مازالت مصر تدفع الثمن غاليا من دماء أرواح أبنائها الكرام, للإهمال فوق قضبان السكك الحديدية, وافتقاد البنية التحتية, والمنظومة المتكاملة لإدارة النقل عبر هذه السكك. وجاء حادث أسيوط, الذي ذهب ضحيته51 مصريا, بينهم العشرات من تلاميذ معهد أزهري, وإصابة نحو17 آخرين, ليفتح ملف الإهمال من جديد, الذي كان النظام البائد للرئيس المخلوع حسني مبارك, الراعي الرسمي له, الذي يأمل المصريون أن يتم القضاء عليه, وأن تخلو حياتهم من منغصاته في مصر الثورة, تحت قيادة الرئيس المنتخب محمد مرسي. ولئن تم قبول إقالة وزير النقل, ورئيس هيئة السكك الحديدية, فإن هذا الإجراء لا يكفي وحده لإصلاح الحال, وطمأنة المصريين, كما أن التحركات السريعة والحاسمة لرئيس الدولة, ورئيس الحكومة, والمسئولين التنفيذيين, تحتاج إلي تفعيل مطالب تطهير جميع مؤسسات الدولة من المسئولين الفاسدين والمهملين, وفي الوقت نفسه العكوف علي وضع رؤية حازمة تصون دماء المصريين, وأخيرا تعاون الشعب مع القيادة في محاربة الإهمال الذي يهدد باغتيال مستقبل مصر. أعلن الرئيس ومحمد مرسي قبول استقالة كل من وزير النقل ورئيس هيئة السكك الحديدية, وأكد اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الجهات التنفيذية لتعويض أسر ضحايا ومصابي حادث قطار أسيوط, والتواصل معهم وتذليل العقبات كافة. وأعلن الرئيس, في بيان متلفز ظهر أمس, تحويل المسئولين عن الحادث إلي النيابة العامة, مطالبا بسرعة الانجاز في اكتشاف ومعرفة سبب الحادث, وشدد الرئيس علي محاسبة كل من كان السبب في هذا الحادث الأليم, ووجه خالص التعازي لأسر الضحايا وتمني الشفاء العاجل للمصابين. وفي سياق متصل, قام رئيس مجلس الوزراء الدكتور هشام قنديل عقب وصوله إلي محافظة أسيوط ظهر أمس بصرف تعويضات فورية لأهالي المتوفين والمصابين في حادث قطار أسيوط بلغت5 آلاف جنيه للمتوفي وألف جنيه للمصاب, إلي جانب توزيع هدايا رمزية علي المصابين. وكان قنديل قد وصل إلي أسيوط يرافقه وزراء التعليم والصحة والداخلية والتأمينات والشئون الاجتماعية لمتابعة ملابسات وأسباب الحادث, وتوجه فور وصوله والوفد المرافق له إلي المستشفي الجامعي بأسيوط لتفقد أحوال المصابين. ومن جهته دعا الدكتور علي جمعة, مفتي الجمهورية, إلي إقامة صلاة الغائب في جميع مساجد الجمهورية علي أرواح الأطفال المتوفين والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة. وناشد أهالي الطلبة الصبر علي ما أصابهم من فقد ابنائهم, وأن يحتسبوهم عند الله شهداء, ووجه المفتي خالص تعازيه لأسر شهداء العلم. ومن جهته, صرح المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة بأن النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود كلف فريقا من رؤساء وأعضاء النيابة العامة بأسيوط بالإسراع فورا لمباشرة التحقيقات في الحادث للوقوف علي أسبابه سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة. وأمر النائب العام بتشكيل ثلاث فرق من أعضاء النيابة العامة لمباشرة التحقيق في وقت واحد, حيث انتقل الفريق الأول برئاسة المحامي العام الأول إلي مستشفي منفلوط المركزي للإشراف علي مناظرة جثث المجني عليهم, وتلقي التقارير الطبية الخاصة بالوفاة والتصريح بدفن جثث المتوفين, وقد تم تسليمها إلي ذويهم عدا اثنين مازالا مجهولين. والفريق الثاني من أعضاء النيابة برئاسة المحامي العام لنيابة جنوبأسيوط الكلية توجه إلي مستشفي أسيوط الجامعي لسؤال المجني عليهم المصابين الذين تسمح حالتهم الصحية بسؤالهم عن معلوماتهم بشأن الحادث. أما الفريق الثالث من أعضاء النيابة برئاسة المحامي العام لنيابة شمال أسيوط الكلية, فانتقل إلي المزلقان مكان الحادث حيث تم إجراء معاينة له ومعاينة للقطار وحطام سيارة الأتوبيس والانتقال إلي محطة سكة حديد الخواتكة, وهي المحطة السابقة للمزلقان محل الحادث والتحفظ علي سجل سير القطارات وسؤال ناظر المحطة عن معلوماته, واستجواب عامل المزلقان المتهم. ومن جانبه توجه صلاح عبدالمقصود وزير الإعلام بخالص العزاء لأسر ضحايا الحادث, ووجه الوزير قيادات اتحاد الإذاعة والتليفزيون لتغيير خريطة برامج التليفزيون والإذاعة المصرية بما يتناسب مع هذا المصاب الأليم تضامنا مع أسر الضحايا. ودعا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب أعضاء المجلس الأعلي للأزهر إلي عقد جلسة طارئة بمشيخة الأزهر لمناقشة ملابسات الحادث. ومن جهته, أكد المهندس حسين زكريا( المكلف بالقيام بأعمال رئيس هيئة السكك الحديدية) أنه ينتظر هدوء الأوضاع حتي يبدأ في ممارسة عمله, واتخاذه لقرارات وتدابير تمنع وقوع مثل هذه الحوادث, خاصة أن الأهالي حاليا متجمهرون, وقطعوا طريق22 قطار ركاب وقطارين للبضائع بالإضافة إلي قطعهم الطريق الزراعي. وفور انتهاء وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين من جولته في مكان الحادث محاولا الرجوع إلي مدينة أسيوط, قام بعض الأهالي بإيقاف سيارته محاولين الاعتداء عليه حتي يأتي محافظ أسيوط ويقدم الاستقالة. وقامت أجهزة الأمن بعمل كردون أمني حول الوزير وأطلق عدد من الأهالي النيران علي قوات الأمن التي حاولت الانسحاب بسرعة ونجحت في تأمين خروج الوزير. وقد صافح الوزير المستقيل جميع العاملين بمكتبه وانصرف خارجا من الوزارة وسط مشاعر حزينة من مرافقيه.