كان من نعم الله علي عباده ان جعل لهم عقب كل فريضة سنوية عيدا, يجتمعون فيه ويذكرون الله سبحانه ويشكرونه علي ما أولاهم من خير وثواب . فكان عيد الفطر في أول شوال ليستضيف الله عباده بعدما أعانهم علي اداء فريضة الصيام, فيفرحوا بفضل الله عليهم, تصديقا لقول النبي صلي الله علي وسلم للصائم فرحتان إحداهما يوم فطره والأخري يوم لقاء ربه. ثم يأتي يوم العاشر من ذي الحجة عيدا أكبر للمسلمين, وهو عيد الأضحي, ليشكروا ربهم الذي أعان حجاج بيته الحرام علي أداء الفريضة الجامعة, وقد جعل الله عز وجل شكره في هذا اليوم بتقديم الهدي والضحايا بعد صلاة العيد تقربا إلي الله سبحانه, مصداقا لقوله تعالي:( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر), وما يتقدم به المسلمون في هذا اليوم من قربان لن ينال الله منه شيئا كما قال سبحانه: لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوي منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله علي ما هداكم وبشر المحسنين, لأن هذه الأضحية كما يقول الدكتور محمود عمر هاشم أستاذ الحديث بكلية الدراسات الإسلامية بفرع جامعة الأزهر بالزقازيق, إنما هي تذكير بموقف خالد من البطولة والفداء لأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام, وقد رأي في المنام انه يذبح ابنه اسماعيل فأسرع إلي تنفيذ ما أوحي به إليه ربه.. ثم ما كان من استجابة الابن المطلقة برا بأبيه وطاعة لربه, ثم هو تذكير برحمة الله التي تنزل علي عباده الصالحين. وقد شرعت الأضحية في السنة الثانية من الهجرة, وروي عن أنس رضي الله عنه ان النبي عليه الصلاة والسلام ضحي بكبشين أملحين, والأملح هو الأبيض الخالص, وأقرنين وذبحهما بيده وسمي وكبر ووضع رجليه علي صفاحهما. وحكم الأضحية أنها سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها, وشروطها السلامة من العيوب, ويدخل وقتها بعد صلاة العيد إلي ما قبل غروب الشمس في اليوم الثالث, ويشترط التسمية عند الأكل منها, ويكره جز صوفها قبل الذبح أو بيع جلدها أو استبداله بلحم, ومن السنة أن تكون سمينة وغير مكسورة القرن, وأن يكون الذبح نهارا وفي موضع لين ويوجه مذبحها تجاه القبلة, كما يشترط أن يكون الذابح مسلما, وأن يسمي الله تعالي ويصلي ويسلم علي النبي عليه الصلاة والسلام ويكبر ثلاثا بعد التسمية, ويقول: اللهم هذا منك وإليك فتقبل مني, ويكره المغالاة في ثمنها وذبحها عن شخص ميت إذا لم يشترطها في وقف له لأعمال الخير.