سبحان مغير الأحوال!!.. فقبل اندلاع الاحتجاجات والمظاهرات التي صاحبت صدور الاعلان الدستوري, كانت الأوضاع شبه هادئة في ميدان سيمون بوليفار المجاور مباشرة لميدان التحرير. السكان كانوا آمنين في منازلهم, مطمئنين علي أنفسهم, وشققهم, وممتلكاتهم, ولا شيء يزعجهم.. فجأة انقلبت الأوضاع رأسا علي عقب.. ويشهد ميدان سيمون بوليفار حتي وقت كتابة هذه السطور- حالة من الهدوء النسبي, فالطريق إلي الميدان مغلق بفعل المتظاهرين المتواجدين في ميدان التحرير, وتنتشر أعداد كبيرة منهم في الشارع المجاور لمسجد عمر مكرم, والمؤدي إلي ميدان سيمون بوليفار, الذي يطل عليه فندقي سميراميس, وشبرد الشهيرين, والقريب أيضا من محيط السفارة الأمريكية! ولم يكن الوصول إلي ميدان سيمون بوليفار أمرا سهلا, فشباب المتظاهرين قد صنعوا حاجزا من الأسلاك البلاستيكية بينهم وبين قوات الأمن التي تنتشر بكثافة بالقرب من ميدان سيمون بوليفار, سيارات الأمن المصفحة تتحرك للأمام والخلف, الراوئح المتصاعدة من قنابل الغاز تشعل النار في العيون والأنوف, الطريق إلي الميدان ومن حوله مليء بالحجارة التي كان المتظاهرون يلقونها علي رجال الأمن وسياراتهم, ويغلق الطريق المجاور للميدان حائط خرساني, لمنع وصول المتظاهرين إلي الشارع المؤدي إلي السفارة الأمريكية القريبة من الميدان, أما شركات السياحة, ومحلات الملابس, وغيرها من الأنشطة التجارية فقد أغلقت أبوابها حتي إشعار آخر!! تواجد كثيف للأمن وبشكل عام, يبدو المشهد في ميدان سيمون بوليفار كئيبا وحزينا, فالميدان يكاد يخلو من الناس, باستثناء بعض المارة, بأعداد محدودة جدا نظرا للتواجد الكثيف لقوات الأمن التي تبسط سيطرتها علي المكان, بالإضافة إلي المتظاهرين المنتشرين في ميدان التحرير وحول مسجد عمر مكرم, والشوارع المحيطة, أما العمارات السكنية الملتفة حول ميدان سيمون بوليفار فقد أغلقت أبوابها الخارجية, كما أغلق السكان النوافذ, تجنبا لوصول الغازات المتطايرة في الهواء من قنابل الغاز. حركة الحياة تتوقف اقتربنا من أحد الماره ويدعي محمد خالد, والذي قال أنه يقيم خلف ميدان سيمون بوليفار, وانه يتجول يوميا في ميدان التحرير إما للمشاركة في للمشاركة في المظاهرات, أو لشراء بعض الأغراض من شارع قصر العيني, مشيرا إلي أن معظم السكان يقيمون في منازلهم, ولا ينزلون الشارع خاصة كبار السن, الذين تخنقهم رائحة الغاز المتصاعدة من قنابل الغاز التي تطلقها ققوات الأمن, خلال اعتداء المتظاهرين عليهم بالحجارة, بينما فضل بعض السكان مغادرة مساكنهم للإقامة لدي أبنائهم أو أقاربهم في مناطق أخري لحين هدوء الأوضاع, مشيرا إلي أن الطلاب لا يذهبون للمدارس, وأن حركة الحياة توقفت تماما في ميدان سيمون بوليفار والشوارع المحيطة, بعد أن أغلقت المحلات أبوابها, تجنبا للاشتباكات التي تنشب بين الحين والآخر بين المتظاهرين وقوات الأمن, والتي تنطلق فيها الأحجار الصغيرة, مما يخشي معه السكان من إصابتهم إذا نزلوا للشارع, فضلا عن صعوبة العودة بسبب إغلاق الشوارع بالحوائط الخرسانية, كما أن العديد من الموظفين غادروا مقار عملهم, بينما فضل اصحاب المحلات التجارية, والعاملون بها الجلوس في منازلهم, بسبب الأحداث, والاشتباكات المتواصلة بين المتظاهرين والأمن, فضلا عن تزايد رائحة الأدخنة المسيلة للدموع بالمجمع, مشيرا إلي أن معظم المتواجدين بالقرب من ميدان سيمون بوليفار, وشارع محمد محمود, هم من الصبية الصغار, وتلاميذ, وطلاب المدارس والجامعات, والذين يفتعلون المشاكل مع رجال الأمن, فيطلقون عليهم الحجارة, بينما يرد رجال الأمن عليهم بقنابل الغاز المسيل للدموع, كما تشهد الشوارع المؤدية إلي ميدان سيمون بوليفار مرورا بميدان التحرير, تواجدا كثيفا للباعة الجائلين. لا حلول بديلة وفي الطريق المؤدية إلي ميدان سيمون بوليفار, التقيت أحد المعتصمين بميدان التحرير ويدعي عبد العزيز محمد, والذي قال لي إنه وجميع المعتصمين من الأحزاب والتيارات السياسية, لن يغادروا المكان حتي يستجيب الرئيس محمد مرسي إلي كافة مطالبهم, المتمثلة في إلغاء الإعلان الدستوري الأخير, وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور بشكل متوازن, يلبي مطالب المصريين, فضلا عن القصاص العادل لشهداء الثورة منذ25 يناير, وإصدار تشريع للعدالة الانتقالية وإعادة هيكلة وزارة الداخلية, مؤكدا أن وجودهم يسبب الكثير من المضايقات للسكان في المنطقة المحيطة بالميدان بسبب الاشتباكات مع قوات الأمن. المأساة ذاتها, يتحدث عنها محمد عبد الله من سكان منطقة جاردن سيتي, والذي يؤكد أن السكان أصبحوا معزولين تماما, فالعديد من المدارس قد أغلقت ابوابها, كما أن الموظفين في الوزارات والجهات الحكومية المحيطة, لا يستطيعون الوصول إلي أعمالهم, كما أن السكان يلجأوون إلي تخزين احتياجاتهم لمدة ايام, لانهم لا يستطيعون نزول الشارع بسبب المظاهرات, والاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين, وكذلك بسبب رائحة الغاز, فضلا عن مخاوف السكان من أن يندس البلطجية والخارجون علي القانون وسط المتظاهرين, مما يهددهم, ويثير الفزع في قلوبهم, كما يخشون علي ممتلكاتهم, وسياراتهم من صعود هؤلاء البلطجية إلي العمارات السكنية المحيطة بميدان سيمون بوليفار, والشوارع المحيطة بميدان التحرير, لذلك يقومون بإغلاق الأبواب الخارجية باستمرار. كبار السن والأطفال مهددون وبالقرب من إحدي العمارات السكنية المطلة علي ميدان سيمون بوليفار, قال لي محمد عبد العزيز إنه يقيم بالمنطقة منذ عشرات السنين, وأن ما يحدث في الميدان من كر وفر, واشتباكات, وقنابل الغاز المسيلة للدموع, تهدد السكان خاصة كبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنه كالربو, والالتهابات الشعبية, فضلا عن الأطفال الصغار الذين يصابون بحالة اختناق عند استنشاق الهواء, مشيرا إلي معاناة سكان المنطقة من الحواجز الخرسانية, التي أقامتها الأجهزة الأمنية.