ربما لا يكون لدى ما يكفى من الأدلة التى تؤكد أن الجزء الاقتصادى من خطة السلام - التى اعتمدها الرئيس الأمريكى ترامب وجرت مناقشتها فى مؤتمر البحرين تقوم على إنشاء صندوق دولى يستثمر قرابة 50 مليار دولار فى مشروعات لتحسين الاقتصاد الفلسطينى فى غزة والضفة - مجرد خطط وأفكار تحوى من الأوهام والأحلام، أكثر من أن تكون حقائق يمكن أن تنهض على أرض الواقع، لكن الخصام الفلسطينى للمشروع الذى وصل إلى حد العداء، والدعوة إلى مقاطعة واستنكار حضوره من أى من الأطراف العربية، يبدو على الناحية الأخرى عملاً متعجلاً غير مبرر فى ضوء خطة المشروع التى تستهدف استثمار ما يقرب من مليار دولار لتحسين المعابر الحدودية الفلسطينية وتسهيل عبور الأشخاص والبضائع فى معبر اللنبى الذى يربط الضفة الغربيةبالأردن، والمعابر الحدودية الأخرى ما بين قطاع غزة وإسرائيل ومصر، كما تشمل الخطة عدداً من مشروعات الاستثمار فى البنية التحتية الفلسطينية، تضمن تحسين نوعية مياه الشرب للفلسطينيين خاصة فى قطاع غزة، وتضمن التدفق المستمر والمُطرد للكهرباء فى القطاع، وإنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف الصحى فى كل من الضفة وغزة، وإقامة جامعة فلسطينية جديدة باستثمارات تربو على مليار دولار، وإقامة مناطق صناعية من شأنها تعزيز الشركات والتجارة الفلسطينية . صحيح أن الخطة لا تتضمن بناء ميناء فى غزة أو مطار فلسطينى خاص، مكتفية بتطوير المطارات الموجودة فى الأردن، لكن الخطة تُركز على أهمية الربط بين غزة والضفة من خلال شبكة مواصلات حديثة تشمل قطاراً سريعاً، وممرا بريا يتكلف 5 مليارات دولار يربط بين الاثنين، وهذا فى حد ذاته شىء جيد فى ضوء المخاوف الفلسطينية السابقة من أخطار عزل الضفة عن القطاع.. ولست أنكر على الفلسطينيين حقهم فى أن يرفضوا الخطة أو يتشككوا فى دوافع الفصل بين ما هو اقتصادى وما هو سياسى، بدعوى أن الخطة تهدف إلى بلورة حل اقتصادى للصراع الفلسطينى الإسرائيلى على حساب الحل السياسى، أو أنها مجرد جسر للتطبيع يحول القضية الفلسطينية من اقتصادية دون وجود أفق سياسى يعطى للفلسطينيين حقهم فى تقرير المصير، لكن الحديث عن ضرورات تحسين الوضع المعيشى للفلسطينيين ألا ينبغى يعتبره الفلسطينيون رجساً من عمل الشيطان، أو مؤامرة ردها الوحيد هو الرفض والاستنكار، لأن الفلسطينيين يحتاجون بالفعل إلى تحسين الوضع المعيشى قدر احتياجهم إلى دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية، تعيش فى أمن وسلام إلى جوار دولة إسرائيل، وأعتقد أن الفلسطينيين هم أول المستفيدين من هذه الدعاوى التى تطالب بتحسين أحوالهم الحياتية التى لا تتصادم بالضرورة مع حقهم فى تقرير المصير . لمزيد من مقالات مكرم محمد أحمد