عن تعدد المدارس الفقهية ونشأتها يوضح هانى ضوة نائب مستشار مفتى الجمهورية، أنه بعد النبى ظهرت مدارس واتجاهات فقهية جديدة ومتنوعة، بعد استقرار الصحابة الكرام فى بلدان جديدة فنجد أن أمير المؤمنين الإمام على بن أبى طالب، وسعيد بن زيد، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، وسهل بن حنيف رضى الله عنهم وغيرهم قد سكنوا فى الكوفة، بينما استقر فى البصرة أنس بن مالك وأبو موسى الأشعري، والبراء بن مالك، والحكم بن عمر وغيرهم. أما فى مصر فنجد أن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهما، وفى الشام نجد معاذ بن جبل، وعويمر بن عامر بن زيد أبو الدرداء وغيرهما رضى الله عنهم أجمعين. ومع هذا الانتشار ومع تغير الواقع والأحوال أصبح لهؤلاء الصحابة الكرام مناهج فقهية تتوافق مع الواقع، وتتلمذ على أيديهم التابعون من أهل هذه البلدان وغيرها فطوروا من هذه المدارس بشكل تدريجى وتشكلت بذلك مدرستا أهل الرأى وأهل الحديث، ومنهما ظهرت مذاهب متعددة كان لها أئمة كبار بعضها دامت وانتشرت وتطورت والبعض الآخر اندثر واختفى ولم يسجل، ولكن وصل منه آراء فى بعض المسائل، وظهر مذهب الليث بن سعد، ومذهب الأوزاعي، ومذهب سفيان الثوري، ومذهب داود الظاهري، وغيرها، وظهر كذلك المدارس الفقهية الأربع السنية التى اشتهرت فى ربوع المعمورة وتطورت تطورًا كبيرًا حتى أصبحت مدارس ومذاهب متكاملة، تمثلت فى المذهب الحنفى الذى وضع أصوله الإمام أبو حنيفة النعمان، والمذهب المالكى الذى وضع أصوله الإمام مالك بن أنس، والمذهب الشافعى الذى وضع أصوله الإمام الشافعي، والمذهب الحنبلى الذى وضع أصوله الإمام أحمد بن حنبل، وهذه المذاهب الأربعة تنوعت مدارسها الفقهية ما بين مدرسة أهل الحديث، ومدرسة أهل الرأي، أو المزج بينهما بقواعد وأصول منضبطة. ليس ذلك فحسب بل ظهرت مدارس فقهية غير سنية كذلك، تمثلت فى المذهب الجعفرى الذى وضع أصوله الإمام جعفر الصادق رضى الله عنه الذى كان من أئمة الفقه، حتى قال عنه الإمام أبو حنيفة: ما رأيت أحدا أفقه منه. وذكره ابن حبان فى كتاب الثقات وقال: كان من سادات أهل البيت فقهًا وعلمًا، وظهر كذلك المذهب الزيدى المنسوب إلى الإمام زيد بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم.