النائب العام يصدر قرارًا بإضافة اختصاص حماية المسنين إلى مكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    "تضامن النواب" توصي عدم الكيل بمكيالين واستخدام حقوق الإنسان ذريعة الأهداف سياسية    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية: يجب على الشركات المصرية استغلال الصناعات البيلاروسية للتصنيع المشترك    نائب محافظ سوهاج يتفقد سير العمل بالمركز التكنولوجي لخدمة المواطنين    وفاة نجل رئيس مجلس النواب الليبي    القسام تنشر مشاهد لاستهداف جرافة إسرائيلية    تقرير مغربي: عقوبات جديدة ضد اتحاد العاصمة بعد الانسحاب أمام نهضة بركان    تويتر الآن بث مباشر مباراة الهلال والاتحاد في نصف نهائي كأس الملك    خالد الغندور : الأهلي يقترب من حسم صفقة نجم الزمالك    حالة الطقس غدا الأربعاء 1-5- 2024 بوادي النطرون    النزهة الأخيرة.. انتشال جثة طفل غرق أمام أصحابه بمياه النيل في أطفيح    فصول في علم لغة النص، كتاب جديد للدكتور أيمن صابر سعيد    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    جلطات لقاح أسترازينيكا- جمال شعبان: لا تحدث إلا لهؤلاء    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    15 مايو.. أولى جلسات محاكمة 4 مسئولين كهرباء في حريق ستوديو الأهرام    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    حفل ختام فعاليات مهرجان الإسكندرية ل الفيلم القصير في الدورة العاشرة    بسبب الأزمة المالية.. برشلونة مهدد بفقدان أحد صفقاته    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    أمير الكويت يصل مطار القاهرة للقاء السيسي    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    تفاصيل زيارة وفد منظمة الصحة العالمية لمديرية الصحة في أسيوط    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    قواعد صارمة من مدرب ليفربول المنتظر بعد أزمة محمد صلاح وكلوب    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    «التنمية الشاملة» ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة بالأقصر (تفاصيل)    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    موعد غلق باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية في العام الجديد    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    ماذا فعل "أفشة" مع كولر في غرفة الملابس بعد عدم مشاركته؟.. والمدرب يرفض معاقبته    وزير التجارة والصناعة يرافق رئيس الوزراء البيلاروسي خلال تفقد الشركة الدولية للصناعات    وزير التموين يعلن تفاصيل طرح فرص استثمارية جديدة في التجارة الداخلية    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    كينيا تلغي عقد مشروع طريق سريع مدعوم من البنك الأفريقي للتنمية    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    واشنطن: وحدات عسكرية إسرائيلية انتهكت حقوق الإنسان قبل 7 أكتوبر    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    فيديو| مقتل 3 أفراد شرطة في ولاية أمريكية خلال تنفيذ مذكرة توقيف مطلوب    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    حفل زفاف على الطريقة الفرعونية.. كليوباترا تتزوج فى إيطاليا "فيديو"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناخ شجع المثقفين وأخاف الرجعيين!

بقدر ما كانت ثورة 1919 مناخا جديدا وأفقا مفتوحا شجع المثقفين المصريين على طرح أسئلتهم والكشف عن مواهبهم والتفكر بعقل والتعبير بحرية بقدر ما أخاف هذا المناخ الجديد القوى الرجعية وعزلها وأثارها ضد المثقفين الذين تعرضوا على يد هذه القوى لصور من القمع والبطش والعدوان والمصادرة باسم الدين تارة وباسم السلطة تارة أخرى أو باسمهما معا فى معظم الأحيان، لأن السلطة تستخدم الدين ورجاله ، ولأن رجال الدين يستعينون بالسلطة ورجالها . وهذا واضح فيما حدث للشيخ على عبد الرازق الذى اتهم بالتجديف والخروج على الإجماع لأنه أعلن فى كتابه «الاسلام وأصول الحكم» أن الخلافة نظام سياسى وليست مقاما دينيا على نحو مارأينا فى مقالة الأربعاء الماضى. وهو واضح كذلك فيما حدث للدكتور طه حسين فى واقعتين متتاليتين: الأولى عندما قدم رسالته التى كتبها عن أبى العلاء المعرى ليحصل بها على الدكتوراة من الجامعة المصرية فانهالت عليه التهم التى انهالت على أبى العلاء، لأن أبا العلاء دافع فى شعره عن العقل، وانحاز لحرية الفكر، وندد بالمتشددين المتطرفين من رجال الدين الذين يثيرون الفتن ويشعلون الحرائق . يقول فى هؤلاء :
غدا أهل الشرائع فى اختلاف
تقض به المضاجع والمهود
فقد كذبت على عيسى النصاري
كما كذبت على موسى اليهود
ولم تستحدث الأيام خلقا
ولا حالت من الزمن العهود
ويقول فيهم:
تلوا باطلا ، وجلوا صارما
وقالوا صدقنا فقلنا: نعم!
ومن المؤكد أن طه حسين كان يحدثنا فى كتابه عن أبى العلاء المعرى ويعرض علينا شعره وفكره دون أن يتبنى بالضرورة كلامه وإن تعاطف معه وقدم من خلاله وجها آخر للعصر الذى عاش فيه أبو العلاء قبل ألف عام ولم يكن كله تشددا او انغلاقا، وانما تميز كما نرى بقدر من سعة الصدر علينا أن نستفيد بها ونتعلم منها حين نفكر ونعبر وهذا ما لم ينتبه له بعض الذين قرأوا رسالة طه حسين فاتهموه بالإلحاد وطالبوا بحرمانه من حقوق الجامعيين وسحب ما حصل عليه من شهادات وإجازات . لكن سعد زغلول تدخل وأوقف هذه الحملة.
أما الواقعة الأخرى التى تعرض فيها طه حسين للمنع والمصادرة فكانت عندما أصدر كتابه عن «الشعر الجاهلي» والتزم فيه منهج الفيلسوف الفرنسى ديكارت الذى يتطلب من الباحث ألا يسلم بشئ فيما يتصل بالموضوع الذى يبحثه الا بعد الشك فيه وطرح الأسئلة عليه واختبار صحته لإظهار الحقيقة والوصول الى اليقين.
وقد نظر طه حسين فى الشعر الجاهلى فوجد أنه لا يمثل الحياة التى عاشها العرب فى الجاهلية ، ولا يمثل اللغة التى كانوا يتكلمونها بلهجاتها المختلفة فى جنوب الجزيرة العربية وشمالها ، ولهذا حكم عليه بأنه منتحل لم يقله الجاهليون وإنما قاله الرواة الذين ألفوه وتداولوه فيما بينهم ليجعلوه أصلا يرجعون إليه ويستشهدون به لأثبات مايريدون إثباته فى السياسة واللغة والدين.
لكن عددا من رجال الأزهر والكتاب والمشتغلين بالسياسة ثاروا ضد طه حسين واتهموه باهانة الاسلام دين الدولة والطعن فى نسب الرسول والفصل بين الدين والعلم، وطالبوا بمحاكمته وهو ماحدث بالفعل فقد حقق مع طه حسين أمام النيابة العامة التى آخذته فى بعض ماذكره وما أخذه عن العلماء الغربيين، لكنها انتهت إلى أن غرض طه حسين لم يكن الطعن أو التعدى على الدين كما قد يبدو للناظر فى بعض عباراته،وإنما وردت هذه العبارات فى مجال البحث العلمى مع اعتقاد المؤلف أن بحثه يقتضيها، وحيث إن القصد الجنائى غير متوافر لذلك حفظت الأوراق فى هذه القضية.
وإذا كان سعد زغلول قد خلع حمايته على طه حسين فى الواقعة الأولى فقد تخلى عنه فى الواقعة الثانية وانضم لخصومه وهاجمه فى بعض تصريحاته. والسبب أن طه حسين كان مرتبطا بالأحرار الدستوريين خصوم الوفد. وهو ذات السبب الذى من أجله وقف سعد زغلول ضد الشيخ على عبدالرازق. لكن مثقفى الأحرار الدستوريين وقفوا الى جانب طه حسين كما وقف الى جانبه شاعر النيل حافظ إبراهيم الذى نظم فى هذه الواقعة هذين البيتين!
إن صح ماقالوا وما أرجفوا
وألصقوا زورا بدين العميد
فكفر طه عند ديانه
أحب من إسلام عبدالحميد
وعبدالحميد هذا هو الدكتور عبد الحميد سعيد الذى كان عضوا فى مجلس النواب ورئيسا لجمعية الشبان المسلمين.
ومن الطبيعى أن يكون هذا الموقف هو موقف شاعر النيل الذى تعرض هو الآخر لموقف مشابه عبر عنه فى قصيدة لم تنشر فى الطبعات الأولى من ديوانه ونشرت فى الطبعة الأخيرة التى أصدرها المجلس الأعلى للثقافة فى الذكرى الخامسة والسبعين لرحيل حافظ تحت عنوان «من شعر حافظ فى ثورة 1919». هذه القصيدة نشرت دون توضيح للملابسات التى قيلت فيها. لكن حافظ إبراهيم يعتذر فيها عن صمته حيث كان يجب عليه أن يرفع صوته. وهو يتحدث عن رقباء فرضوا عليه هذا الصمت وحالوا بينه وبين أداء واجبه نحو وطنه. ولعله يشير هنا إلى رؤسائه فى السنوات التى كان فيها موظفا فى دار الكتب وكان لهؤلاء الرؤساء على مايبدو موقف من ثورة 1919 لايتفق معه أن يعلن حافظ وقوفه مع الثورة أو تحيته للثوار يقول:
وجشمونى على ضعفى وقوتهم
أن أمسك القول حتى عن تحاياك
وأرصدوا لى رقيبا ليس يخطئه
هجس الفؤاد إذا حاولت ذكراك
يحصى تردد أنفاسى ويمنعني
نفح الشمائل ان جازت برياك
منعت حتى من النجوى وسلوتها
وكم تعللت فى البلوى بنجواك
وربما كان طه حسين يشير إلى هذه المسألة وهو يتحدث عن حافظ وشوقى فيقول "وصل شوقى فى شيخوخته إلى ما وصل إليه حافظ فى شابه. لأن شوقى سكت حيث كان حافظ ينطق ونطق حيث اضطر حافظ إلى الصمت.. يالسوء الحظ! ليت حافظا لم يوظف قط. وليت شوقى لم يكن شاعر الأمير قط. ولكن هل تنفع شيئا ليت! لقد أسكت حافظ ثلث عمره. وسجن شوقى فى القصر ربع قرن. وخسرت مصر والأدب بسعادة هذين الشاعرين العظيمين شيئا كثيرا".
لمزيد من مقالات ◀ بقلم أحمد عبدالمعطى حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.