ثار في الآونة الأخيرة كثير من الجدل حول واحد من أهم قطاعات الدولة ألا وهو قطاع الآثار المنوط به الحفاظ علي تراث الأمة, إلي جانب مايجب أن يضخه هذا القطاع في موازنة الدولة من عملة صعبة ومحلية نتيجة لمقاصده السياحية من كل بلدان العالم. بهذه السطور بعث د. عبد الفتاح البنا أستاذ الآثار بجامعة القاهرة برسالته التي تكشف عن مآسي قطاع الآثار الذي يغلفه التعتيم وعدم المصداقية والتصريحات الجوفاء من مسئولي الآثار. تحديدا مساء الأحد الموافق32 سبتمبر الماضي بثت قناةontv خبرا مفاده أن مصر في انتظار كارثة بتداعيات هرم سقارة المدرج, أعقب الخبر مداخلة من المهندس التنفيذي لمشروع ترميم الهرم المدرج وهو أحد المالكين للشركة المنفذة, موجها نداء للمسئولين وللشعب المصري لإنقاذ هرم سقارة بضخ مزيد من الأموال, والتي تمثل العقبة الأولي التي تواجهه. فالميزانية التقديرية للمشروع التدعيم والترميم لكل من هرم زوسر والمقبرة الجنوبية نحو35 مليون جنيه. ولننقل للقاريء صورة حية لما يحدث لهرم زوسر الآن. ويطالب البنا السيد رئيس الجمهورية المنتخب بصفته ومؤسسة الرياسة بضرورة اتخاذ كل الإجراءات التي من شأنها انقاذ الهرم من براثن هؤلاء المتاجرين في مقدرات الأمة. فكما يذكر لست بموقع مسئولية لتتبع مايجري من دمار يتعرض له تراث الوطن ولاتتحمل دخولنا الانفاق علي رفع الدعاوي في شأن يهم الشعب كما يهم ولاة أمورهم. منطقة سقارة تشتمل علي مجموعة من الأهرامات شيدت في الدولة القديمة للملوك, ومن أشهر هذه الأهرامات هرم الملك زوسر المدرج من الأسرة الثالثة. ويمكنا القول إن إمحوتب الذي أشرف علي بناء هرم ملكه زوسر وملحقاته بمنطقة سقارة, حفر في تاريخ المصريين مجدا لايماثله مجد, بنقلته الحضارية وهي استخدام الحجر الجيري علي نطاق واسع لأول مرة في تاريخ العمارة والانتقال بالهيئة البسيطة للمقبرة من شكل المصطبة المستطيلة التقليدي إلي هيئة الهرم المدرج. علي الرغم من الحلول العبقرية في تصميم وبناء الهرم المدرج والتغلب علي الكثير من المشكلات التقنية فإن أعمال الترميم الحالية تفقد الأثر كثيرا من قيمته الهندسية والأثرية بسبب عدم توافر الخبرة في أعمال سابقة للمنفدين في مثل هذه المنشآت العملاقة, والتي أظهرت كثيرا من الحقائق التي تكتم عنها المسئولون عن عمد. ومن خلال مراجعة تصريحات المسئولين عن ترميم الهرم المدرج, بالنسبة لتغير التقاء زوايا قاعدة الهرم المستطيلة نتيجة للانضغاط والانبساط المذكور الناتجة عن الحركة الاهتزاية الزلازل يصبح لاجدوي لأي أعمال ترميم أو تدعيم تتم علي الجسم الخارجي للهرم إن لم ترد أبعاد القاعدة المستطيلة إلي وضعها الأصلي. وبالتالي فأي تعويض للبلوكات المفقودة علي الوضع الحالي سيغير من الشكل الأصلي للهرم وهذا يعتبر في حد ذاته جريمة في حق التراث الإنساني فلسنا بصدد بناء هرم جديد بمواصفات وابعاد جديدة كما يذكر البنا, علي الشركة المنفذة أن تظهر لنا البيانات الخاصة بتأثير طبقة الطفلة علي المنشأ جراء ظاهرة انتفاش الطفلة ومايتولد عنها من ضغوط رأسية وأفقية وليس حديثا مرسلا باسم العلم يستخدمونه لإرهاب الأثريين وعامة الشعب لتمرير مطالبهم غير المقبولة. من وجهة نظري الشخصية كان يمكن تركه للأجيال القادمة فلن ينهار الهرم بين عشية وضحاها قبل التدخل الذي كان سببا في التعجيل بالخلل والتدهور الذي تعرض له الهرم وإن كنت أستبعد الانهيار لكن الثابت أنه غير من هيئة ومظهر وشكل الهرم بما لايتفق مع ماندرسه لطلابنا أو ماجاء مع المواثيق الدولية في حالات التدخل للصيانة والحفاظ علي الآثار. وهذا هو حال الهرم قبل أن يمسه أحد وبعد تعامل الشركة التجارية معه حيث تنصب كل أهدافهم في الكسب السريع حتي ولو انهار أثر بقيمة وحجم هرم الملك زوسر لننتقل إلي مرحلة ثانية في الانتقام من الشعب المصري في تراثه بعد الانهيارات التي حدثت في مشروع القاهرة التاريخية وقصر محمد علي بشبرا الخيمة بعد خمس سنوات فقط من تسليم المشروع.