مرة أخري تنجح سيدة في الوصول إلي قمة السلطة في آسيا متجاوزة كافة العراقيل في ظل مجتمع ذكوري مازالت تتسع فيه الفجوة بين الرجال والنساء. فقد فازت مؤخرا' بارك جوين هي' مرشحة الحزب المحافظ في الانتخابات الرئاسية في كوريا الجنوبية لتصبح أول سيدة تتولي الرئاسة في البلاد.وبذلك تنضم بارك هي لقائمة طويلة من السيدات اللائي نجحن في اختراق حاجز التقاليد المقيدة ووصلن إلي سدة الحكم في عدد من الدول الآسيوية. ومثلها مثل السيدات الأخريات في القائمة, باستثناء رئيسة الهند الحالية براتيبها باتيل, فإن نجاح بارك هي يرتبط بما يوصف ب الإرث السياسي لرجل من العائلة سواء كان الأب أو الزوج أو الأخ. فرئيسة كوريا الجنوبية الجديدة, التي ستتولي السلطة في فبراير المقبل, هي ابنة الديكتاتور بارك تشونج هي الذي تولي رئاسة البلاد في الفترة ما بين1961-1979 ويعد المحرك الأساسي للنهضة الاقتصادية لكوريا الجنوبية. وقد اغتيل علي يد مدير المخابرات. ووفقا ل هو شولي, الصحفية الصينية البارزة, فإن اعتلاء النساء المسرح السياسي في آسيا غالبا ما يأتي نتيجة مزيج من' الاحساس بالمسئولية وحمل التركة للعائلة' إلا أن ذلك لا ينفي تمتع بعض هؤلاء السيدات بالرؤية السياسية والقدرة علي قيادة البلاد. وتبدأ قائمة الحاكمات الآسيويات التي انضمت إليها بارك مؤخرا ب سيريمافو باندرانايكا أول سيدة تتولي منصب رئيس الوزراء في العالم وذلك بعد انتخابها لتخلف زوجها رئيس وزراء سريلانكا سولومون باندرانايكا في عام1960 عقب اغتياله علي يد متطرف. كما تولت ابنتها تشاندريكا كومارتونجا, الذي اغتيل زوجها النجم السينمائي والمعارض السياسي في عام1988, رئاسة البلاد في الفترة مابين1994-2005 بل وعينت والدتها رئيسة للوزراء. أما أول سيدة تتولي الرئاسة في القارة الآسيوية فكانت كورازون أكينو والتي قادت المعارضة في الفلبين, رغم افتقارها للخبرة السياسية بعد عامين ونصف من اغتيال زوجها السيناتور المعارض للنظام بنينو أكينو, وأطاحت بالديكتاتور فرديناند ماركوس إلا أن لقب ربة المنزل الأولي ظل يطاردها حتي انتهاء فترة حكمها. كما شهدت الفلبين صعود سيدة أخري هي جلوريا أرويو, إبنة رئيس الفلبين الأسبق ديوسدادو ماكابجال, والتي تولت منصب نائب الرئيس في الفترة من1998-2001 ثم رئاسة البلاد علي مدي عشر سنوات(2001-2010) وفي اندونيسيا تولت ميجاواتي سوكارنوبوتري, ابنة سوكارنو أول رئيس لاندونيسيا والذي أطيح به في انقلاب عسكري في1965, السلطة في البلاد في الفترة ما بين عامي2001-2004 وذلك بعد أن كانت نائبة للرئيس عبد الرحمن وحيد. كما شهدت الهند وباكستان, الجارتان اللدودتان, صعود سيدتين اكتسبتا شهرة واسعة نظرا لقوة شخصيتهما وتأثيرهما الكبير في سياسات بلادهما وانتهت حياتهما بالاغتيال: أنديرا غاندي, أبنة الزعيم الهندي جواهر لال نهرو, وتعد ثاني سيدة في العالم بعد' سيريمافو باندرانايكا' تفوز بمنصب رئاسة الوزراء وقد تولت رئاسة حكومة الهند لثلاثة فترات متتالية من1966 حتي1977 ثم أعيد انتخابها للمنصب مرة أخري في عام1980 إلي أن تم اغتيالها علي يد أحد حراسها من السيخ في عام.1984 وبينظير بوتو, أبنة ذو الفقار علي بوتو رئيس الوزراء الراحل ومؤسس حزب الشعب الباكستاني ذو الفقاربوتو الذي أعدم عقب انقلاب عسكري. تولت رئاسة الوزراء في الفترة مابين عامي1988-1990 ثم في الفترة ما بين1993-1996 وتم الاطاحة بها في المرتين قبل انتهاء فترة حكمها بموجب قرار رئاسي بعد اتهامات بالفساد. اغتيلت في تفجير في عام.2007 وفي بنجلاديش كان الحكم يتداول بين سيدتين هما: البيجوم خالدة ضياء أرملة الرئيس ضياء الرحمن الذي اغتيل في انقلاب عسكري, والشيخة حسينة واجد أبنة الرئيس مجيب الرحمن مؤسس دولة بنجلاديش والذي اغتيل خلال انقلاب عسكري. وفي تايلاند العام الماضي تم انتخاب ينجلوك شيناواترا لتصبح أول سيدة تتولي رئاسة الوزراء في تاريخ البلاد. وتنتمي وينجلوك أيضا لعائلة سياسية فشقيقها هو تاسكين شيناواترا رئيس الوزراء السابق لتايلاند والذي اطيح به في انقلاب عسكري في عام2006 وهو مطلوب حاليا للعدالة لتورطه في جرائم فساد. الغريب أن أول تعليق ل تاسكين علي فوز شقيقته أنها استنساخ منه وهو ما يكشف عن استمرار رفض المجتمع الذكوري في آسيا للاعتراف بنجاح السيدات دون مظلة ذكورية ويري المحللون أنه علي الرغم من أن القارة الآسيوية قد سبقت أوروبا إلي انتخاب أول رئيسة وزراء وأول رئيسة إلا أن السيدات في آسيا مازلن يعانين من عدم المساواة وأن فجوة كبيرة بين النساء والرجال في التوظيف والأجور و في المشاركة في الحياة السياسية. ووفقا لتقديرات الأممالمتحدة فإن القيود التي تفرض علي توظيف النساء في الدول الآسيوية تكبد البلاد خسائر تقدر بحوالي89 مليار دولار سنويا مشيرة إلي أن القارة التي تناضل من أجل انتشال أكثر من ثلاثة ملايين شخص من مستنقع الفقر تهدر أموالا تعادل الدخل القومي الاجمالي لدولة مثل سلوفاكيا وذلك لمجرد تفضيلها للذكور.وللتدليل علي ذلك يوضح أحد الخبراء الاقتصاديين أنه لو تم مساواة معدلات توظيف النساء بمعدلات توظيف الرجال في اليابان علي سبيل المثال لارتفع اجمالي الدخل القومي بنسبة15%. ورغم استمرار التمييز ضد النساء في آسيا إلا أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن القارة قد قطعت شوطا كبيرا علي طريق تمكين المرأة رغم سيطرة السلطة الأبوية وذلك في وقت لازالت فيه الولاياتالمتحدة, معقل الحريات والدعوة للمساواة, غير مستعدة لتقبل رئيسة في البيت الأبيض.