أعتقد أن مناطق قليلة في مصر ينافس سوء إستغلالها مايحدث في الساحل الشمالي!..ذلك الشريط الساحلي الممتد من العجمي غرب الإسكندرية, إلي مرسي مطروح في أقصي الغرب, والذي يشغل معظمه الآن ما يزيد علي مائة قرية سياحية, تبدأ من قري بها عشرات من الوحدات, وحتي قرية مارينا المتسعة. هي منطقة طويلة وممتدة لما يقرب من مائتي كيلو متر,تقدم الطريقة التي بها نموذجا فريدا- في العالم كله- لسوء التصرف, وانعدام التخطيط, وافتقاد القدرة علي الخيال والإبداع! لقد أنفقت المليارات علي إنشاء تلك القري لتستعمل فقط ثلاثة أو أربعة أشهر-علي الأكثر- في الصيف, لتتحول بعدها إلي منطقة مهجورة, خاوية علي عروشها!مع أن الطقس فيها حتي في أقسي أيام الشتاء, والذي لايزيد فعليا علي شهرين أو ثلاثة- يعتبر بلا شك جميلا ورائعا, قياسا مثلا بالطقس في بلدان شمال أوروبا! إنني أتساءل: لماذا لاتخضع هذه المناطق لإعادة تخطيط عمراني و حضاري شامل, يربط الشريط الساحلي بعمقه الصحراوي, في محافظتين جديدتين أو ثلاث, يمكن أن تجذب مئات الألوف, وربما الملايين من البشر, وتسهم في تصحيح الإختلال السكاني الذي نعاني منه؟ ألا يمكن ان نبني هناك عشرات الفنادق العالمية, التي يمكن أن تعمل علي مدي السنة؟ إن شواطيء تونس تقع علي نفس الساحل الجنوبي للبحر المتوسط, ومع ذلك لامحل إطلاقا لأي مقارنة بين استغلال تونس لشواطئها, وبين مايحدث في شواطيء مصر. إن تونس, التي يبلغ تعدادها أقل من أحد عشر مليون نسمة, تستقبل علي شواطئها سنويا حوالي سبعة ملايين سائح, في مئات من الفنادق التي يكتظ بها الساحل التونسي بمدنه الجميلة والنظيفة(الحمامات, وبنزرت,وقرطاج, وصفاقس, وسيدي بو سعيد وسوسة...إلخ) إنني أيضا لا أعرف لماذا اقتصرنا في السياحة الشاطئية علي شرم الشيخ و البحر الأحمر, غافلين عن الاستثمار المجدي و الذكي, لساحل البحر المتوسط, وغير مدركين لحجم وقيمة أهم ما حبا به الله مصر: أي موقعها و مناخها الرائع! المزيد من أعمدة د.أسامة الغزالى حرب