اجتاحت السيول مناطق كثيرة من سيناء والصحراء الشرقيةوجنوب مصر محدثة خسائر كبيرة, رغم ما تقوم به الدولة من جهود لمجابهتها, وقد قرأت ما جاء في الأهرام عن قصور نظام الإنذار المبكر للسيول والموجود في وادي وتير وانهيار سد وادي النصب القريب من سانت كاترين الي غير ذلك من حوادث مما يذكرنا بانهيار سد الروافعة جنوب مدينة العريش المتكرر, وسد الكرم بمنطقة وسط سيناء, وتابعت ما جاء في بريد الأهرام للواء أ. ح هشام عارف عن اقتراحه إجراءات سريعة لحل مشكلة السيول والحفاظ علي ما تبقي من السدود, وهذه الإجراءات جيدة ولكن يجب الأخذ في الاعتبار بعض المسلمات الخاصة بالظروف الصحراوية مثل ما يلي: تتميز الأمطار الصحراوية بالعشوائية في المكان والزمان فإذا توقعناها في أحد الوديان قد تحدث في غيره وإذا انتظرناها في واد ما عام يمكن ألا تحدث إلا بعد عدة أعوام. في كثير من المعالجات يتم إنشاء السدود قرب مصبات الوديان وتكون سدودا كبيرة وخير مثال لها سد الروافعة علي وادي العريش الذي تبلغ مساحته نحو تسعة عشر ألفا وخمسمائة كيلو متر مربع, وقد أنشئ هذا السد جنوب مدينة العريش بنحو خمسين كيلو مترا فهل يمكن لمثل هذا السد مهما بلغت قوته أن يجابه كمية المياه المتجمعة من جميع روافد السد والتي تبلغ عدة آلاف؟ بدراسة العديد من الوديان اتضح أن السيول كثيرا ما تحدث من أحد روافد الوادي الكبير بالمناطق العليا وليس من كل أجزاء الوادي. ونتيجة العمل في المناطق الصحراوية وخاصة في سيناء أري أن أي إنشاءات ومعالجات يجب أن تتم بداية من الأجزاء العليا حيث أن مواجهة مياه الأمطار التي تجري في عدد صغير من الروافد أسهل من مواجهة المياه التي تتجمع من جميع روافد الوادي الكبير كله (وهذا يشبه أن مواجهة العديد من فصائل الجنود المتفرقة أسهل بكثير من مواجهة لواء كبير كامل مرة واحدة) وهذا هو ما يسبب ويحدث السيول العاتية. وفي هذا الصدد أوضح أن وسائل المواجهة التي تتم علي الأجزاء العليا (كسدود إعاقة) لا تحتاج الي تكلفة أو جهد كبير حيث يتم تجميع الأحجار الموجودة في مجاري الوديان دون اضافة أي مادة لاحمة كالأسمنت لتسمح بمرور المياه الهادئة من خلال الفراغات بين هذه الأحجار وتكرر سدود الإعاقة في أجزاء الوادي حتي الأجزاء الدنيا من الوادي الكبير وهذا يتم بعد دراسات جيومورفولوجية وحقلية بسيطة وغير مكلفة, وهو ينشر التنمية في جميع أجزاء الوادي ويساعد علي تغذية الخزانات الجوفية الضحلة والتي يحفر أهالي هذه المناطق فيها العديد من الآبار الضحلة, وكذلك يمنع انجراف التربة الصالحة للزراعة ويحافظ عليها. د. إبراهيم زكريا الشامي - أستاذ جيولوجيا المياه بعلوم حلوان