أسس الإمام الشافعي -رحمه الله- مذهبه الفقهي على أصول امتازت عن غيره من المذاهب التي سبقته، ويوضح هاني ضوة نائب المستشار الإعلامي لمفتي الجمهورية، أن أصول المذهب الشافعي قد دونها الإمام الشافعي بنفسه في كتابيه “الرسالة”، و”الأم”، فيشير إلى تلك الأصول بقوله: “والعلم طبقات شتى: الأولى: الكتاب و السنة إذا ثبتت السنة، ثم الثانية: الإجماع فيما ليس فيه كتاب ولا سنة، والثالثة: أن يقول بعض أصحاب النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- و لا نعلم له مخالفا منه، والرابعة: اختلاف أصحاب النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- في ذلك، و الخامسة: القياس على بعض الطبقات، ولا يصار إلى شيء غير الكتاب و السنة و هما موجودان، و إنما يؤخذ العلم من أعلى”، إذن وضع الإمام الشافعي -رحمه الله- أصولا خمسة لمدرسته الفقهية رتبها على خمس مراتب، وكل مرتبة منها هي أعلى مما بعدها، كالتالي، الأصل الأول: كتاب الله والسنة النبوية المطهرة إذا ثبتت، فالسنة مع الكتاب في مرتبة واحدة فهي في كثير من الأحوال مبينة له مفصلة لمجمله، والأصل الثاني: إجماع فقهاء الأمة في الأمور التي لم ترد في الكتاب أو السنة، أما الأصل الثالث: فهو الآراء التي قالها صحابة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يخالفهم فيها أحد، والأصل الرابع: يتعلق بالمسائل التي اختلف فيها الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، فكان الإمام الشافعي يأخذ بأقرب هذه الآراء إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ويأتي الأصل الخامس وهو القياس على أمر عرف حكمه بواحد من الأصول الأربعة السابقة، واعتماد الإمام الشافعي على هذه الأصول والمنهجية العلمية قد جعل مذهبه الفقهي يمتاز بالثراء في فروع المسائل والتعرض للكثير من المسائل الفقهية الدقيقة والتأصيل لها وكيفية تكييفها الفقهي على مستجدات الواقع ونوازله، كما أن مرور مذهب الإمام الشافعي بمرحلتين القديم في العراق والجديد في مصر قد أعطى مساحة كبيرة لتلامذة الإمام الشافعي وفقهاء المذهب من بعده لكي يعيدوا النظر من جديد في بعض المسائل ونقد رأي الإمام الشافعي أحيانًا والوصول إلى رأي جديد وفق أصوله.