ليوم الحلقة الأخيرة من وصف بهاء وجمال سيدنا محمد صلي الله عليه وآله وسلم ونكون بذلك استكملنا تفاصيل جسده الشريف بما ورد إلينا في السنة الشريفة, كمحاولة لتقريب صورته إلي ذهن الأجيال الحاضرة والقادمة من المسلمين, والتفاصيل الباقية من أوصافه الشريفة كما يلي: 31 شيبه صلي الله عليه وآله وسلم: لم ينتشر الشيب في شعر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وإنما كان قليل الشيب, فلم يكن عنده شيب إلا في سبع عشرة شعرة في مقدمة لحيته, وكذلك عنفقته صلي الله عليه وآله وسلم كما مر, وكان ما حدث له من شيب بسبب تدبر القرآن والخشية من الله, فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله قد شبت! قال صلي الله عليه وآله وسلم : شيبتني هود وأخواتها( رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه), وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: إنه لم ير منه الشيب إلا نحو سبعة عشر, أو عشرين شعرة في مقدم لحيته( أخرجه ابن ماجه في سننه وأحمد في مسنده).. وكان البياض في العنفقة قليلا, وفي الرأس نبذ يسير لا يكاد يري. 32 عرقه صلي الله عليه وآله وسلم: كان عرقه صلي الله عليه وآله وسلم علي وجهه كاللؤلؤ الرطب, وكان ريح عرقه المسك, وكان ذلك من خصائصه, وكان أصحابه يلتمسون عرقه ويجمعونه للتطيب به لجمال رائحته, وقد ثبت كل ذلك بالسنة الصحيحة, فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم كأن عرقه اللؤلؤ( صحيح مسلم), وعنه رضي الله عنه قال: ولا شممت مسكا قط ولا عطرا كان أطيب من عرق النبي صلي الله عليه وآله وسلم( رواه الترمذي وأصله في الصحيحين), وعنه رضي الله عنه قال: دخل علينا صلي الله عليه وآله وسلم فقال عندنا( من القيلولة), فعرق, وجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها, فاستيقظ النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك, نجعله في طيبنا, وهو من أطيب الطيب( البخاري ومسلم واللفظ لمسلم), وفي رواية لمسلم: فقالت: يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا, قال: أصبت. 33 اعتدال خلقه صلي الله عليه وآله وسلم: كان صلي الله عليه وآله وسلم معتدل الخلقة متماسكا, ليس بمسترخي اللحم ولا كثيره, وكان جسمه حسنا أبيض, وثبت ذلك الوصف في سنته الشريفة, فروي: كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أبيض مليحا مقصدا( صحيح مسلم), أي ليس بجسيم ولا نحيف ولا قصير ولا طويل. 34 قوامه صلي الله عليه وآله وسلم: كان صلي الله عليه وآله وسلم متناسق القوام ربعة, لا عيب في صورته ولا في جسده, تألفه العين, وتنبهر بجماله إذا اقترب, وثبت ذلك في سنته الشريفة, حيث روي: كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم رجلا مربوعا( مربوعا: وسطا بين الطول والقصر ولكنه إلي الطول أقرب).( البخاري ومسلم). 35 إبطه صلي الله عليه وآله وسلم: كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أبيض الإبطين, وقد ذكر ذلك أنس رضي الله عنه وغيره من الصحابة, فعن عبدالله بن مالك ابن بحينة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إذا سجد فرج بين يديه حتي نري بياض إبطيه( البخاري ومسلم). 36 مشيه صلي الله عليه وآله وسلم: كان لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مشية مميزة, فكانت الأرض تتواضع وتخضع تحت قدمه, فكان يري صلي الله عليه وآله وسلم وهو يمشي في الطريق المستوي وكأنه منحدر, وكان ذلك إجلالا من تلك الأرض التي شرفت بسير رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عليها, كما أنه كان يسير في همة وقوة صلي الله عليه وآله وسلم وكان يمشي مسرعا, وكان أصحابه يمشون بين يديه ويتركون ظهره للملائكة, وكان صلي الله عليه وآله وسلم لا يلتفت في مشيه. فعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم إذا مشي تكفأ, أي كأنما ينزل من موضع منحدر( البخاري ومسلم), وروي كذلك: كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم إذا مشي تقلع( رفع الرجل من الأرض بهمة وقوة, لا مع التراخي وتقارب الخطا)( رواه الترمذي في سننه وفي الشمائل) وكان النبي صلي الله عليه وآله وسلم إذا مشي مشي أصحابه أمامه وتركوا ظهره للملائكة( أخرجه ابن ماجه في سننه وأحمد في مسنده), وكان النبي صلي الله عليه وآله وسلم إذا مشي لم يلتفت( رواه الحاكم في المستدرك), وكان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إذا مشي أسرع( رواه الحاكم في المستدرك). 37 خاتم النبوة: كان خاتم النبوة عند رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يشبه الغدة الحمراء, وحجمه مثل بيضة الحمامة, وكان موقعه بين كتفيه صلي الله عليه وآله وسلم في أعلي الظهر, وكان أميل للكتف الأيسر, وقد ذكره غير واحد من أصحابه رضي الله عنهم بذلك الوصف, فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: رأيت الخاتم بين كتفي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم غدة حمراء مثل بيضة الحمامة( رواه الترمذي في سننه) قال القرطبي رضي الله عنه : اتفقت الأحاديث الثابتة علي أن خاتم النبوة كان شيئا بارزا عند كتفه الأيسر( فتح الباري, للحافظ ابن حجر العسقلاني). فكان صلي الله عليه وآله وسلم كما قال الإمام البوصيري: