لم تقهر مليونية النهضة او تريليونتها كما يحب ان يسميها انصار الجماعة ارادة الاغلبية الصامتة التي خرجت دون تنظيم, أسرا وأفرادا زارفات ووحدانا, مواطنون مصريون عاديون تنادي بعضهم بعضا وتركوا بيوتهم للنزول ربما للمرة الاولي الي ميدان التحرير او الي قصر الاتحادية ليس من اجل اسقاط الرئيس مرسي او انهاء حكم جماعة الاخوان المسلمين, ولكن من اجل انقاذ مصر من مأزق تاريخي عصيب لا يصح معه العناد وصلابة الرأي, وإخراجها من حالة الاستقطاب الحاد التي شطرتها الي نصفين يواجه كل منهما الآخر, أيا كان فارق الحجم بين النصفين, قبل ان ينفد الصبر والوقت ويصبح الصدام الاهلي الحل الوحيد المتاح, خاصة ان الساحتين التحرير والاتحادية تغصان بعشرات الآلاف من شباب25 يناير الذين تجمعوا حول القصر الرئاسي دون بادرة عنف واحدة رغم اضطرار قوات الامن الي الانسحاب تحت ضغوط حشودهم الكبيرة, يسعون لاسترداد ثورتهم ويطلبون من الرئيس سماعهم لكن الرئيس لم يخرج اليهم مثلما خرج الي احبائه وعشيرته وغادر القصر الي منزله تاركا الجميع. الدرس واضح والوقت ينفد, وعلي الرئيس ان يختار ما يعيد للجماعة الوطنية شملها ووحدتها, هذا هو خياره الصحيح الوحيد الذي ينقذ مصر ويحفظ مكانته, وعلي الرئيس ان يسلكه لأنه ما من خيار آخر يسد ابواب ريح عاتية قادمة تنذر الجميع بالخطر وسوء المنقلب, علي الرئيس ان يتحمل مسئولياته ويصحح سياسات جماعته التي قسمت البلاد وشقت وحدتها لأنها اثرت الاستحواذ والهيمنة والمغالبة دون اي مسوغ حقيقي يبرر لها هذا السلوك!, ولأنها ارتكبت خطأ تاريخيا جسيما عندما حاصرت مظاهراتها المحكمة الدستورية العليا لترهب القضاة ففتحت الطريق امام حصار القصر الجمهوري بحشود هائلة!, ولأنها اساءت الي الرئيس مرسي ووضعته في هذا المأزق!. وأظن ان الحل الصحيح يكمن في ان يعلق الرئيس مرسي اعلانه الدستوري ويلتزم بوعده بان يطرح علي الشعب دستورا تتوافق عليه كل فئات المجتمع الامر الذي يمكن ان يتم في غضون شهرين, لكن الاكثر اهمية وضرورة ان تعيد جماعة الاخوان المسلمين النظر في مجمل مواقفها وسياساتها وان تعرف علي وجه اليقين انها جزء من كل اكبر منها بكثير, وان المصريين قد اختلفوا علي نحو جذري ولن يقبلوا بديلا عن ديمقراطية حقيقية يشارك في بنائها الجميع, لا تقبل السيطرة المنفردة لأية جماعة مهما يكن حجمها. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد