من أسماء الله تعالي الحسني اسم الله وهو علم علي الذات الواجب الموجود المستحق لجميع المحامد, وهو أعظم أسمائه سبحانه وتعالي وأشهرها وأعلاها محلا في الذكر والدعاء لدلالته علي الذات العلية الجامعة لكل صفات الألوهية المنعوتة الربوبية المنفردة بالوحدة في الذات والصفات والأفعال المعبودة بحق, فلا إله إلا الله ولا رب سواه ولا معبود بحق إلا هو, قال تعالي: الله لا إله إلا هو, البقرة:255], وقال: ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه, الأنعام:102], وقال سبحانه: إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني, طه:14], وقال: اعبدوا الله ما لكم من إله غيره, المؤمنون:32], وقال: اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار, المائدة:72], وقال: الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار, الرعد:16], وقال عز وجل: الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم, النمل:26], وقال: وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم, آل عمران:62]. وأصل كلمة الله في اللغة الإله, وقد أطلق في لغة العرب لمعان, هي: المعبود, والملتجأ, والمفزوع إليه, والمحبوب حبا عظيما, والذي تحتار العقول فيه, أي في إدراك عظمته ومعرفة قدره, وكل هذه المعاني ثابتة في حق الله سبحانه وتعالي: فلو شاهد المسلم ما آل إلي الله تعالي من مزيد الفضل والإكرام وعظيم الرحمة والمحبة والحنان علي هذا الكون, ولو تعمق في التفكير في آلاء الله ونعمه عليه لتوله به حبا وهياما, ولطارت نفسه عارجة في بحور الجلال والجمال والكمال, ولحلق بنفسه التجاء واحتماء وحبا بذي الجلال والإكرام مقبلا عليه لا يري إلاه, ولا ينطق بسواه, ولا ينشغل فكرا وقلبا إلا به سبحانه. واسم الله تفرد الحق سبحانه وتعالي به, وقد خص به نفسه فلم يسم به غيره أصلا, إذ أن معاني سائر أسماء الله الحسني يتصور أن يتصف العبد بشيء منها حتي يطلق عليه الاسم, كالرحيم والعليم والحليم والصبور والشكور وغيره, وإن كان إطلاق الاسم عليه إنما هو علي وجه آخر يختلف عن إطلاقه علي الله عز وجل لأنه تعالي ليس كمثله شيء, وأما معني هذا الاسم الله فخاص خصوصا لا يتصور فيه مشاركة لا بالمجاز ولا بالحقيقة, ولأجل هذا الخصوص توصف سائر الأسماء بأنها اسم الله عز وجل وتعرف بالإضافة إليه, فيقال: الصبور والشكور والملك والجبار من أسماء الله عز وجل, ولا يقال: الله من أسماء الشكور والصبور, ولذلك أيضا كانت أسماء الله الحسني للتخلق إلا اسم الله فهو للتعلق فينبغي أن يكون حظ العبد من هذا الاسم هو التأله بأن يكون مستغرق القلب والهمة بالله عز وجل لا يري غيره ولا يلتفت إلي سواه, ولا يرجو ولا يخاف إلا إياهي سبحانه وتعالي, وكيف لا يكون كذلك وقد فهم من هذا الاسم أنه الموجود الحقيقي الحق, وكل ما سواه فان وهالك وباطل إلا به تعالي, وقد ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله: إياه أصدق بيت قالته العرب قول لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل.. وكل نعيم لا محالة زائل وقد جمع الله الدين كله في هذا الاسم الأعظم فقال سبحانه وتعالي: قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون, الأنعام:91] وقال سبحانه وتعالي: يا أيها الناس أنتم الفقراء إلي الله والله هو الغني الحميد, فاطر:15], أي أنتم الفقراء فقرا كاملا إلي الله عز وجل ليس لكم من تضرعون إليه سواه, وهو الغني غني كاملا عن خلقه جميعا, وما خلقهم لحاجة إليهم ولكن خلقهم لعبادته وتقديسه والتسبيح بحمده, فتلك وظيفتهم يؤدونها لخالقهم طوعا وكرها, يقول تعالي: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطمعون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين, الذاريات:56 58]. يقول الشاعر: الله قل وذر الوجود وما حوي.. إن كنت مرتادا بلوغ كمال فالكل دون الله إن حققته.. عدم علي التفصيل والإجمال وقد رجح كثير من العلماء أن يكون اسم الله هو الأسم الأعظم لكل هذه الخصائص التي اختص بها. ولعظم هذا الاسم كان داخلا في كلمة التوحيد التي يدخل بها المرء دين الإسلام, فجملة لا إله إلا الله هي كلمة الله العليا وكلمة الحق وهي أيضا كلمة السعادة والنجاة والفوز العظيم والتوحيد الخالص. فاللهم أكرمنا بالتعلق بهذا الاسم والتعرض لأنواره حتي لا ننشغل عنك بسواك. المزيد من مقالات د. علي جمعة