الجهود المتواصلة والوعود التي لاتنتهي بحل مشكلة بقعة الزيت التي لوثت صفحة النهر الخالد بأسوان وامتدت لاكثر من100 كيلو متر , كلها تؤكد استمرار تلويث النيل الذي كان المصريون القدماء يقدسونه ويعتبرون تلويثه جريمة لاتغتفر.. ولم تكن بقعة الزيت هي الملوث الوحيد, لكن النتيجة هي مزيد من السموم والأمراض.. وهذا مايحذر منه الخبراء في السطور التالية. يحذر الدكتور احمد عبدالوهاب أستاذ بحوث تلوث البيئة من أن النهر يتعرض يوميا لكل أنواع الملوثات التي جعلته مصدرا للأمراض بعد أن كان مصدرا وشريانا لحياة المصريين فهناك نحو13 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي تصرف بطول النهر بما فيها من كيماويات سامة ومبيدات حشرية ومعادن ثقيلة فضلا عن مياه الصرف الصحي المتدفقة الي النهر من نحو23 ألف قرية ونجح أغلبها في الصعيد, مما رفع نسبة التلوث الكيماوي والبيولوجي وما يتبعه من انتشار الأمراض المتوطنة مثل الاسكارس والبلهارسيا والإنكلستوما. وأضاف أن نهر النيل تعرض ومازال يتعرض لكوارث بيئية متعددة ففي الماضي القريب سقطت كمية كبيرة من الفوسفات بنهر النيل وآخرها كارثة زيت البترول الذي لايعرف مصدره حتي الآن, وبرغم إعلان وزارة البيئة عن أن هناك17 ألف مخالفة علي النيل شملت المياه والشواطئ والمراكب النيلية فإن جهاز البيئة مطالب بتنشيط جهود لمنع هذه المخالفات منها135 ألف مخالفة علي شاطيء النيل تتركز بالمناطق السكانية شديدة الكثافة مثل الوراق وامبابة, إضافة للمناطق الزراعية التي تصب نحو47 مبيدا ساما و5 مبيدات حشائش ومركبات أخري لاتحصي ويكفي أن95% من قري مصر بدءا من الصعيد تصب الصرف الصحي والمخلفات ونلقي بالحيوانات الميته في النيل فضلا عن غسل القاذورات والمخلفات بالنهر حيث تصل نسبة الصرف الصحي فيه إلي نحو30 مليون متر مكعب فضلا عن مواد الصرف الصناعي وماتحويه من معادن ثقيلة والتي تتسرب عبر الحقول والحيوانات الي صحة الانسان, كما أن نسبة الإصابات المرضية تظهر بوضوح في الأسماك التي يتناولها المواطن من صيد النهر نتيجة صرف ورش السفن, وشركات السكر ومصانع الحوامدية, فأعلن جهاز شئون البيئة عن وجود102 مصنع تصب في النيل وبعضها يستسهل دفع الغرامة بدلا من تعديل أوضاعه. صناعات حيوية وقال أستاذ بحوث التلوث: إن هناك صناعات حيوية ترتبط مباشرة بنهر النيل في تصريف مخلفاتها وملوثاتها حتي بعد المعالجة مثل مصانع الزيوت و الصابون والحديد والصلب والمشروبات الغازية والصناعات البترولية والورقية, إضافة لسلوكيات الناس من إلقاء المخلفات والقمامة حتي الحيوانات الميتة, في الوقت الذي كشفت فيه دراسة من مركز بحوث الحيوان بطنطا عن انتشار مادة الكاديوم والرصاص في بعض مناطق النيل بفرع رشيد والإشارة الي أن هذه المواد وصلت لبعض الماشية وتظهر في اللبن الناتج عنها, وأنه من المعروف أن الرصاص مسبب للفشل الكلوي والانيميا, والتخلف العقلي لدي الصغار, كما أن الكادميون مسبب للسرطان وكل هذه العناصر وغيرها تسبب تليف الكبد وتشوهات بالأجنة. 47 مبيدا ساما أما الدكتور حلمي الزنفلي استاذ بحوث المياه بالمركز القومي للبحوث فيؤكد أن القياسات كشفت عن وجود47 مبيدا ساما بمياه النيل و5 مبيدات حشائش ومركبات خطيرة في الزراعة منها مواد غير عضوية ومعادن ثقيلة سامة ونحاس ورصاص وزنك حيث يبلغ الصرف الصناعي بالنيل سنويا نحو30 مليون متر مكعب من الصرف, وهي كفيلة بتدمير الإنسان والحيوان والنبات خلال فترات بعد تزايد مخلفات الانسان ومصانع كيما والسكر في أقصي الجنوب حتي مصانع أسيوط وأبوزعبل وكفر الدوار, بل إن بعض الشركات يصرف الأمونيا والنترات والفوسفات ومنجنيز بتركيزات عالية حيث أشار بعض الباحثين إلي وجود50 مليون متر مكعب من المخلفات السائلة والصلبة تصب في النهر سنويا وهذا هو سر انتشار بعض الأمراض الشهيرة والمسببة لنسبة عالية من الوفيات ويفسر تقارير الصحة العالمية بأن نحو مليونين يموتون سنويا نتيجة لهذه الأمراض, في الوقت الذي تتكلف فيه وسائل مقاومة التلوث واحد الي ألف من تكلفة ومضاعفات التلوث من أمراض وخسائر, ويحتاج ذلك الي مبادرة شاملة علي رأسها مراقبة نحو9 آلاف وحدة عائمة بالنيل, إضافة لسلوكيات المواطنين وتلاعب المصانع والشركات في الصرف بالنيل دون معالجة للصرف الصناعي.