أثبت قيام ثورة25 يناير المجيدة للعالم كله ان الشعب المصري يرفض الفساد ويطالب بالشفافية والنزاهة كأساس للحكم. فالحكومات المنفتحة والتي يتسم اداؤها بالشفافية والنزاهة هي حكومات تخضع للمساءلة بشكل اكبر من مواطنيها كما يقل فيها الفساد. وتخوض مصر حاليا حربا ضروس من أجل تعقب وتجميد واستعادة أموالها المنهوبة في الخارج ادراكا منها ان ارجاع عائدات الفساد يعزز موارد الدولة لأداء واجباتها في تمويل برامج القضاء علي الفقر ومكافحة الجوع وتحقيق التنمية المستدامة. ولا يخفي علي القارئ انه عقب قيام ثورة25 يناير المجيدة تم التحقيق في مئات البلاغات ضد مسئولين في النظام السابق بشأن اتهامات بالفساد وقد اثبتت التحقيقات ان هولاء المسئولين الفاسدين تمكنوا من تهريب أموال طائلة متحصلة من جرائم فساد خارج البلاد ومن ثم قامت السلطات المصرية المختصة استنادا إلي اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد بتوجيه طلبات المساعدة القانونية لكثير من دول العالم للوقوف علي حقيقة المبالغ المالية التي قاموا بتحويلها والمطالبة بتجميدها وردها إلي مصر. وقد واجهت تلك الطلبات عددا كبيرا من الصعوبات الموضوعية والاجرائية التي أدت إلي عرقلة الجهود المصرية في استرجاع أموالها المسروقة في الخارج ومن ثم أصبحت الحاجة ملحة إلي تبني استراتيجية فعالة ومتكاملة ترتكز أساسا علي حقوق الإنسان لاسترداد متحصلات الفساد من الخارج. إن التعاون الدولي من أجل التنمية هو التزام قانوني- وليس مجرد التزام أخلاقي فقط- يقع علي عاتق كافة دول العالم إعمالا للمادتين56,55 من ميثاق الأممالمتحدة. ووفقا لهذا المبدأ فإن التزامات الدول باحترام حقوق الانسان لا تنطبق فقط علي البلدان التي هي منشأ( مصدر) الأموال المنهوبة بل أيضا تنطبق ومن باب أولي_ علي البلدان المتلقية لتلك الأموال إذ يتعين عليها تقديم المساعدة للبلدان التي تحتاجها وتيسير إعادة تلك الأموال كجزء من التزامها القانوني بالتعاون والمساعدة علي الصعيد الدولي. ومن جماع ما تقدم نضع تحت بصر اصحاب القرار أهم التوصيات التي قد تساعد مصر في استرداد أمولها المنهوبة من الخارج: 1 إعادة النظر في الآلية المعمول بها حاليا في مجال استرداد متحصلات الفساد بحيث يتم تبني نهج متكامل فعال يرتكز علي حقوق الانسان إزاء استرداد الأصول المصرية المنهوبة بالخارج ويقوم هذا النهج علي أن نجاح مصر في استرداد عائدات الفساد يعزز مواردها للوفاء بحقوق مواطنيها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية 2 يجب أن يلحق بلجنة استرداد الأموال المهربةأمانة فنية تتبعها وحدة للتوثيق والمعلومات فضلا عن اضطلاعها بوظائف مرصد وطني لجمع البيانات والمعلومات المتعلقة بالممارسات الجيدة في مجال استرداد متحصلات الفساد وأهم الدروس المستفادة وصولا لإنشاء قاعدة بيانات مركزية علي المستوي الوطني. 3 ضرورة اصدار تشريع متكامل يتناول كافة الجوانب المتعلقة بتعقب وتجميد ومصادرة واستعادة الأموال المصرية المنهوبة في الخارج بما يتفق ومعايير حقوق الانسان. 4 تفعيل التعاون الدولي والاقليمي في مجال المساعدة الفنية وبناء القدرات المؤسسية والبشرية من أجل تنفيذ قواعد اتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد بشأن استرداد الموجودات. 5 تعزيز الشراكة مع المبادرات الفردية والأهلية كالمجتمع المدني, والمنظمات غير الحكومية والمنظمات المجتمعية لمساندة الجهود الرسمية التي يتم بذلها لاسترداد أموالنا من الخارج. 6 تفعيل مبادرة استرداد الأصول المنهوبة ستار بشأن مساعدة الدول النامية في استرداد أموالها من متحصلات الفساد واستخدامها في التنمية.