«ياله من منزل تغمره السعادة ذلك الذى يضم صديقا بين جدرانه» ... كلمات بديعة قالها الفيلسوف الأمريكى «رالف ووالدو إمرسن» وهو يتكلم عن الصداقة التى كان يراها مصدرا للنور فى حياة الإنسان ... لذلك كتب عنها كثيرا كتابة تشع عطرا ... كان يقول إذا جاء أصدقائى دون دعوة أقول إن الله العظيم قد أرسلهم إلى ... وكان يحلم بعالم من أصدقاء شجعان متعاونين مبتهجين متحابين ... وكان يعتقد أنه لو كان هناك درس واحد يجب علينا جميعا أن نتعلمه فهو فن الصداقة والود ... ولن ينسى أن ينبهنا إلى ضرورة عدم الخلط بين الصداقة الحقة وبين العلاقات السطحية من أجل منفعة شخصية . قبل الفيلسوف إمرسن وقبل الميلاد طلب منا الفيلسوف الصينى «كونفوشيوس» أن نسارع إلى معرفة اثنين : المتفائل الطموح والطيب نقى القلب ... فالمتفائل يشدك معه صاعدا نحو الأمل ... والطيب لايؤذيك أبدا .... أما أرسطو فقد وضع كلمة الصداقة بجوار كلمة العدل حين قال إذا تصادق الناس وأحبوا بعضهم بعضا لم تعد هناك حاجة إلى العدل .... ولكنهم مهما عدلوا لا يستطيعون الاستغناء عن الصداقة ... وفى الكتابات القديمة وعلى ورقة بردى من العصر الفرعونى كتب أب لابنه المهاجر يناشده العودة ويغريه للرجوع قائلا له : «عد إلى الوطن لتشاهد من جديد المكان الذى نشأت فيه ولتنضم إلى الأصدقاء» . نترك أقوال القدماء .... ونذهب إلى مدرب حياة ... وهى مهنة ظهرت فى أمريكا لتدريب الناس على السعادة وعلى كيفية مواجهة المحن ... واحد من هؤلاء المدربين هو «روبين شارما» الذى يطلب من زبائنه ألا ينسوا خلال انغماسهم فى مشاكلهم اليومية أن هناك كنوزا جميلة حولنا يجب الا ستمتاع بها كعلاقات الصداقة ذات الروابط الإنسانية العميقة ... نذهب أيضا إلى الدراسات الحديثة التى تشير إلى أن الأشخاص المحاطين بالأصدقاء يعيشون أطول من الذين خلت حياتهم من دفء الصداقة ... إلى جانب كل هذه الكلمات البديعة عن الصداقة توجد أقوال بعضها ساخر وبعضها سيئ مثل «إذا أردت أن تحول اصدقاءك إلى أعداء تفوق عليهم» .... و «الرفاهية تصنع الأصدقاء والشدائد تختبرهم» .... و «معظم الناس سيرغبون فى الركوب معك فى سيارتك الفارهة ... ولكن ماتريده هو شخص سيسعد بركوب الحافلة معك عندما تتعطل سيارتك المتهالكة» ... و «إذا أردت أن تعرف من هم أصدقاؤك الحقيقيون ... أدخل نفسك السجن». وفى النهاية ... إذا سألنى أحد ماهى مناسبة الكلام عن الصداقة الآن ... أقول إن العطل الذى أصاب فجأة هاتفى الأرضى والموبايل وجعلنى أعيش يوما كاملا دون أن أسمع صوت أصدقائى ... ذكرنى بمقولة الفيلسوف «إمرسن» والتى تصدرت هذا المقال والتى حولتها أنا لتناسب الموقف إلى : «ياله من منزل كئيب ذلك الذى لا يرن فيه تليفون من صديق !» . لمزيد من مقالات عايدة رزق