وبالرغم من أهمية المواجهة العاجلة لحوادث السكك الحديدية فان هذه الحلول تظل عاجزة في غياب استراتيجية لتطوير هذا القطاع..ولكن النظام السابق اكتفي بالمسكنات وأهمل العلاج الحقيقي ومن امثله ذلك الدراسة التي تم رفعها لأحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الاسبق والتي ترسم خريطة طريق لإصلاح السكك الحديدية وللأسف كان مصيرها الحفظ في الأدراج. الدراسة أعدها د. عبد القادر لاشين خبير الاممالمتحدة في مجال النقل بالشرق الاوسط وتكشف عن غياب المساءلة الحقيقية خلال السنوات الماضية للمسئولين بالهيئة عن سوء الاداء التشغيلي وهو الأمر الذي يجب أن تحاسب عليه الإدارة والذي يوضح كفاءة الإدارة في استغلال ما هو متاح من طاقات في ظل الظروف السائدة وعلي سبيل المثال لا الحصر وبالرجوع إلي جداول مسير القطارات سيتبين لنا مدي ضآلة الزيادة في أعداد قطارات الركاب علي مدي ربع قرون مضي وأن حجم منقولات البضائع ظل ثابتا بصفة تقريبية خلال السنوات العشر الأخيرة وتضاءل إلي النصف في الفترة الأخيرة إضافة إلي الأعطال وعدم الالتزام بالمواعيد وتدني مستويات الخدمة وعدم النظافة إضافة إلي مآسي حوادث القطارات وما ينجم عنها من خسارة بشرية ومادية. وتكشف متابعة التشغيل عن خلل واضح في نظم المتابعة والمراقبة تؤدي لكثرة الحوادث وفي مجال سلامة وأمان مسير القطارات: هناك أربعة حواجز للحيلولة دون حدوث مثل هذه الحوادث وبالرغم من ذلك فالحوادث لم تتوقف وقد ثبت من خلال المناقشات التي تمت عن الحادثة الأخيرة أن هناك تضاربا في التعليمات وخللا كبيرا في منظومة السلامة والأمان لمسير القطارات. أما في مجال صيانة الجرارات فإن السبب الرئيسي في خلل نظام التشغيل وعدم الالتزام بالمواعيد وإلغاء بعض القطارات يرجع أساسا للخلل القائم في نظام صيانة الجرارات وهذه إما لا تتم في الوقت المحدد أو لا تتم بالمستوي المطلوب ويسمح للقطارات بالمسير وهي دون المستوي المطلوب هذا بالرغم من وجود شركة مسئولة عن صيانة جميع أنواع الجرارات خاضعة لإشراف وتقييم مستمر من الإدارات المعينة بالهيئة. في مجال صيانة نظم الإشارات فإن تعطل الإشارات يعتبر عاملا مهما ضمن العوامل السلبية للتأخير والحوادث ولا شك أن هناك أيضا خللا في الإشراف علي صيانة نظم الإشارات في السكك الحديدية. وأيضا في مجال الصيانة فإنه من الأهمية بمكان الحفاظ علي خطوط السكك الحديدية بمستويات عالية في النواحي الفنية لإمكان السماح بمسير القطارات بالسرعات المحددة وهناك إدارات خاصة لصيانة السكة تقوم بمراجعة كافة ما يخص خطوط السكك الحديدية ولكن هذه أيضا لا تتم بالمستوي المطلوب مما ينجم عنه مشاكل عديدة.!! وبالرغم من وجود نحو71 الف عامل في السكة الحديد فإنها تعاني نقصا شديدا في كثير من التخصصات والخبرات وبالذات في أعداد المهندسين والفنيين اللازمين لإدارة وتشغيل وصيانة هذا المرفق. وهذا يعني أن هناك نحو14 عاملا لكل كيلو متر طولي من السكة وهذا الرقم مرتفع بدرجة كبيرة ويبلغ ضعف ما هو قائم في دولة مشابهة في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السائدة. وبالرغم من وجود مركز للتدريب المهني للسكك الحديدية بوردان فإن مستويات التدريب لكافة التخصصات تعتبر متدينة. أما عن الإطار المقترح لاستراتيجية التطوير كما يطرحه د. عبد القادر لاشين فيعتمد علي أساس الاستفادة من الميزة النسبية التي يتيحها النقل بالسكك الحديدية سواء فيما يخص خدمات نقل الركاب أو البضائع في ظل الظروف والأوضاع القائمة دون الدخول في منافسة غير مبررة مع وسائل النقل الأخري وبما يعود علي الاقتصاد القومي بالنفع ويؤدي إلي تقديم الخدمة المطلوبة بأمان وبمستوي خدمة مناسب وبأسعار مقبولة. وهذا يعني ترك النقل لمسافات قصيرة( أو متوسطة) نسبيا للنقل البري علي الطرق والتركيز علي النقل للمسافات الطويلة والمتوسطة. وتستطيع الإدارة المعنية أن تقدم خدماتها في إطار الحيز المتاح بأعلي كفاءة مع ضمان مستويات خدمات مرتفعة وتوفير متطلبات السلامة والأمان. وتقوم الاستراتيجية المقترحة علي أساس تركيز نقل الركاب بالسكك الحديدية علي توفير خدمات محددة هي: النقل لمسافات طويلة ومتوسطة والنقل بالقطارات السريعة وتقديم خدمات بمستويات مختلفة وتوفير كثافة حركة نقل تتناسب مع الطلب وفي هذا الشأن فمن الممكن أن تتمركز خدمات نقل الركاب بالسكك الحديدية علي النقل السريع بين عواصم المحافظات والمدن المهمة في الدولة. ويتم الربط للمسافات القصيرة بين المدن والقري بالنقل البري علي الطرق وبالتالي فمن الممكن خفض الطلب علي قطارات الركاب إلي نحو الثلثين أي ما يتراوح ما بين700,600 قطار فقط يوميا بدلا من العدد الحالي وهو1100 قطار/ يوم. كما يجب مراعاة أن أداء السكك الحديدية يجب أن يقوم علي إدخال نظام الجر الكهربائي علي مختلف أجزاء الشبكة والإلغاء التدريجي لنظام الجر الحالي باستخدام القاطرات الديزل وهذا ليس فقط لمتابعة التطور العالمي ولكن لما يقدمه الجر الكهربائي من ميزات من ناحية رفع كفاءة التشغيل بدرجة كبيرة والحد من مشاكل وقضايا صيانة وحدات الديزل و الوفر في استخدام الطاقة والحد من التلوث البيئي والتوسع في استخدام الغاز الطبيعي في محطات الكهرباء والحد من متطلبات صيانة السكك نظرا لانخفاض وزن الوحدات الكهربائية عن مثيلاتها من الديزل بدرجة كبيرة وما إلي ذلك.