استضافت مكةالمكرمة مساء أمس أعمال القمة الإسلامية الرابعة عشرة لدول منظمة التعاون الإسلامى تحت شعار «يدا بيد نحو المستقبل»، بالتزامن مع احتفال المنظمة بذكرى مرور نصف قرن على تأسيسها، وذلك من أجل توحيد الكلمة وتعزيز الجهود لبناء مواقف إسلامية وعربية موحدة وقوية تجاه القضايا المصيرية، ومواجهة التهديدات وتعزيز استدامة الأمن والسلم الدوليين، من أجل تحقيق الاستقرار والازدهار داخل الدول الأعضاء فى المنظمة وخارجها. وبحثت القمة عددا من القضايا المهمة، فى مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع الراهنة فى سوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال، كذلك مشكلة إطلاق صواريخ من قبل مليشيا الحوثى المدعومة من إيران تجاه الأراضى السعودية فى عدوان سافر على أراضى المملكة. وتطرق قادة الدول الإسلامية إلى قضايا مواجهة الإرهاب والتطرف وظاهرة الإسلاموفوبيا واضطهاد الأقليات المسلمة، كما بحثوا عددا من القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية التى تُعنى بها المنظمة، لزيادة التعاون المشترك بين دولها على المستويات كافة. وصرح الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى بأن القمة ركزت على ثلاثة ملفات أساسية: قضية فلسطين، والتصدى للإرهاب والتطرف، وكذلك ظاهرة الإسلاموفوبيا لاسيما مع صعود اليمين المتطرف. ومن المقرر أن يصدر عن القمة الإسلامية «إعلان مكة»، بالإضافة إلى البيان الختامى الذى سيتطرق إلى العديد من القضايا الراهنة فى العالم الإسلامي، ومنها موقف الدول الأعضاء فى المنظمة من آخر المستجدات الجارية فى القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى إعلان موقف موحد إزاء التطورات الأخيرة فى عدد من الدول الأعضاء، فضلاً عن اتخاذ مواقف واضحة من الأحداث الأخيرة الخاصة بالأقليات المسلمة وما يتعلق منها بتنامى خطاب الكراهية ضد الجاليات المسلمة، وما يعرف بظاهرة الإسلاموفوبيا، وضرورة التصدى للإرهاب والتطرف العنيف، وغيرها من القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية التى تُعنى بها المنظمة. ولم يشارك وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، فى الاجتماع الوزارى التحضيرى للقمة ال14 لمنظمة التعاون الإسلامي، وناب عنه وفد من الخارجية. وتناولت القمة برنامج العمل الجديد للمنظمة الذى يشمل 18 مجالاً من المجالات ذات الأولوية و107 أهداف، وهى قضايا السلم والأمن، وفلسطينوالقدس الشريف، والتخفيف من حدة الفقر، ومكافحة الإرهاب، والاستثمار وتمويل المشاريع، والأمن الغذائي، والعلوم والتكنولوجيا، وتغيّر المناخ، والتنمية المستدامة، والوسطية، والثقافة والتناغم بين الأديان، وتمكين المرأة، والعمل الإسلامى المشترك فى المجال الإنساني، وحقوق الإنسان والحكم الرشيد وغيرها. وتعتبر القضية الفلسطينية القضية المركزية لمنظمة التعاون الإسلامي، حيث تأتى هذه القمة فى منعطف خطير فى تاريخ أمتنا الإسلامية، ازدادت فيه التحديات، وتعددت الأزمات، وتعقدت المهام المطلوبة لمواجهتها وعلى رأسها قضية فلسطين، وهناك توافق تام بين جميع الدول الأعضاء بأنه لا مخرج نهائى منه إلا بحل سلمى شامل وعادل يعيد الحقوق إلى أصحابها، بحيث يحصل الشعب الفلسطينى على حقه فى الدولة المستقلة، وعاصمتها القدسالشرقية، وتحرير جميع الأراضى العربية المحتلة، ويتم طى هذه المرحلة المؤلمة، التى استنزفت الأمة الإسلامية والعربية لعقود طويلة. وتصدرت أيضا أعمال القمة قضية مواجهة الإرهاب والتطرف، والتصدى لحملة الكراهية التى تبثها حركات اليمين المتطرف، ووضع الأقليات المسلمة فى العالم، ودعم خارطة طريق لقضايا اقتصادية وثقافية وعلمية عديدة تشغل منظمة التعاون الإسلامى وقادة دولها. وناقش المجتمعون فى قمة مكة احتلال إيران للجزر العربية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة فى الخليج العربي، وكذلك الآثار المترتبة على دعم إيران لميليشيات الحوثى الانقلابية فى اليمن، وإمداد هذه الميليشيات بالأسلحة والصواريخ الباليستية وتعرضها لأمن الملاحة فى البحر الأحمر، فضلا عن الآثار السلبية لوجود ميليشيات إيرانية فى دول أخري كما يبحث المجتمعون كيفية عودة الشرعية لليمن، والحفاظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله، وإجبار الحوثيين على تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطنى الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216، والقرارات الدولية ذات الصلة، كأساس للوصول إلى تسوية سياسية شاملة مستدامة فى اليمن. كما بحث المجتمعون الوسائل الكفيلة بردع الحوثيين الموالين لإيران، عن إطلاق الصواريخ الباليستية فى اتجاه الأراضى السعودية، وتهديد مواقع وسفن النفط فى المملكة والإمارات، وكذلك خروقات الحوثيين لاتفاق ستوكهولم، لا سيما انسحاب الميليشيات من موانئ ومدينة الحديدة، كخطوة أولى تؤسس لسلام حقيقى دائم فى اليمن. وتأتى قضية الصراع بسوريا فى صدارة قضايا قمة مكةالمكرمة ، لا سيما بعد الغضب العربى والإسلامى إثر قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية الصادر بتاريخ 25 مارس 2019 بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، واعتباره باطلاً شكلاً ومضموناً، والذى يمثّلُ انتهاكاً خطيراً لميثاق الأممالمتحدة، الذى ينص على عدم جواز الاستيلاء على أراضى الغير بالقوة، ولقرارات مجلس الأمن الصادرة بهذا الخصوص، وسيبحث المشاركون فى القمم الثلاث تداعيات استمرار الأعمال العسكرية والخروقات التى تشهدها اتفاقيات خفض التصعيد فى عدد من أنحاء سورية، وكذلك كيفية الحفاظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها واستقرارها وسلامتها الإقليمية، فضلا عن دفع العملية السياسية بمشاركة جميع الأطراف السورية، ودعوة جامعة الدول العربية إلى التعاون مع الأممالمتحدة، لإنجاح المفاوضات السورية التى تجرى برعايتها، لإنهاء الصراع وإرساء السلم والاستقرار فى سورية. كما تولى القمة أهمية خاصة لتصاعد التوترات فى ليبيا مؤخرا بعد عملية الجيش الوطنى الليبى لتحرير العاصمة طرابلس من الميليشيات الإرهابية، وتكثيف الجهود للوصول لحل سياسى شامل للأزمة فى ليبيا، والتأكيد مجددا على ضرورة الالتزام بمخرجات الحوار السياسى الذى تم برعاية الممثل الخاص للأمين العام، كذلك التأكيد على دور جامعة الدول العربية والأممالمتحدة، ودعم دور دول الجوار الليبي، ودعوتها إلى الاستمرار فى تقديم الدعم لدفع مسار التسوية السياسية فى ليبيا، بما يصون وحدة وسلامة أراضيها، وحماية مواطنيها وتحقيق الأمن والاستقرار. وفرضت الاضطرابات الشعبية فى السودان والجزائر نفسها على القمة، لتكون عبئاً إضافيا على الدول العربية والإسلامية، التى تعيش كثيرا من المشكلات المماثلة، وبحث المشاركون كيفية دعم السودان والجزائر للخروج من مأزقها الراهن، بما يضمن الحفاظ على أمن واستقرار هذين البلدين العربيين والإسلاميين.