كان من المستحيل ان يجتمعا تحت مظلة واحدة اسمها الزواج..كان الفارق الاجتماعي بينهما كبيرا جدا وعلي طريقة الوسادة الخالية افترقا دون وداع..بعض الناس يفضل ألا يعيش لحظات الوداع لأن هناك إحساسا ما بداخلهم ان الأشياء لا تنتهي وان مصافحة الوداع لا تعني انه لا شيء بعد ذلك.. وان الوداع لحظة يختلف فيها الطريق وربما دارت بنا الأيام ووجدنا ان ما فرقنا بالأمس قد جمعنا مرة أخري.. ليس من الضروري ان نلتقي طول الوقت أو طول العمر لأن الأماكن في دنيا المشاعر ليست أكثر من ذكري قد تمضي وقد تستمر وقد نسترجع معها وبها كل شيء.. تمنيت لحظة وداع ولكن الأقدار شاءت غير ما تمنيت كان رحيلها سريعا فقد اختطفها صاحب الحظ السعيد في ايام قليلة..كان يعمل في الخارج وجاء ليتزوج بصورة تقليدية وعلي حصان ابيض تزينه الدولارات وتطارده أضواء القناديل اختطفها ومضي..وأخذ معه قطعة مني لم استطع في يوم من الأيام ان اشعر بوجودها مرة أخري في أحيان كثيرة ينزع الفراق منا شيئا عزيزا ونشعر ان في اعماقنا فراغا سحيقا خلفته امرأة راحلة أو صديق افتقدناه..أو امومة لا يعوضها أحد..وسط هذا الفراغ الذي تركه من نحب تبدو ظلال الوحشة ويتحول الشوق إلي هاجس ليلي يزورنا كلما غفت العيون وهدأت قليلا نبضات القلب..لم اتصور اننا سنلتقي مرة أخري..لم احاول ان اتتبع أخبارها..لم تسقط من ذاكرتي رغم انها سقطت من شجرة احلامي وغابت اخبارها عني كنت احيانا اسأل عنها هنا أو هناك ولكنني أصبحت أخجل من مجرد السؤال لأن امامي زوجة لها حقوق وابناء صغار اجلس معهم ليلا نذاكر الدروس ونكتب الواجب..كنت في رحلة عمل قصيرة وأخذت مكاني في القطار بينما بقي امامي مكان لشخصين لم يأتيا بعد..كاد القطار ان يتحرك وانا غارق في قراءة الصحيفة حينما أطل وجه أحفظ كل ملامحه جلست امامي ومعها زوجها وطفل صغير..لم نتصافح ولم نتكلم بينما كنت اراقب من بعيد هذا الصغير الجالس امامي وانا أقول لنفسي كان من الممكن ان يحمل اسمي.. ولكنها الأقدار. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة