تظل روسيا هى المتهم الأول والرئيسى فى معظم الأزمات الأوروبية ، فهى بالنسبة لقادة أوروبا مصدر الجواسيس وهجمات القرصنة الالكترونية ومنبع حملات التأثير على الانتخابات فى مختلف الديمقراطيات الغربية. ورغم نفى موسكو هذه الاتهامات وتأكيدها أن نظرية المؤامرة كانت ومازالت وسيلة الغرب فى تبرير ما يشهده من منعطفات، فإن المخابرات الأوروبية أكدت أنها رصدت محاولات روسية للتأثير على انتخابات البرلمان الأوروبى المقبلة بهدف زعزعة كيان الاتحاد الأوروبى من خلال دعم الأحزاب الشعبوية المعارضة للتكتل الأوروبى و الأحزاب الصديقة لروسيا. وأوضحت معلومات مخابراتية أن روسيا استعدت للتأثير على الانتخابات الأوروبية من خلال حملة ترويج ضخمة للأخبار الكاذبة عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعى باستخدام الخوادم والمواقع الزائفة أو ما يطلق عليه «الذباب الإلكترونى» لبث مواد إخبارية ونقاشات مثيرة للتفرقة بين الناخبين الأوروبيين مثل التشكيك فى الأحزاب الأوروبية التقليدية القديمة وفى أهمية البرلمان الأوروبى وتحليلات أخرى مضللة هدفها تحفيز الرأى العام الأوروبى خاصة الشباب ضد المهاجرين وحلف شمال الأطلنطى «الناتو» وغيرها من ثوابت الاتحاد الأوروبي. ويبدو أن الأمر تحول إلى شبه يقين لدى الأوروبيين إزاء مسألة التدخل الروسى حيث أشار تقرير إلى أن نحو 241 مليون أوروبى قد يكونون تعرضوا بالفعل لحملات تضليل تروج لها حسابات «خبيثة» مرتبطة بروسيا بشأن الانتخابات الأوروبية. كما كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية عن تعاون بين روسيا وأحزاب اليمين المتطرف بأوروبا للتأثير على نتائج الانتخابات من خلال استخدام نفس أساليب التضليل والتخويف من استمرار الأحزاب الليبرالية فى الحكم. وأوضحت الصحيفة أن الخوادم التى تم استخدامها لقرصنة الحزب الديمقراطى خلال انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016 ، تستضيف اليوم مواقع تستخدمها أحزاب اليمين المتطرف فى إيطالياوألمانيا مثل حزب رابطة الشمال بزعامة نائب رئيس الوزراء الإيطالى ماتيو سالفينى وحزب البديل من أجل ألمانيا. ويشير مسئولو المخابرات الأوروبية إلى أن محاولات روسيا للتدخل بدت هذه المرة أقل وضوحاً مقارنة بما كانت عليه قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2016 ، والسبب فى ذلك ربما يعود إلى تخوف موسكو من مواجهة إجراءات انتقامية على غرار تلك التى اتخذتها أمريكا وأوروبا ضدها عقب محاولة تسميم عميل روسى مزدوج فى بريطانيا، حيث تم طرد أكثر من 150 موظفا دبلوماسيا من سفارات روسية فى الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الأوروبية. ولمواجهة هذا التهديد، أعلن الاتحاد الأوروبى خطة شاملة لتأمين انتخابات البرلمان من محاولات التدخل الروسى الذى يصفه مسئولون فى بروكسل بأنه يدخل فى إطار سباق التسلح الرقمى بين روسيا والغرب . وفى محاولة من عملاق التواصل الاجتماعى «فيسبوك» لتجنب موجة جديدة من الانتقادات بعد اتهامه بعدم بذل جهود كافية لحماية انتخابات الرئاسة الأمريكية من محاولات التأثير، أنشأت شركة فيسبوك «غرفة حرب» وهى عبارة عن مركز عمليات لمراقبة الانتخابات البرلمانية الأوروبية حيث يتولى موظفو فيسبوك تنقية منصة موقع التواصل الاجتماعى الشهير والتطبيقات التابعة له من المعلومات والحسابات المزيفة وحملات الكراهية والتدخل الأجنبى الذى قد يؤثر على الناخب الأوروبيين.