الدعاء سلاح فعال في مجال الحماية للإنسان وتحقيق أمنه لأن العقل البشري مهما بلغ ذكاؤه ودهاؤه فإنه يتعرض للزلل والإخفاق ولمواقف يعجز فيها عن التفكير والتدبير ولا يجد مخرجا سوي اللجوء إلي الله بالدعاء. وكذلك أمر الله عباده بالتضرع إليه في الرخاء والشدة فجاء قوله تعالي: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) والدعاء تحقيق لإسلام الوجه لله ومن خصائص التدين السليم ومظاهر افتقار العبد إلي ربه وخالقه الاعتقاد الجازم بأنه هو الذي يعز ويذل ويرفع ويخفض ويحيي ويميت, كما يعد شكلا من أشكال الإيمان العميق والسبب الأساسي لرحمة الله لقوله سبحانه: قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما. ولذلك لم يجعل الله بينه وبين خلقه أحدا من عباده وسيطا في دعائه فقال تعالي (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع اذا دعان) وهو صورة محببة الي الله سبحان وتعالي ومن أعظم العبادات وقد أثر عن النبي صلي الله عليه وسلم قوله: (سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل وأفضل العبادة في انتظار الفرج) والرسول عليه السلام هو الأسوة الحسنة وعندما لحق به الأذي والسخرية والاستهزاء والطرد من أهل الطائف وأصبح هائما علي وجهه لجأ إلي الله بالدعاء قائلا:اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني علي الناس يا أرحم الراحمين). ومن يتعمق في قصص الأنبياء في القرآن الكريم يكتشف كيف التجأ جميع أنبياء الله ورسله إلي الله في الشدة والرخاء طالبين العون والرضا فأزال الله عنهم الهم ورفع الكرب تصديقا لقوله سبحانه:(أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) وكان للأنبياء ابتداء من أبي البشر ادم عليه السلام وانتهاء بخاتم المرسلين محمد صلي الله عليه وسلم أدعية توجه بها كل نبي الي رب العرش في مناسبات وأحداث وابتلاءات ومرت بهم واستجاب الله لدعائهم, وكان له الأثر الايجابي في حياتهم وأداء رسالتهم. كان هذا مجملا لما احتواه الكتاب (عبر من دعاء الأنبياء والصالحين في قصص من القرآن الكريم) لمؤلفه الدكتور رمضان متولي الباحث في الدراسات الإسلامية وقد اشتمل علي أربعة أبواب يضم كل منها عدد من الفصول وتضمنت آيات الدعاء التي وردت في القران الكريم وعددها مائة وستة وخمسون آية في مختلف السور.. وأهمية الدعاء باعتباره مرتبة عالية ومنزلة رفيعة من العبادة والتقرب الي الله وإقرارا من الإنسان بالوحدانية وعدم الشرك بالله تعالي القادر علي نجدته ورعايته وتحقيق مطلبه فيما عجزت عنه قوي البشر, وآداب الداعي بأن يترصد الأوقات المباركة كأيام شهر رمضان وليلة القدر منه ويوم عرفة ويوم الجمعة ووقت السحر من ساعات الليل والسجود في الصلاة.. ويعني الدعاء بأنه الابتهال والتفرغ إلي الله الخالق. وسؤاله من فضله وخيره ورحمته التي لا تنفذ والرغبة في نوال عطاياه ويأتي بتعبير النداء تصديقا لقوله سبحانه (ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون) وما ورد عن ذي النون كما قال في قوله عز وجل (فنادي في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) وما حدث به القران عن زكريا في قوله تعالي (وزكريا اذ نادي ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين). وفضل الدعاء يسبق أفضال كثيرة أنعم الله بها علي عباده المخلصين ومن ذلك ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (من فتح الله له باب الدعاء فتحت له أبواب الجنة)..وللدعاء كما يقول الدكتور رمضان متولي في كتابه منزلة سامية حيث ورد في القرآن الكريم في صورة الأمر من الله في قوله تعالي (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم).