمس الذي يبيعه كل صباح خارج البلدة وتنتظره كل مساء ليعود لها بحصيلة يومه ليتعايشوا منه داخل حجرتهم الضيقة والمظلمة التي يزاحمهم فيها الذباب كشريك أساسي.
وفي جوار بيت إلهام أسرة صابر صديق بائع الليمون والمكونة من12 فردا يعيش وشقيقه طه صديق مع زوجتيهما وشقيقتيهما ووالدتهما وأبنائهم في حجرة واحدة من طابقين, لن يتخيل أي منا كيف يمارس كل منهم حياته في ذلك الوضع المهين آدميا.
حياة بدائية
أما في أسيوط وبالتحديد قرية المنشاة الصغري, فالوضع أكثر مأساوية, فعدد سكانها أكثر من ثمانية آلاف نسمة يعيشون حياة بدائية للغاية, ويعتمدون علي الطلمبات الحبشية في تدبير احتياجاتهم من المياه التي تتسبب في كثير من الأمراض لاختلاطها بالصرف الصحي وعدم تنقيتها.
أما مشكلة المشكلات حيث يوجد بالقرية مخبز واحد و نصيب الفرد من الخبز يوميا يقدر بنصف رغيف وهو لا يلبي احتياجات الفرد علي الإطلاق, ولحل هذه المشكلة لجأ أصحاب المخبز وبعض الشخصيات في القرية إلي حل وسط حيث تم تقسيم الأهالي إلي مجموعتين كل مجموعة تأخذ احتياجاتها من الخبز مرة كل يومين, ويعاني أهالي القرية من ضعف وتذبذب التيار الكهربائي الذي يتسبب في إتلاف الأجهزة الكهربائية وكذلك وجود مصرف لصرف ملوحة الأرض تحول إلي برك ومستنقعات بعدما ألقي الأهالي به مخلفاتهم وكذلك الحيوانات النافقة وهو ما جعله مصدرا للأوبئة والأمراض, أما أهم مطالب أهالي القرية فهو استكمال مشروع الصرف الصحي الذي توقف فجأة دون معرفة سبب حتي الآن.
يقول رمضان نصر من شباب القرية إن القرية تعيش حياة بدائية للغاية وإنهم محرومون من المياه النظيفة والطرق الممهدة والخدمات الصحية والتعليمية والأكثر من ذلك أنه لا يوجد مركز شباب يفرغ به الشباب ما بداخلهم من طاقات لتظل قرية المنشاة الصغري كما هي قرية فقيرة تشكو من النسيان وغلفها الحرمان.
وتحدث جمال محمد سيد من أهالي القرية قائلا إن القرية تعيش في القرون الوسطي فنحن نعتمد في توفير احتياجاتها من المياه علي الطلمبات الحبشية لعدم قدرة خزان المياه علي تغطية كل احتياجات القرية ويترتب علي ذلك إصابة العديد من الأهالي بأمراض الفشل الكلوي والحصوات والتليف الكبدي وما غير ذلك, أما عن الصرف الصحي فقد توقف المشروع منذ ثلاث سنوات ويضطر الأهالي إلي حفر آبار أسفل منازلهم لتصريف المياه, ويترتب علي ذلك عدة كوارث منها التهديد الدائم بانهيار المنازل لتآكل الأساسات.
للأموات فقط
أما عزبة حبالي فإن أحياءها أموات وهو شعار رفعه أهالي العزبة للتذكير بحالهم المأساوي الذي لا يرتقي لأي معيشة آدمية حيث يعيش الأهالي كالأموات في حياتهم وسط المقابر حتي إن بعض أهالي العزبة التي تتبع مركز أبنوب بأسيوط اتخذوا من التسول بالمقابر موردا رئيسيا لمعيشتهم حيث ينتظرون ما يوزعه أهالي الموتي ترحما علي موتاهم لتوزيعها علي أهالي العزبة التي يعمل أغلب أبنائها في مهنة دفن الموتي والتي لا يعرفون غيرها.
يقول عامر عبد اللهمن أهالي العزبة إن ثالوث الفقر والجهل والمرض يسيطر علي أهالي القرية, فلا توجد أي خدمات بالعزبة التي تحيط بها المقابر من كل اتجاه وتقع علي حدود الجبل الشرقي, فالعزبة محرومة من أقل الحقوق البشرية في العيش حياة آدمية. ويضيف سيد محمد من أهالي القرية أن مشكلة المياه من المشكلات العضال التي يعاني منها أهالي العزبة حيث لا نعلم ما مصدرها و لا تصلح تماما للاستخدام الآدمي0
وتحدث محمود عطيةموضحا أن مشكلة الصرف الصحي أيضا من المشكلات الكبري والخطيرة أيضا, حيث يقوم الأهالي بتصريف المياه أسفل منازلهم ولا نعلم أين تتسرب هذه الكميات التي ربما تحدث كارثة في يوم ما بانهيار المقابر والمنازل.
ويوضح أحمد محمود سيدمن أهالي العزبة أن أطفال العزبة محرومون من أبسط حقوقهم في التعليم, حيث لا توجد بالعزبة مدرسة للتعليم الإعدادي أو الثانوي ويسيرون عدة كيلومترات إلي أقرب مدرسة وهو ما يعقد العملية التعليمية حيث يخشي عدد كبير من الأهالي علي أبنائهم, هذا بالإضافة إلي الأحوال الاقتصادية الصعبة التي لا تتحمل تكبد الأسرة مصاريف التنقل والتعليم.
وقال حمدي عبد الرحيم من شباب العزبةإن أسطوانات البوتاجاز التي تطرح أمامنا في الأسواق بسعر50 جنيها للأسطوانة ولا نجد معنا من المال ما يكفي احتياجاتنا حتي يفيض لشراء اسطوانات البوتاجاز لذا لجأ العديد من الأهالي إلي استخدام الكانون والأفران البلدية لطهو العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.