هن نساء لسن كالنساء. عندما تسمع أن هناك وجوها نسائية في أكبر التنظيمات التي تتخذ من الاسلام شعارا لها في عملياتها' الجهادية' ضد أعداء الدين, ينصرف ذهنك علي الفور إلي سيدات قابعات تحت أغطية .. تحجب الناظرين عن أي شيء من ملامحهن و لا يقمن بدور في الحياة سوي الانصياع لأوامر الرجل الذي يملكهن.. يجلسن في انتظاره و هن يعلمن أنه ربما لن يأت إلي الأبد.. ينجبن أطفالا بلا حساب وأعظم دور لهن في الحياة هو تربية هولاء الأطفال وتهيئتهم لينضموا بعد ذلك لصفوف المجاهدين من أبناء التنظيم. لكن الحقيقة أن هذا هو أحد الوجوه الضيقة جدا لمفهوم الدور الذي تقوم به نساء كتب عليهن القدر أن يكن مجاهدات في الصفوف الأولي في التنظيم. فالمثل يقول إذا أردت أن ترتب منزلا فعليك أن تجلب إليه امرأة.. و هذا بالضبط ما فعله رجال التنظيم عندما كونوا ما بات يعرف ب الجناح النسائي للقاعدة. فساعدونهم في تنظيم الصفوف واستقطاب المزيد من الكوادر الشبابية وتوفير الملاجيء الآمنة للهاربين والمطاردين من قبل الأمن في جميع أنحاء العالم وجمع الأموال والتبرعات التي وصلت, وفقا لبعض التقارير, للمليارات.. ومنهن أيضا من حملت السلاح ونزلت للتدريب ودربت غيرها لينضموا إلي المقاتلين والفدائيين إن لزم الأمر ذلك. وفي حرملك سلاطين القاعدة, تكتشف أن الكثير من قوانين الحياة الاعتيادية قد طمس تحت الظروف غير الاعتيادية التي يمر بها مجتمعهم. فهناك ربما تضطر السيدة الواحدة للزواج برجل أو اثنين أوثلاثة, بشكل متتالي, بأن يطلقها أحدهم ليتزوجها الآخر, حتي يظل هناك غطاء شرعي يكفل لهم التواصل الدائم. كما أن تواصل المرأة مع غير المحارم لم يعد محظورا علي تلك التي تقوم بدور جهادي في التنظيم, وهو ما يتنافي مع مبادئ التنظيم التي يجاهد من أجل تطبيقها.. بل والأكثر من ذلك تجد أن القيادات النسائية بات يظهر لها مقاطع فيديو عبر الانترنت تخاطب فيها المجتمع الاسلامي وتدعوه إلي الجهاد. وقد تمتع الجناح النسائي للتنظيم بتنوع هائل في جنسيات المجاهدات فتجد المصرية والسعودية واليمنية والبلجيكية والسويسرية وجنسيات أخري كثيرة دليل علي الانتشار القوي والنافذ للتنظيم في جميع أنحاء العالم. وفيما يلي حكايات لتجارب بعض منهن فاقت حكايات كبار رجال التنظيم في الإثارة. وقد ترددت حكايات أولئك المجاهدات في عشرات الصحف والمواقع الاخبارية السعودية بعد ان سمحت لهم وزارة الداخلية بلقائهن حتي تكون تجربتهن علي الملأ لمن لم يعرف بها. هيلة القصير( أم الرباب) هي أخطر سيدة بالتنظيم علي الاطلاق, و تنافس في شهرتها كبار مشاهير التنظيم مثل أسامة بن لادن و الظواهري. وكان لهذه السيدة دور كبير جدا في تجنيد شبكة من المجاهدات, فقد كانت تستقطب بنات المجاهدين وزوجاتهم ليقمن هن الأخريات بدور جهادي علي نهج ما كانت تقوم هي به. كما كانت سببا في جمع الملايين وتحويلها لتمويل التنظيم في اليمن, و كانت تجمعها بدعوي بناء المساجد ودور الأيتام و مساعدة المحتاجين. وبالطبع كان الأمر لا يخلو من عمليات غسيل للأموال حتي تمر هذه الأموال إلي هناك دون شبهة. كما كانت تأوي ما يقرب من06 مطلوبا أمنيا في مخابيء سرية. تزوجت هيلة القصير مرتين. الأولي عندما كانت في نحو الثلاثين من عمرها حين التقت بأبو محمد أو عبدالكريم بن صالح بن عبدالكريم الحميد الذي أعجبت بزهده, حيث كان لا يركب السيارات ولا يستعمل الكهرباء ولا حتي الغاز للطبخ ولا للإنارة وكان لا يستعمل من العملات إلا الحديد. ثم تزوجت من أحد تلامذته وهو محمد سليمان إبراهيم الوكيل والذي قتل في مواجهات مع الأمن السعودي. وأثناء مقتل زوجها الثاني كانت حبلي في ابنتها الرباب. وأخيرا ألقت السلطات السعودية القبض علي هيلة القصير بين311 مطلوبا أمنيا وكانت هي المرأة الوحيدة ضمن المقبوض عليهم. أم هاجر الأزدية.. وفاء الشهري لا يقل الدور الذي قامت به وفاء الشهري عن ذلك الذي كانت تقوم به أم القصير أهمية علي الاطلاق إلا أن نشاطها كان متمركزا في اليمن. بل الحقيقة هي أن وفاء الشهري أو أم هاجر الأزدية كما كان لقبها هي واحدة من تلميذات هيلة القصير, حيث إنها هي التي اسقطبتها ودربتها. وتزوجت أم هاجر الأزدية ثلاث مرات: الأولي من سعود القحطاني الذي أنجبت منه يوسف ثم طلقت منه, وأقام القحطاني دعوي قضائية ضدها متهما اياها باختطاف ابنهما, والمثير في الأمر أن القحطاني لقي حتفه بعد ذلك في حادث مروري دون أن يعرف إن كان وراء الحادث دافع جنائي أم لا. ثم تزوجت من عبدالرحمن الغامدي الذي قتل في مواجهة مع قوات الأمن السعودية عام2004بالطائف, ومن بعده تزوجت من الرجل الثاني في التنظيم سعيد الشهري. أم أسامة المصرية كان جهاد أم أسامة المصرية في تنظيم القاعدة جهادا لوجيستيا, وهو لا يقل أهمية عما كانت تقوم به هيلة القصير أو وفاء الشهري. ولعل أحد أهم انجازاتها هو موقع مجلة الخنساء الإلكتروني. الذي كانت تحشد من خلاله الآلاف وتحظي بدعم مئات الآلاف. لكن هذا النشاط اللوجيستي لايمنع أنها كانت تحتل مرتبة تنظيمية تتمثل في إشرافها علي تدريب المجاهدات التابعات لتنظيم القاعدة. باختصار, كانت أم أسامة هي وزيرة الإعلام في دولة تنظيم القاعدة, حيث إن مهاراتها في التواصل عبر الانترنت جعلتها بجدارة المتحدث الرسمي باسم التنظيم, لكن أم أسامة تراجعت عن أفكارها وعن اعتناقها لفكر القاعدة بعد مرورها ببرامج مناصحة نظمته الدخلية السعودية لمن يلقي عليه القبض من كوادر التنظيم. وعقب اقلاعها عن الانتماء للتنظيم نشرت وسائل إعلامية سعودية مناشدة أم أسامة للمطلوبة وفاء الشهري ودعتها للتراجع عن اعتناق الفكر المتطرف, والتخلص من حالة الضياع التي أقحمت نفسها فيها بهروبها بطفليها يوسف وصايف, للاختباء في جبال اليمن وكهوفها مع فلول الإرهابيين. وقالت أم أسامة إن وفاء غير متعلمة, و لم تتح لها الفرصة للاحتكاك بأصحاب الفكر المعتدل, وعاشت في بيئة متطرفة مغلقة من خلال زواجها من كل من عبد الرحمن الغامدي وسعيد الشهري الحركيين في القاعدة.