سيرتها عطرة وخير زاد لنسائنا وبناتنا ولاغرابة فى هذا فهى بنت سيد المرسلين والآخرين وأمها سيدة نساء العالمين خديجة بنت خويلد، وسيرتها تجعل القلوب المؤمنة تتدفق بنور اليقين وتتصل بحبل من الإيمان والتقوى.ولدت فاطمة رضى الله عنها فى أم القرى وقريش تجدد بناء الكعبة وكان ذلك قبل بعثة الحبيب صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات. ففرح بها النبى فرحا عظيما وأحس من أول لحظة بأنها ستكون فتاة مباركة فسماها فاطمة، ونشأت فاطمة فى أعظم وأطهر بيت فى الكون كله. كانت فاطمة تنهل من معين النبوة الصافى وكانت أمها خديجة تغمرها بحبها وحنانها ولذلك لم تسترضع لها كعادة العرب وقتها بل أرضعتها هى بنفسها، فأخذت فاطمة من خديجة الحلم والحياء والمروءة والطهر والعفاف والحكمة والأدب وحسن الخلق وكل الصفات الحميدة، فنشأت أطيب وأفضل نشأة، وعلى مائدة التقى والطهر، فتحت فاطمة عينيها ونشأت على أتقى التقى بين الصلوات والتسبيحات التى تنبعث من فم أبيها وأمها، وهذا كان له كبير الاثر فى تكوين شخصيتها الفريدة بين نساء أهل البيت رضى الله عنهن اذ كانت الزهراء الوحيدة تقريبا فى بيت أبويها حيث تزوجت كبرى أخواتها زينب ثم رقية ولم تبق إلا أم كلثوم التى تكبرها بقليل.بعد وفاة خديجة أم الزهراء، كانت تنهض بأعباء البيت النبوى وترعى أباها الكريم وتفيض عليه من عطفها وحبها حتى دعاها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم النبى أو أم أبيها.فاطمة هى سيدة نساء العالمين، وولداها الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وزوجها أمير المؤمنين على بن أبى طالب،لقد كانت أرض الجزيرة تموج بالكفر وكانت فاطمة ترى ما كان الناس يفعلونه من عبادة الأصنام وغير ذلك من أفعال الجاهلية لكنها فى الوقت نفسه كانت ترى أباها لم يسجد لصنم ولم يشرب خمرا قط فكانت تتعايش بقلبها فى معين الفضائل. فلما أذن الله بأن تشرق شمس الهداية على أرض الجزيرة كانت خديجة رضى الله عنها أول من أسلمت، وأسلمت فاطمة وأخواتها فكان لهن السبق إلى الايمان بالله ورسوله.وما إن خرجت فاطمة من محنة الحصار الذى استمر ثلاث سنوات الذى أثر فى صحتها تأثيرا بالغا. حتى ماتت أمها خديجة التى كانت اليد الحانية والقلب الرحيم فحزنت عليها فاطمة حزنا شديدا لكنها احتسبتها عند الله لتفوز بثواب الصابرين.وتتوالى الأيام والسنون وتتزوج فاطمة من على، ولم يمض عام على الزواج المبارك حتى أقر الله عين فاطمة فوضعت الحفيد الأول لرسول الله الحسن بن علي، فلما بلغ الحسن من العمر عاما ولد بعده الحسين.