بخطوات ثقيلة ووجه شاحب، خرج راهول غاندى، زعيم حزب المؤتمر الهندى العريق وسليل آل غاندى ليلقى خطابا فى مؤتمر صحفى فى دلهى يعترف فيه بهزيمته فى الانتخابات البرلمانية التى أجريت مؤخرا ومسئوليته الكاملة عن تلك الهزيمة، وإن كان قد رفض الحديث عن أسباب الهزيمة أو إعطاء أى تفاصيل حول أداء حزبه أو ما يخطط له خلال الفترة المقبلة، واكتفى راهول بحث أعضاء حزبه ومرشحيه فى الانتخابات ومؤيدى الحزب على ألا يفقدوا الأمل. وقد كان من المتوقع أن يفوز حزب «المؤتمر الهندى» بعدد كبير من المقاعد لاستعادة مكانته مجددا بعد أدائه المخيب للآمال فى عام 2014، حيث تلقى فيها غاندى هزيمة موجعة على يد حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة رئيس الوزراء الحالى ناريندرا مودى، مما جعلها تصنف أسوأ انتخابات خاضها حزب المؤتمر على الإطلاق حيث لم يفز سوى ب 44 مقعدا فقط، ولكن الانتخابات الأخيرة تعد الأسوء بعدما حصل غاندى على ضربة مزدوجة، فقد منى حزبه بهزيمة كبيرة غير متوقعة بحصول حزبه على 52 مقعدًا فقط فى البرلمان مقابل حصول حزب مودى «بهاراتيا جاناتا» على 303 مقاعد، والثانية خسارة حزب المؤتمر الهندى لمقعد بلدة «أمنثى» بولاية أوتار براديش، الولاية الأكثر اكتظاظا بالسكان فى الهند، والتى تنتخب أكبر عدد من النواب 80 من أصل 545 عضواً فى مجلس النواب، والتى كانت مسقط رأس ثمانية من 14 رئيس وزراء هنديا وتعد معقلًا لأسرة غاندى على مدى عقود، حيث كان جد راهول الأكبر هو جواهر لال نهرو أول وأطول رئيس وزراء للهند، وجدته إنديرا غاندى، أول امرأة تتقلد منصب رئيس وزراء للبلاد، كما كان والده أصغر رئيس وزراء فى الهند. وشهدت تلك البلدة معركة انتخابية طاحنة، ورغم كل ما قام به غاندى للاحتفاظ بالمقعد الذى طالما سيطر عليه حزب المؤتمر الهندى من خلال إرساله خطابات لكل منزل فى البلدة تحتوى على أهدافه الانتخابية المدعومة ببعض الكلمات العاطفية، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لتجنيبه الإذلال من خلال صناديق الاقتراع حيث خسر المقعد ليس لسياسى عتيد وإنما لمصلحة الممثلة الشهيرة التى تحولت لسياسية، سمريتى ارانى، ممثلة حزب «بهاراتيا جاناتا» فى المقاطعة، والتى فازت بالمقعد عقب حصولها على تأييد أكثر من 300 ألف صوت. وسيظل غاندى فى البرلمان، لأنه تنافس هذه المرة على مقعد ثان فى مقاطعة وياناد بولاية كيرالا وفاز به. ومع ظهور نتائج الانتخابات أصبحت فرص استعادة حزب المؤتمر الهندى لمكانته القديمة حلما بعيد المنال خاصة مع خسارة عدد من كبار أعضاء الحزب لمقاعدهم، وأرجع أحد مسئولى الحزب، الذى لم يرغب فى الكشف عن اسمه، أهم أسباب الهزيمة إلى تدنى شعبية وتراجع مصداقية مرشحى الحزب خاصة فى ظل عدم وفائهم بوعودهم السابقة مما أدى إلى إنعدام ثقة الناخبين فيهم وفى الحزب الذى ينتمون إليه. ويرى المحللون أن الأداء السياسى لراهول غاندى بدأ يتحسن خلال العامين الماضيين حيث أصبحت حملاته على وسائل التواصل الاجتماعى أكثر ذكاء، وتبنى الدفاع عن كثير من القضايا التى تهم الناخب مثل: ارتفاع معدلات البطالة والتباطؤ الاقتصادى وانتشار العنف، وبدا وكأنه يسير بخطوات جادة لاستعادة أمجاد الحزب. وعزز من فكرة إقدام حزب المؤتمر على التعافى انضمام بريانكا غاندى شقيقة راهول صاحبة الشخصية الكاريزمية إلى السباق، فى ولاية أوتار براديش. ووجد بعض أعضاء الحزب فى بريانكا طوق نجاة لإنقاذ مستقبل الأسرة السياسى، إلا أن الأداء السيئ لحزب «المؤتمر الهندى» أثار ذهول الكثيرين من داخل الحزب وخارجه كما أثار التساؤلات حول ما إذا كانت تلك النتائج تعلن بداية إنهيار حزب «المؤتمر الهندى» ونهاية عصر غاندى، بعدما انهالت عليه الانتقادات وتعرض لحملات تهكم وسخرية على وسائل التواصل الاجتماعى باعتباره زعيما متعثرا وجاهلا، وأنه يبدد الإرث السياسى الذى صنعته عائلته، التى هيمنت على السياسة فى الهند منذ الاستقلال فى عام 1947، وأنه يكتب نهايتها فى الوقت الذى يواصل فيه ناريندرا مودى صعوده، والذى صرح مرارا وتكرارا بأن راهول غاندى لم يصل لمنصبة السياسى بسبب كفائته أو جدارته أو حتى خبرته السياسية بل وصل له بفضل روابطه العائلية ليس أكثر. ووسط كثير من الشائعات والتكهنات حول استقالة غاندى من رئاسة الحزب، خرج رانديب سورجيلا، المتحدث الرسمى باسم الحزب، عقب اجتماع عقده الحزب لمناقشة نتائج الانتخابات ليقول إن غاندى قد تقدم بالفعل باستقالته إلا أن زعماء وقادة الحزب رفضوا قبولها وحاولوا اقناعه بأن مسئولية الهزيمة لا تقع على عاتقه وحده بل إن السبب الرئيسى يكمن فى عدم وضع إستراتيجيات جيدة للحملات الانتخابية للحزب ككل.