تكبيرات العيد، سمة خاصة تتسم بها عبادة المسلمين فى العيدين، فهى تحمل فى ظلالها معانى كثيرة فى نفوس المسلمين، بدءا من شيوع البهجة والسرور بين الناس، الى الفرح بطاعة أوامر الله وانتصار النفس وتغلبها على شهواتها وكبح جماحها, والتضحية بكل غال ونفيس فى سبيل تحقيق مرضاة الله تعالي, ولعل الصبر على متاعب الحياة, مع احتمال أداء فريضة الصيام فى شدة الحر, لاشك أن ثوابه عند الله عظيم, وتكفى من البشرى للإنسان المسلم, أنه حين يعلم أن الله سبحانه وتعالى تكفل بمجازاة ثواب الصائم بنفسه, كما أخبر بذلك سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حين أخبر عن رب العزة سبحانه وتعالى فى الحديث القدسي» كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به». وحول معنى وميعاد التكبير فى العيد يقول الشيخ خالد عمران أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن التَّكبير هو التَّعظيم، والمراد به فى تكبيرات العيد، تعظيم الله عز وجل على وجه العموم، وإثبات الأعظمية لله فى كلمة (الله أكبر) كناية عن وحدانيته الإلهية؛ لأن التفضيل يستلزم نقصان من عداه، والناقص غير مستحق للإلهية؛ لأن حقيقة الإلهية لا تلاقى شيئا من النقص، ولذلك شُرع التكبير فى الصلاة لإبطال السجود لغير الله، وشُرع التكبير عند نحر البُدْن فى الحج لإبطال ما كانوا يتقربون به إلى أصنامهم، وكذلك شرع التكبير عند انتهاء الصيام؛ إشارة إلى أن الله يعبد بالصوم وأنه متنزه عن ضراوة الأصنام بالآية السابقة، ومن أجل ذلك مضت السنة بأن يكبِّر المسلمون عند الخروج إلى صلاة العيد ويكبِّر الإمام فى خطبة العيد. وأضاف: التكبير فى العيدين سُنَّة عند جمهور الفقهاء، قال الله تعالى بعد آيات الصيام «وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» وحُمِل التكبير فى الآية على تكبير عيد الفطر، وقال سبحانه فى آيات الحج»وَاذكُرُواْ اللَّهَ فِى أَيَّام مَّعدُودَات» [البقرة: 203]، وقال أيضًا: «لِّيَشهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُم وَيَذكُرُواْ اسمَ اللَّهِ فِى أَيَّام مَّعلُوماتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ» [الحج: 28]، وقال تعالى: «كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُم لِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُم» [الحج: 37]، وحُمِل الذكر والتكبير فى الآيات السابقة على ما يكون فى عيد الأضحى. وحول وقت التكبير فى العيد وصيغته، أوضح الشيخ خالد عمران: يُندب التكبير بغروب الشمس ليلتى العيد فى المنازل والطرق والمساجد والأسواق برفع الصوت للرجل؛ إظهارا لشعار العيد، والأظهر إدامته حتى يحرم الإمام بصلاة العيد، أما من لم يصلِّ مع الإمام فيكبِّر حتى يفرغ الإمام من صلاة العيد ومن الخطبتين، أما صيغة التكبير، فلم يرد فيها شيء بخصوصه فى السنة المطهرة، ولكن درج بعض الصحابة منهم سلمان الفارسى على التكبير بصيغة: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد» والأمر فيه على السَّعة؛ لأن النص الوارد فى ذلك مطلق، وهو قوله تعالى: وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُم [البقرة: 185]، والْمُطْلَق يُؤْخَذُ على إطلاقه حتى يأتى ما يقيده فى الشَّرع. وعن صيغة التكبير التى يرددها المصريون فى العيد، قال أمين الفتوى: لقد درج المصريُّون من قديم الزمان على الصيغة المشهورة وهي: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إيَّاهُ، مُخْلِصِين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا»، وهى صيغة مشروعة صحيحة استحبها كثير من العلماء ونصوا عليها فى كتبهم، وقال عنها الإمام الشافعي- رحمه الله تعالى: «وإن كَبَّر على ما يكبر عليه الناس اليوم فحسن، وإن زاد تكبيرًا فحسن، وما زاد مع هذا من ذكر الله أحببتُه». وحول حكم زيادة الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم فى التكبير، قال: زيادة الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأنصاره وأزواجه وذريته فى ختام التكبير أمر مشروع؛ فإنَّ أفضل الذكر ما اجتمع فيه ذكر الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، كما أن الصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وآله وسلم تَفْتَحُ للعمل بَابَ القَبُول فإنها مَقْبُولَةٌ أَبَدًا حتى من المنافق، كما نص على ذلك أهل العلم؛ لأنها مُتَعَلِّقَةٌ بالجناب الأجلِّ صلى الله عليه وآله وسلم.