* د. حسين خالد: لا توجد طفرات أو دواء سحرى للشفاء.. والجديد يخضع للمعايير البحثية والأخلاقية * د. ممدوح غنيم: توصلت لعلاج من قشرة الأرز يخفض الإصابة ل50 % * د. توفيق الخضري: لا يوجد علاج مستخلص من الأغذية ما بين الحين والآخر تظهر علاجات جديدة للسرطان، منها ما هو دوائى ومنها مكملات غذائية، وعلاجات طبية، ومنها ما يمكن تصنيفه على أنه «طب بديل» أو علاج بالأعشاب والمواد الغذائية، بعضها مستخلص من مواد طبيعية، زراعية أو معدنية، وبعضها من مواد كيماوية، ومع كل إعلان عن علاج منها يتجدد الأمل لدى المرضى وذويهم، وقد يتحقق النجاح بنسب متفاوتة، وقد يكتشف المتخصصون أن العلاج المعلن عنه يحتاج إلى خطوات ومراحل لترخيصه واعتماده قبل السماح بتداوله، قد تنتهى الخطوات بالتصريح به أو التحذير منه لأنه «وهم»! ولأن الأورام مرض يهاجم مناعة جسم المريض فلا يستطيع مقاومته، فقد ابتكر البعض علاجات مناعية، لكن المتخصصين وحدهم لديهم الإجابة الحاسمة على السؤال الذى لا يفارق المرضى وأهاليهم: هل هناك علاج مناعى حاسم لمرض السرطان بأنواعه المختلفة؟ وهل نجحت الأبحاث العلمية فى التوصل إلى عقار يمكنه القضاء على هذا المرض اللعين الذى يحصد أرواح 10 ملايين مريض كل عام حول العالم، ويصاب به سنويا فى مصر مالا يقل عن 100 ألف مريض؟ وهل تجدى الابتكارات الطبية والعلمية المعلن عنها أخيرا التى تتحدث عن استخراج مستخلصات من قشرة الأرز أو أشياء أخرى فى تقديم بشارة أمل للمرضي؟ أم أنها تسويق للوهم والخيال لمضاعفة أرباح بعض شركات الأدوية ليس إلا؟ هذه الأسئلة طرحتها «تحقيقات الأهرام» على بعض الأطباء والعلماء فى مجال علاج الأورام بعد أن التقت الدكتور ممدوح غنيم الباحث المصرى الحاصل على الدكتوراة من جامعة طوكيوباليابان عام 1980 فى علم المناعة الذرية وأستاذ علم المناعة ورئيس البحث العلمى فى جامعة «تشارلز درو» للطب والعلوم فى لوس أنجلوس ومخترع «علاج مناعي» وصفه بأنه يقضى على مرض السرطان باستخدام قشرة الأرز حصل على براءة اختراعه عام 1992، واسمه العلمى «بايوبرين»، وهو مكمل غذائى للعلاج الكيماوى الذى لو تم استخدامه وحده من غير هذا المكمل الذى اخترعه كما يؤكد يسبب عجزا وتتعود الخلايا المضادة للكيماوى عليه وتتكاثر فى الجسم مرة أخري. ويقول غنيم إن تجارب العقار بدأت أولا على الحيوانات وأظهرت تراجعا بنسب مختلفة لا تقل عن 63% فى النسيج السرطانى فى المعدة والكبد والثدي، ثم أجريت تجارب على البشر فى اليابان وأمريكا وإيطاليا أظهرت أن العلاج يخفض نسبة الإصابة بالسرطان ما بين 30 إلى 50 % ويعمل على تأخير عودة الخلايا السرطانية بنسبة 32 %، كما أظهرت التجارب العلمية أن العقار يحسن «نوعية الحياة»، بل ونجح فى القضاء على سرطان الجلد تماما، وهناك تجارب تمت فى المستشفى العسكرى بفيتنام قام بها أربعة علماء عملوا على تحسين نوعية الحياة بالعقار وكانت النتائج طيبة جدا، كما نجحت تجربة نفذها على العقار الدكتور أحمد السيد من جامعة الزقازيق عام 2018 فى تحسين المناعة لدى كبار السن بعد استخدامه، علما بأن المسنين يعانون عادة من انهيار الجهاز المناعي. ويؤكد الباحث المصرى أن العلاج يستخدم أصلا للوقاية من السرطان ويمنع الإصابة به إذا تم أخذه بانتظام، وهناك حالات عولجت به منذ أكثر من عقدين وما زالوا أحياء يرزقون، فهذا المرض إذا مر على علاجه خمس سنوات فإن المريض سيشعر بأنه لم يعد «كابوسا» كما كان يشعر به فيما مضي. يوزع فى 50 دولة ويؤكد مخترع العقار أنه يوزع فى 50 دولة منها معظم دول أوروبا وأمريكا وكندا واليابان، وهناك مليونا مريض فى العالم يعالجون به، والدولة العربية الوحيدة التى توزعه الأردن، ويؤكد كبار أطباء الطب البديل فى العالم أنه من أفضل الاختراعات منذ اكتشاف المضادات الحيوية عقب الحرب العالمية الثانية، والعقار ينتج فى شكل حبوب وكبسولات وبودرة للأطفال وسعره مرتفع طبعا إذ إن تكلفة 60 قرصا منه 100 دولار، وللوقاية يحتاج الشخص إلى حبة نصف جرام يوميا تكلفه 50 دولارا شهريا، ويمكن أن يكون أرخص إذا تم دعم إنتاجه. سألناه لماذا لم يدخل العقار إلى مصر حتى الآن؟ فأجاب قائلا: تقدمنا إلى الأجهزة المعنية، وأحد الزملاء يقوم بالإجراءات مع وزارة الصحة منذ أكثر من عام ونصف العام وعندما يطلبون إجابات على أسئلتهم من الشركة اليابانية نجيب عليها، ونأمل أن يتم التسريع فى ذلك لخدمة المرضى المصريين سواء بدخول المنتج مباشرة أو تصنيعه فى أحد المصانع التابعة للقوات المسلحة. معايير بحثية وأخلاقية من جانبه، يؤكد الدكتور حسين خالد أستاذ طب الأورام بجامعة القاهرة ووزير التعليم العالى الأسبق أن العلاج التقليدى للأورام بأنواعه ومراحله المختلفة يشمل العلاج الجراحى والإشعاعى والعلاج بالعقاقير، وأن هناك إرشادات دولية علاجية لمرض السرطان يتبعها المتخصصون فى علاج هذا المرض تحدد لكل مريض المفيد له فى كل مرحلة من مراحل المرض، وأى علاج جديد لابد أن يخضع للطرق البحثية والأخلاقية التى تحددها قواعد ومعايير إجراء الأبحاث الطبية. ويشير خالد إلى أن هذه العلاجات المبتكرة أدت إلى أن متوسط نسبة الشفاء من أمراض السرطان كانت نحو 50% فى دولة مثل الولاياتالمتحدة فى السبعينيات من القرن الماضى مما حدا بالرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون إلى إصدار قانون خاص لتشجيع الأبحاث الخاصة بالأورام وتوفير مليار دولار عام 1971 للمعهد القومى الأمريكى للصحة، ونتيجة لذلك ارتفع متوسط مستوى الشفاء إلى 66% العام الماضي، مما يدل على أن البحث العلمى فى هذا المجال مطلوب ومهم، ولكن ليست هناك طفرات أو علاجات سحرية تحقق الشفاء التام والسريع ولا يصح أن نتخيل حدوث ذلك، ولكن ما يجب أن ندعمه هو الوقاية من مسببات الأورام والاكتشاف المبكر لها الذى يزيد من نسب الشفاء. ويرى الدكتور حسين خالد أن استخدام العلاج المناعى من العلاجات المفيدة لأنه يعمل على تحفيز الجهاز المناعى للجسم لمهاجمة الخلايا السرطانية، وذلك يساعد باقى طرق العلاج التقليدى على أداء المطلوب منها فى مكافحة المرض والقضاء عليه. الحذر واجب أما الدكتور توفيق الخضرى نائب مدير مركز أورام المنصورة ورئيس وحدة طب الأورام فينصح بالتعامل بحذر مع الإعلانات والابتكارات الطبية التى نسمع عنها كل يوم، لافتا إلى أنه لم يسمع عن علاج للسرطان مستخلص من الأغذية أو قشرة الأرز. وقال إن العلاجات المناعية أصبحت متوافرة وهى بالعشرات وتصدر هيئة الأدوية الأمريكية نشرات دورية بالموافقة عليها وتستهدف الجهاز المناعى وأثبتت فاعليتها وتساعد جسم الإنسان على مقاومة المرض وتشبه «فرامل» السيارة التى تتعطل وتتم استعادتها للعمل مرة أخرى لتقوية الجهاز المناعى وتحفيز أجهزة الجسم على المقاومة، معتبرا أن الأدوية التقليدية تعتبر «عمياء» لأنها تقاوم السرطان وأجهزة الجسم معا لكن العلاج المناعى مختلف وأعراضه الجانبية أقل. ويرى الدكتور الخضرى أن مشكلة الأدوية المناعية هى أسعارها الباهظة التى قد تكلف المريض نحو 100 ألف جنيه شهريا، وتحاول الشركات تخفيض أسعارها نسبيا وبعضها أصبح معتمدا فى مصر لفاعليته . وفى رأى الدكتور محمد لطيف عميد المعهد القومى للأورام سابقا أن العلاج المناعى يختلف تماما عن العلاج بالتغذية تحت أى مسمي، فالعلاج المناعى موجه إلى الجينات المسببة للسرطان، ولابد لأى علاج أن يكون مرخصا من هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية ولا جدوى هنا من الحصول على براءة اختراع أو توزيع عقار، ويؤكد أن العلاج المناعى يحسن من القدرة على الشفاء فى بعض أنواع السرطانات، وفى أحيان أخرى يحسن من السيطرة على المرض، لكن ليس له علاقة بأى مستخلصات غذائية، مشيرا إلى أن العلاجات المناعية موجودة فى مصر ومشكلتها أنها مكلفة ومرتفعة الثمن، لكن هناك بعض الأنواع التى ثبتت جدواها تصرف للمرضى المستفيدين من التأمين الصحى والعلاج على نفقة الدولة . ويشدد الدكتور لطيف على أن المكملات الغذائية لم يحدث بها تطور ولم يثبت حتى الآن أن لها جدوى فى علاج السرطان، ربما تكون لها جدوى فى المساعدة على تحسين الحالة العامة للمريض إذا كانت مرخصة ولكن حتى الآن لا يوجد علاج للسرطان بالتغذية ومصر جزء من الأبحاث العلمية العالمية ومواكبة لها.