طارق الشيخ: موشيه أرينز 87 عام ليتواني الأصل, وزير الخارجية الإسرائيلي السابق خلال الأعوام من1988 وحتي1990 ووزير الدفاع1990 وحتي1992 في عام1999 أيضا, وسفير إسرائيل السابق لدي الولاياتالمتحدة وعضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود وهو خريج معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا إم. أي. تي, كتب أخيرا في صحيفة هاآرت الإسرائيلية عن حرب أكتوبر1973: في مثل هذا الوقت من كل عام ومع حلول يوم كيبور نتجه بفكرنا نحو حرب يوم كيبور حيث صدمة البداية وقوائم الضحايا المتنامية والهزائم المبكرة وعبور القناة...وأخطاء قادتنا والثمن الفادح الذي كان علينا دفعه مقابل تلك الأخطاء'. ومازال يوجد في إسرائيل حتي اليوم من يؤكد أن الهزيمة كان من الممكن تفاديها, وهم مقتنعون بأنه كانت هناك أخطاء جوهرية ورغبة في عدم مواجهة الحقائق وأخطاء في التفكير علي مختلف المستويات المدنية والعسكرية خلال الفترة التي سبقت نشوب الحرب. ويؤمن أرينز بأن إسرائيل دخلت حرب أكتوبر وهي تعاني حالة' رفض وإنكار'.فلم تكن تريد الإعتراف بأن نشر مصر لبطاريات صواريخ الدفاع الجوي في غرب القناة بطول خط المواجهة قد يتسبب في إخراج الجانب الأكبر من سلاح الجو الإسرائيلي إذا نشبت الحرب. ويتذكر آرينز أن الشهور الأخيرة من حرب الاستنزاف في عام1970 عاني الطيران الإسرائيلي من صواريخ الدفاع الجوي الروسية الصنع التي ظهرت علي الجبهة المصرية.وعندما تم التوصل لإتفاق وقف إطلاق النار في ذلك العام بدا من الواضح أن الطيران الإسرائيلي' فشل'في قهر الصواريخ المصرية التي أسقطت الكثير من طائراته خلال الشهور الأخيرة من حرب الإستنزاف. وبعد وقف إطلاق النار حركت مصر بطاريات صواريخها لتكون أكثر قربا من خط المواجهة عند القناة. ويتذكر آرينز بألم:'عندما إندلعت حرب يوم كيبور,واجه سلاح الجو الإسرائيلي إنتشار مصري كثيف لصواريخ أرض جو طراز سام 2 و3و6 والمدافع المضادة للطائرات غرب القناة,لتوفر مظلة حماية للقوات المصرية العابرة للقناة.ولم يجد سلاح الجو الإسرائيلي رد مناسب لهذا التهديد'. ويؤكد آرينز أن التفكير السائد في إسرائيل كان متأثر بالإنجازات التي حققها سلاح الجو في حرب1967 وبأنه مادام لم يتمكن المصريين من تكوين قوات جوية متفوقة أو حتي مكافئة فإنهم لن يحاربوا إسرائيل.وأن المصريين حتي وإن حاولوا شن حرب وحاولوا عبور القناة فإن سلاح الجو الإسرائيلي سيقوم بدور'المدفعية الطائرة' القادرة علي الرد الفوري وتوفير الحماية والدعم لوحدات قواتنا في سيناء مما يمكنها من صد هجوم القوات المصرية العابرة للقناة وإجبارها علي التقهقر.وكان ذلك هو الفكر السائد بين القيادات الإسرائيلية العسكرية والمدنية علي حد سواء وهو ما يصفه آرينز بأنه: اساس الأخطاء الإستراتيجية والتكتيكية, واصفا القيادات الإسرائيلية بأنها كانت في حالة من الإنكار والرفض'لمواجهة الأحداث المؤلمة التي واجهوها أثناء'حرب الإستنزاف'. وبدا من الواضح ان المصريين تعلموا من حرب الإستنزاف.فقد توصلوا إلي أنهم ليسوا بحاجة إلي تكوين قوات جوية علي نفس مستوي سلاح الجو الإسرائيلي حتي يبدأوا الحرب فبطاريات صواريخهم المضادة للطائرات كانت كفيلة بمهمة مواجهة الطيران الإسرائيلي, وبالفعل وفرت تلك البطاريات الغطاء للقوات المصرية العابرة للقناة في حين وقف الطيران الإسرائيلي عاجزا عن تقديم أي دعم جوي للقوات الإسرائيلية علي الأرض. ومن الطريف وبعد كل ماسبق أن ذكره الرجل فإنه مازال يردد بأن إسرائيل قد إنتصرت في عام1973!! فهو يري أن صمود القوات الإسرائيلية مكن إسرائيل من إنتزاع معاهدة السلام مع مصر. وإذا كان فشل المخابرات الإسرائيلية في تقدير خطورة وفعالية'حائط الصواريخ' المصري وفشلها علي مدي سنوات في رصد تحركه لتغطية جبهة القناة إستعدادا للعبور قد أزعج أرينز, فإن قائد القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي هو الأخر قد عاني من الفشل المعلوماتي الذي أفضي إلي مفاجأة السوريين للقوات الإسرائيلية في الجولان يوم6 أكتوبر.1973 فمن خلال مجموعة من الوثائق التي أفرجت عنها إسرائيل أخيرا وتضمنت جانبا من الشهادات السرية لجنرالات إسرائيل أمام' لجنة أجرانات' عقب نهاية الحرب مباشرة برزت شهادة إسحق حوفي قائد القيادة الشمالية(الجبهة السورية) للجيش الإسرائيلي أثناء الحرب. أشار حوفي إلي الفشل الذريع للمخابرات في تزويده بالمعلومات الكافية عن التحركات السورية إستعدادا للحرب. فكل معلوماته وردت علي حد قوله من شبكة مواقع المراقبة المنتشرة علي هضبة الجولان والتي أبلغت عن بعض التحركات المحدودة غير الواضحة للقوات السورية. وشهد شهر سبتمبر1973 مشاركة الرئيس االسوري السابق حافظ الأسد في قمة عدم الإنحياز بالجزائر ثم توجه لزيارة الرئيس المصري محمد أنو السادات في القاهرة في لقاء ضم أيضا الملك حسين ملك الأردن. وأظهر الإستطلاع الجوي أن الإنتشار السوري بطول خط المواجهة قد تم تعزيزه. وجاء التحليل والتفسير بأن:' السوريين يخشون من ضربة إسرائيلية', وأن الأسد دعم قواته لضمان تأمين البلاد داخليا وخارجيا في حالة عدم وجوده فرفع حالة الإستعداد إلي الدرجة القصوي.وفي24 سبتمبر أظهرت صور الإستطلاع الجوي أن مستوي الاستعداد يكفي لأن تشن سوريا هجومها.وفي2 أكتوبر وردت برقية إلي قائد المخابرات بالقيادة الشمالية تشير إلي هجوم سوري محتمل ولكن أحدا لم يلق بالا للتحذير.وأجرت المخابرات العسكرية الإسرائيلية تحقيقا في الأمر ولكنه لم يسفر عن شئ. [email protected] :