من البداية فإن المنطق يؤكد, أنك إذا احتجت شيئا فلتبحث عنه حولك أولا لعله قريب منك أو بين يديك دون أن تنتبه له بسبب انشغال ذهنك بقضايا أخرى تفكر فيها.. أما أن تهمل ما حولك من البداية وتتكلف عناء الذهاب بعيدا للبحث عنه فهو أمر يخاصم كل منطق وهو ما اختصره الميراث الثقافى المصرى فى مثل شعبى ينم عن عبقرية مصرية خاصة, إبنى على كتفي.. وأروح أدور عليه!, غير أنك إذا لم تجده فى تلك الدوائر القريبة منك فعليك أن توسع دائرة بحثك شيئاً فشيئا فستجده بالتأكيد. السطور السابقة هى ما تنطبق حرفيا على ما تعتزم وزارة التربية والتعليم الإقدام عليه خلال ساعات إن لم تكن قد نفذته بالفعل وشردت مستقبل نحو36 ألف شاب بعد أن اطمأنوا على مستقبلهم بعض الشىء بتوقيعهم على عقود مؤقتة للعمل مدرسين بوزارة التربية والتعليم. عشرات من الشكاوى تلقيتها على حسابى فى الفيس بوك جاءت نصوصها شبه واحدة تكشف عن حالة من الإحباط والانكسار يعانى منها هؤلاء الشباب الذين لا ذنب لهم سوى أنهم صدقوا ما جرى وعدهم به.. وإليكم نص هذه الشكاوى دون أى تدخل من جانبى سواء بالاختصار أو إعادة الصياغة: تحية طيبة وبعد.. نتقدم لسيادتكم نحن المعلمين المتعاقدين بمسابقة التعاقدات المؤقتة 2019 بهذه الاستغاثة العاجلة بعد أن نجحنا واجتزنا المسابقة التى نظمتها وزارة التربية والتعليم, العقود المؤقتة 2019, وقد استوفينا الشروط والأوراق واجتزنا التدريب وحررت لنا العقود واستلمنا عملنا بالفعل بالمدارس إلا أننا فوجئنا مؤخرا باعتزام الوزارة إنهاء العقود معنا نهاية شهر مايو وإجراء مسابقة جديدة أول يوليو المقبل علمًا بأنه جرى توزيعنا على المدارس المختلفة!. فكيف للوزارة بعد أن نخوض غمار المسابقة، وما تكلفناه من مصروفات لاستخراج الأوراق الرسمية وأصول وشهادات تربوية وصحية وصحيفة جنائية وقيد عائلي.. وبعد كل ذلك تقول وزارة التربية إنها ستنهى عقودنا بعد انتهاء العام الدراسى الحالي، متعللة بأنها اشترطت ذلك على المتقدمين!.. نحن المعلمين لا نملك من أمر أنفسنا شيئا، إذ أن الحاجة هى التى دفعتنا للاشتراك فى هذه المسابقة على أمل التعاقد معنا ثم التجديد وبعد ذلك التعيين، إذ إننا لا نرى أى منطق فى العقد ذى الشهرين فقط..! ولو كنا نعلم بأن الأمر سيكون مقصورا على تلك المدة لما تكلفنا عناء استخراج أوراق وشهادات واختبارات وسفر من مكان لآخر، وهو الأمر الذى كلفنا ماديا أكثر مما رصدته الوزارة كراتب للمعلم فى مدة هذين الشهرين!. لقد كانت الوزارة بحاجة إلى نحو 70 ألف معلم، لكن من نجحوا ووقعوا على العقد لم يتجاوزوا 36 ألفا، أى أن الوزارة لاتزال بحاجة إلى أكثر من 30 ألف معلم.. فمادامت الوزارة تقر بهذا العجز الشديد، فكيف تقرر نسف مخرجات هذه المسابقة وإنهاء عقودنا وإجراء مسابقة أخري؟ نرفع شكوانا وصوتنا لكل أصحاب القرار، ونطالب بأحقيتنا فى التثبيت وبأحقية الوزارة فى عقد مسابقة أخرى تستكمل بموجبه العجز الذى تقر به و..لسيادتكم منا جزيل الشكر والتقدير. إلى هنا انتهت شكوى هؤلاء الشباب التى تنضح مرارة من تكلفتهم بنفقات استخراج أوراق عديدة دون أن يحصلوا على راتب من عملهم, الذى استمروا فيه مجرد شهرين, يوازى ما تكلفوه من أموال ..! شكوى الشباب لفتت انتباه مجلس النواب الذى تقدم عدد من أعضائه من مختلف الدوائر والمحافظات، بالبيانات العاجلة الموجهة إلى رئيس مجلس الوزراء، بشأن الإجراءات التى وصفوها بالتعسفية إذ تعتزم وزارة التربية والتعليم، إنهاءها للتعاقد مع هؤلاء الشباب!. وطالب البعض باستدعاء وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى، أمام لجنة التعليم والبحث العلمى بالبرلمان، بسبب ما أسموه كوارث المعلمين وأزمات التعاقدات وقرارات تسريحهم، منتقدنى تغاضى الوزارة، عن ملفات المعلمين الكاملة المستوفاة الخاصة بهم وهو ما يعتبر هدراً للكوادر والامكانات المتاحة ويمس الاستقرار الاجتماعى والإنسانى والمهنى لهؤلاء المعلمين والمعلمات مما سيكون له آثار سلبية على أسر هؤلاء المعلمين. ويبقى السؤال الذى يثير اندهاشا غريبا وهو: إذا كانت الوزارة قد تعاقدت مع 36 ألف معلم قبل أربعة أشهر بناءً على المسابقة التى أعلنتها وبالفعل خاص هؤلاء الاختبارات وجرى اختيارهم والتعاقد معهم نظرا لكفاءتهم واستلموا العمل وباشروه لمدة شهرين وأثبتوا كفاءتهم فلماذا هذا الإجراء التعسفى بإنهاء عقودهم وتسريحهم وحرمانهم من العمل مع أن الوزارة تحتاج إلى 70 ألف معلم، كما أعلنت فى هذه المسابقة ووفقاً للاحتياجات المطلوبة.. ولماذا تعتزم الوزارة تكليف ميزانيتها بتنظيم مسابقة جديدة فى الوقت التى تشكو فيه من عدم كفاية الميزانية.. ولك يا أحلى اسم فى الوجود ولشبابك السلامة دائما. لمزيد من مقالات عبد العظيم درويش