ساءني حظي أن أري العار من بعض شبابنا وأنا أسير بسيارتي علي كورنيش النيل من همجية لم أكن أتصورها رغم قراءتي الكثيرة عن ظاهرة التحرش الجنسي خلال السنوات الأخيرة فحوالي 50 شاب. لم يتعدى عمرهم العشرين يندفعون وراء أربعة بنات سلاحهم الوحيد البكاء والجري والصراخ المكتوم من المهانة والانتهاك للحرية من مجانين بلا وعي أو عقل أو ضمير أو دين والغريب أن آخرين من هؤلاء الأطفال من علي الرصيف المقابل يسرعون للانضمام لوليمة العار مما أدهشني وجعلني أترك سيارتي بمنتصف الطريق لمحاولة منع ذلك رغم فزع زوجتي وأولادي من النزول لمواجهة هؤلاء الهمج الجدد والسرطان الاجتماعي الذي أصاب ويهدد كيان المجتمع المصري، وشعرت بالعجز من متابعة الآلاف وكأنه شئ معتاد دون حراك أو نخوة سوي صاحب حنطور شريف ساعدني بكرباك حصانه في هروب البنات من لئام المتحرشين وذكورة متطرفة وسط استهجانهم وغضبهم و أصبحنا ضحايا الاستهزاء والسباب القذر بحججهم الواهية "بص هم لابسيين إيه" و"ليه يخرجوا من بيوتهم" و"عامل راجل قوي" ..للأسف وحمرة الخجل تمنعني من كتابة التعليقات في دقائق ملعونة. رغم ما نقرأه يوميا بصفحات الحوادث عن إلقاء القبض عليه في مهرجان التحرش بشوراعنا يوميا ليسوا أكثر من عينة وأصبح الداء كالوباء ينهش مجتمعنا وسمعتنا التي وصلت أركان العالم وأصبحت التوصيات للسائحين قبل القدوم لمصر الحضارة والتاريخ الحرص من التحرش من الباعة والمارة والتجار بعد أن أصبحت أجساد الفتيات مباحة فما بالك بالخواجات، لقد تفاقمت هذه الظاهرة حتى أصبحنا تتابعها كل يوم كأنها شئ معتاد عليه ومصطلح تحرش جماعي علي شاشات الفضائيات يتصدر البرامج وحديث الشباب التباهي به أمام أصدقائه وربما التواعد بالمشاركة في الخروجة المقبلة اعتقدا بأنها رجولة مفرطة وليست الرجولة أخلاق وتضحية ونخوة وإنقاذ الضعيف من اعتداء الآخرون ، أين الخطاب الديني المستنير فلا يجب فقط إلقاء اللوم علي الضحية وملابسها فمنهم المعتدل وأين فضيلة غض البصر وأين تفعيل القانون وهناك عقوبة المعاكسة حبس أسبوعا في قانون العقوبات وأين الضابط الذي يقوم بحلق الشعر للمتهم حتى يكون عبرة وعظة ، وأين التربية الجيدة للشباب في البيت والمدرسة والإعلام ، ومتي توجه الأجهزة الأمنية ضربة مجهضة لتحرير الشارع المصري من احتلال همجية المتحرشين الذين يسعون في الأرض فسادا ويهددون أمن البلاد والعباد ، وأين دور الجمعيات الأهلية والأحزاب الكرتونية من حديث الصالونات المكيفة والنزول للشارع لحل المشاكل المجتمعية دون تنظير وإلقاء اللوم علي الحكومة المتكاسلة فقط والشرطة العاجزة . يجب المواجهة الجادة لواقع التحرش الجماعي بشوراعنا وإنزال العقاب السريع قبل أن يستشري الداء ويعم الوباء ورحمة خجل الضحايا من الإبلاغ والاكتفاء بالبكاء وخوف بعض الأهالي من فضحية تستحق الستر أو تطوع كثير بالعفو والمغفرة لأولاد صغار خوفا علي مستقبلهم ، فلعنة التحرش تصيب الوطن في مقتل ففي بدايتها لم نكن نصدق خطورتها ونظنها شقاوة فإذ بها تستشري كالسرطان في جسد المجتمع وترتكب علانية وبالجملة في أكثر الأماكن ازدحاما والناس تتفرج وقد تستنكر ولكن لا أحد يتدخل مما يتطلب مواجهة حاسمة وحماية وحزم ومحاكمة سريعة ، ومن يقول أنهم أبناؤنا فهم بناتنا أم يطالبوننا بالنزول لمكافحة التحرش كما طالبوا رفع القمامة وحماية أنفسنا من البلطجية فاقوك عليه العوض ومنه العوض علي بلدنا الآمنة وشبابنا مستقبلنا الواعد .. حد يدور علي الحكومة هي راحت تحكم فين ولسة لم تصل مصر ليه!!!! المزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ