كتبت- وفاء البرادعي كثر الحديث هذه الايام عن ارتفاعات عالمية جديدة في اسعار الغذاء, الامر الذي دفع الخبراء الي التعبير عن مخاوفهم من حدوث صدمات قد تتحول الي ازمات واسعة النطاق كما حدثت في بعض الدول بسبب ارتفاع اسعار الغذاء عام2007/.2008 وقد ذهب بعض الخبراء الدوليين بالقول ان صانعي السياسة في العالم قد يضطرون الي العودة الي التفكير في الغذاء كمصدر قوة استراتيجية. واستندت التنبؤات الجديدة علي المؤشرات التي تابعتها المنظمات والمؤسسات الدولية علي إثر تراجع إنتاج الحبوب العالمي خاصة القمح والذرة الشامية وفول الصويا بسبب موجة الجفاف التي شهدتها اخيرا الدول الرئيسية المنتجة للحبوب كالولايات المتحدة وروسيا. فنوهت منظمة الاممالمتحدة للأغذية والزراعة( الفاو) الي تراجع الانتاج العالمي من الحبوب العام الحالي ليبلغ نحو2295 مليون طن اي ما يقل بمقدار52 مليون طن او2,2% عن المتوسط المسجل في عام2011 كما توقعت المنظمة حدوث تأزم كبير في ميزان العرض والطلب العالمي للحبوب خلال الموسم التسويقي لعام2012/.2013 ورجح الدكتور جمال صيام استاذ الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة جامعة القاهرة أن المؤشرات الحالية قد تدعمها نفس العوامل التي ادت الي ازمة الغذاء السابقة2008/2007 وفي مقدمتها أسعار الطاقة وانتاج الوقود الحيوي والطلب المتزايد علي الغذاء في دول الاقتصادات الصاعدة والتغيرات البيئية والمناخية غير المواتية للانتاج الزراعي ارتفاع اسعار المواد الغذائية عالميا سوف يتبعه ارتفاع في الاسعار المحلية وذلك في ظل انفاق استهلاكي مرتفع نسبيا في مصر, حيث ينفق الفرد من دخله في المتوسط نحو63,33% في الحضر ونحو34,50% في الريف. الي ذلك قال الدكتور صيام اذا ما اتجهت اسعار الغذاء مرة ثانية الي الارتفاع بمعدلات كبيرة عالميا ثم محليا في الوقت الذي يظل فيه معدل النمو الاقتصادي متباطأ فان الاقتصاد المصري سيواجه حالة من الركود التضخمي الذي يمكن ان تنشأ عنه آثار سلبية ستتفاقم في ظلها اوضاع الفقر في مصر. فقد ادت ازمة الغذاء العالمية2008/2007 الي رفع معدل الفقر(2 دولار يوميا) بمقدار5% من8,17% في(2007/2006) الي23%(2008/2007) وذلك رغم ما تحقق في عام الازمة من نمو اقتصادي بلغ2,7% وهو اعلي مستوي له خلال عقدين ويتضح انه لم يتحقق إلا القليل فيما يتعلق بتخفيض الفقر بسبب الزيادات الكبيرة في أسعار الغذاء والطاقة. وقد ترتب علي اهمال وتهميش القطاع الزراعي تواضع أدائه متمثلا في تفاقم وتدهور الأمن الغذائي القومي وتزايد معدلات الفقر في مصر ولما كانت الزراعة هي المستخدم الرئيسي للمياه( نحو80%) فإن تواضع أدائها يعد إهدارا اقتصاديا للمياه. اما هنادي عبد الراضي الباحثة بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي فتقول يتواجد أغلب الفقراء في مصر(70%) في القطاعين الزراعي والريفي ولتخفيض معدلات الفقر علي المستوي العام لابد من إعطاء أولوية خاصة لهذين القطاعين ضمن السياسات الاقتصادية الكلية سواء في مجال الاستثمارات والبنية الاساسية والخدمات المساندة فضلا عن سياسات الانفاق الاجتماعي. وانه رغم التحسن الملحوظ في معدلات الاستهداف لشبكات الضمان الاجتماعي في مصر خلال الفترة(2008/20072005/2004) إلا انها لم تحد من تزايد اعداد الفقراء في حين ان المعاشات والتحويلات تعد اهم مصادر الدخل للاسر التي تعولها إناث اذ تمثل نحو9,45% و6,40% في الحضر والريف علي التوالي. ونوه الدكتور جمال صيام إلي اهمية القطاع الزراعي فيما يتعلق باستراتيجيات مكافحة الفقر, الامر الذي يتطلب رفع معدل النمو الزراعي من نحو3.5% إلي نحو4.5% سنويا مع مضاعفة الاستثمارات الموجهة للقطاع علي المدي الطويل. حيث لم تتجاوز الاستثمارات الزراعية نسبة9,2% من حجم الاستثمارات الكلية المنفذة في(2010/2009) وهو نصيب ضئيل للغاية لا يتناسب مع أهمية هذا القطاع في الاقتصاد المصري في ظل تزايد حجم الفجوة الغذائية والاعتماد علي الخارج في تلبية أكثر من نحو40% من احتياجات مصر من الغذاء.