بين أيدينا اليوم موسوعة تاريخية علمية من نوع فريد.. موسوعة أخذت علي عاتقها دراسة موقف مصر من القضية الفلسطينية منذ الحرب العالمية الأولي وحتي حرب أكتوبر.1973 والموسوعة التي تقع في عدة مجلدات( صدر منها المجلد الأول فقط الذي يتناول بالبحث مصر والقضية الفلسطينية منذ عام1917 وحتي1952) تعرض في صفحاتها كما يؤكد لنا د. عادل غنيم محرر الموسوعة موقف مصر من نضال عرب فلسطين: مصر الرسمية ومصر الشعبية والجماعات المختلفة,فضلا عن الهيئات والجماعات الدينية,ومنها الأزهر الشريف والمؤسسات الكنسية والطائفة اليهودية والشبان المسلمين والإخوان المسلمين وأخيرا المؤتمرات الشعبية والرسمية التي شاركت فيها مصر من أجل فلسطين.. أما المجلد الثاني من الموسوعة فيتناول في فصوله مشروعات التقسيم وموقف مصر منها وحرب فلسطين1948, شاملا دعم مصر للقضية الفلسطينية في إطار الجامعة العربية والوضع السياسي والاقتصادي في مصر قبل الحرب,فضلا عن الوضع السياسي العربي والظروف الدولية, والموسوعة تعرض أيضا في هذا المجلد لدور الجيش المصري في الحرب وتطور المعارك وموضوع الأسلحة الفاسدة وأسباب هزيمة1948, وتتطرق كذلك لنتائج الحرب علي الصعيد المصري والفلسطيني علي السواء,وتتوالي مجلدات الموسوعة وصولا إلي حرب أكتوبر1973 باعتبارها آخر الحروب التي خاضتها مصر حتي الآن من أجل قضية فلسطين. عكف فريق البحث والدراسة, وهو مكون من الخبراء وعلماء التاريخ علي أعلي مستوي نذكر منهم: د. عادل غنيم, د.إيمان عامر, د.لطيفة محمد سالم, د. عماد جاد, د.محمد عفيفي, د. أحمد زكريا الشلق, د.محمد علي حلة,والعديد من الباحثين علي إعداد هذه الموسوعة العلمية المهمة التي تهدف إلي دراسة وتوثيق ملف مصر والقضية الفلسطينية. هذا اللون من العمل الجماعي الدءوب الذي يعتمد علي البحث والدراسة العميقة المتأنية, وتعاون الأطراف التي تصدت لدراسته معا, يحتاج أيضا, بجوار كل هذا الجهد العلمي الكثيف, إلي النفس الطويل والقدرة علي المثابرة,والأهم من هذا وذاك إلي عيون متأملة وعقلية رحبة تستطيع أن تعيد قراءة التاريخ من جديد,مقدمة عبر هذه الأوراق البحثية العلمية رؤية متجددة ومنظورا مختلفا ربما لم تتطرق إليه المراجع والموسوعات التاريخية من قبل.. فقراءة سطور التاريخ بمثابة سلسلة متصلة حلقاتها مع بعضها البعض.. لا ينفي الجديد القديم.. ولا ينتقص من قدره كذلك.. ولكن ربما يقدم اضافة واضاءة جديدة تنير الطريق وتكشف معها رؤي تحليلية ونقدية مختلفة لم تتطرق إليها المراجع التاريخية السابقة. والحقيقة ان هذا اللون من الموسوعات تفتقده كثيرا مكتبتنا العربية التي تعاني فقرا شديدا لمثل هذه النوعية من الدراسات البحثية, وربما لمس الباحثون ذلك في أثناء اعدادهم موسوعة مصر والقضية الفلسطينية.. فبعض الموضوعات لم تتوافر لها مادة علمية كافية, وعاني الباحثون كذلك من قلة المصادر والمراجع في كثير من الأحيان.. إلا أن كل هذه المعوقات لم تثنهم عن أداء عملهم والتصدي لإعداد هذه الموسوعة العلمية المهمة.. الدعم الحكومي المؤسسي مهم هنا ولا غني عنه.. إذ ان مثل هذه المشاريع التوثيقية تحتاج إلي دعم مادي كبير,فضلا عن توفير المراجع والكتب والمصادر المختلفة الإضافة إلي دور وسائل الإعلام المختلفة في تسليط الأضواء عليها, وهي مهمة تقع علي عاتقنا جميعا, نحن العاملين في كل قنواته: الصحافة, الإذاعة والتليفزيون.. تحية إلي فريق العمل وكل هؤلاء الباحثين الذين حملوا علي أكتافهم هذه المهمة الشاقة.. وتحية إلي المجلس الأعلي للثقافة الذي تصدي لنشر موسوعة مصر والقضية الفلسطينية.