فى شهر رمضان تضاعف الحسنات، وترى الجميع يتبارى ويسارع فى فعل الخيرات، ومما لا شك فيه أن زكاة الفطر من وجوه الخير، التى سنها الشارع الحكيم تزكية وطهرة للصائمين من اللغو والرفث فى أثناء الصيام، وفى الوقت نفسه هى طعمة للمساكين وإغناء لهم عن السؤال فى يوم عيد الفطر المبارك، وزكاة الفطر لها أحكام ومقدار ووقت إخراج وحكمة مشروعية ولمن تدفع وعلى من تجب وهل يجوز دفعها قيمة. وزكاة الفطر كما يوضح الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء، هى الزكاة التى يجب إخراجها على المسلم قبل صلاة عيد الفطر بمقدار محدد، صاع من غالب قوت البلد على كل نفس من المسلمين؛ لحديث ابن عمر رضى الله عنهما فى «الصحيحين»: «أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرض زَكَاةَ الفِطْرِ من رمضان على الناس صاعًا من تَمْرٍ أو صاعًا من شعير على كل حُرٍّ أو عَبْدٍ ذكر أو أنثى من المسلمين»، ويخرجها العائل عمن تلزمه نفقته، و شرط وجوبها هو اليسار أى الاستطاعة المالية على إخراجها، أما الفقير المعسر الذى لم يفضل عن قوته وقوت من فى نفقته ليلة العيد ويومه شيء، فلا تجب عليه زكاة الفطر؛ لأنه غير قادر. وحول الحكمة من مشروعيتها، أوضح أمين الفتوى، أن الله قد شرعها طهرة للصائم من اللغو والرفث، وإغناء للمساكين عن السؤال فى يوم العيد الذى يفرح المسلمون بقدومه؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»اغْنُوهُمْ عَنْ طَوَافِ هَذَا الْيَوْمِ». وتجب زكاة الفطر بدخول فجر يوم العيد عند الحنفية، بينما يرى الشافعية والحنابلة أنها تجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان، وأجاز المالكية والحنابلة إخراجها قبل وقتها بيوم أو يومين؛ فقد كان ابن عمر رضى الله عنهما لا يرى بذلك بأسا إذا جلس من يقبض زكاة الفطر، كما أنه لا مانع شرعا من تعجيل زكاة الفطر من أول دخول رمضان، كما هو الصحيح عند الشافعية؛ لأنها تجب بسببين: بصوم رمضان والفطر منه, فإذا وجد أحدهما جاز تقديمه على الآخر. إخراجها قيمة وأكد أمين الفتوى أن إخراج زكاة الفطر يكون طعاما لأنه هو الأصل المنصوص عليه فى السنة النبوية المطهرة، وعليه جمهور فقهاء المذاهب المتبعة، إلا أن إخراجها بالقيمة أمر جائز ومجزئ، وبه قال فقهاء الحنفية، وجماعة من التابعين، وطائفة من أهل العلم قديما وحديثا، وهو أيضا رواية مخرجة عن الإمام أحمد. بل إن الإمام الرملى الكبير من الشافعية قد أفتى فى «فتاواه» بجواز تقليد الإمام أبى حنيفة رضى الله عنه فى إخراج بدل زكاة الفطر دراهم لمن سأله عن ذلك، وهذا هو الذى عليه الفتوى الآن؛ لأن مقصود الزكاة الإغناء، وهو يحصل بالقيمة والتى هى أقرب إلى منفعة الفقير؛ لأنه يتمكن بها من شراء ما يحتاج إليه. وبحسب أمين الفتوى بدار الإفتاء فإنه يجوز إعطاء زكاة الفطر لهيئة خيرية تكون كوكيلة عن صاحب الزكاة فى إخراجها إلى مستحقيها، مشيرا إلى أنها أى زكاة الفطر لا تجب عن الميت الذى مات قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان؛ لأن الميت ليس من أهل الوجوب، كما لا يجب إخراج زكاة الفطر عن الجنين إذا لم يولد قبل مغرب ليلة العيد، كما ذهب إلى ذلك جماهير أهل العلم، لكن من أخرجها عنه فحسن؛ لأن بعض العلماء كالإمام أحمد استحب ذلك؛ لما روى من أن عثمان بن عفان رضى الله عنه كان يعطى صدقة الفطر عن الصغير والكبير حتى عن الحمل فى بطن أمه؛ ولأنها صدقة عمن لا تجب عليه، فكانت مستحبة كسائر صدقات التطوع. المستحقون لها وحول المستحقين لزكاة الفطر، يقول الشيخ أحمد ممدوح، إن زكاة الفطر تخرج للفقراء والمساكين، وكذلك باقى الأصناف الثمانية التى ذكرها الله تعالى فى آية مصارف الزكاة، قال تعالى»إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»، ويجوز أن يعطى الإنسان زكاة فطره لشخص واحد، كما يجوز له أن يوزعها على أكثر من شخص، والتفاضل بينهما إنما يكون بتحقيق إغناء الفقير فأيهما كان أبلغ فى تحقيق الإغناء كان هو الأفضل. وأوضح أن قدر زكاة الفطر يكون صاعا من غالب قوت البلد، كالأرز أو القمح مثلا، والصاع الواجب فى زكاة الفطر عن كل إنسان، صاع بصاع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو من المكاييل، ويساوى بالوزن 2.04 كجم تقريبا من القمح، ومن زاد على هذا القدر الواجب جاز، ووقع هذا الزائد صدقة عنه يثَاب عليها إن شاء الله تعالى.